لندن: دعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الثلاثاء الى تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في الثامن من يونيو المقبل، في اعلان مفاجئ يعكس رهانا لتعزيز غالبيتها البرلمانية قبل خوضها مفاوضات بريكست.

وقالت ماي في تغيير كبير فاجأ الجميع "نحن بحاجة إلى انتخابات عامة الان. أمامنا الآن فرصة لا تتكرر للقيام بذلك.. قبل بدء المحادثات المفصلة". واعلن زعيم كتلة المحافظين في مجلس العموم ديفيد ليدنتون انه سيتم حل المجلس في الثاني من مايو.

المخرج هيتشكوك!
بالتالي، سيكون عام 2017 السنة الرابعة على التوالي التي تجري فيها عملية تصويت حاسم بالنسبة إلى مستقبل المملكة المتحدة، بعد الاستفتاء على استقلال اسكتلندا عام 2014 والانتخابات التشريعية عام 2015 والاستفتاء على بريكست في يونيو 2016.

وشهد الجنيه الاسترليني ارتفاعا مقابل اليورو والدولار عقب إعلان ماي بعدما انخفض في اعقاب بريكست. وأطلقت بريطانيا عملية بريكست الشهر الماضي، إلا أن المفاوضات من المقرر أن تبدأ بعد اسابيع ما يمنح رئيسة الوزراء فرصة لزيادة الدعم لها في المعارك التي ستخوضها خلال هذه المفاوضات.&

من جهته، أكد الاتحاد الاوروبي ان الانتخابات البريطانية المبكرة "لا تغير خطط" الدول الـ27 الاخرى الاعضاء في التكتل الاوروبي. وكتب رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك هازئا على تويتر ان "هيتشكوك هو مخرج بريكست: بدأ الأمر زلزالا، وبعد ذلك تصاعد التوتر".

ممارسة ألاعيب
الا ان وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل اعرب عن الامل ان تحقق هذه الانتخابات "وضوحًا اكثر" في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.

ورغم رفضها المتكرر الدعوات من داخل حزبها المحافظ لإجراء انتخابات مبكرة، إلا أن ماي قررت الآن الاستفادة من تقدمها على حزب العمال المعارض في استطلاعات الرأي التي أظهرت هامشاً يصل إلى 20 نقطة. &واتهمت ماي معارضيها السياسيين داخل الحزب بـ"ممارسة الألاعيب" بشأن البريكست.&

ويعارض معظمهم الخروج من الاتحاد الاوروبي، وبشكل خاص خطط ماي سحب بلادها من السوق الأوروبية الموحدة. &وتولت ماي(60 عاما) السلطة خلفا لديفيد كاميرون الذي استقال عقب فوز بريكست في يونيو 2016.

وأكدت مرارًا أنها لا تشعر بضرورة الحصول على تخويل شخصي - أو زيادة غالبية المحافظين الضئيلة في مجلس العموم، وأنها ستنتظر حتى موعد الانتخابات المقبل عام 2020. ولكن مع تحديد 2019 موعدا لانتهاء محادثات بريكست واحتمال أن تمتد بعض الترتيبات الانتقالية إلى ما بعد ذلك التاريخ، قررت ماي أن تحسم المسألة مبكرا.&

وبررت قرارها بالقول "لقد توصلت إلى أن الطريقة الوحيدة لضمان الاستقرار والأمن لسنوات مقبلة هو إجراء هذه الانتخابات والحصول على الدعم للقرارات التي يجب أن أتخذها".&

معارك في الأفق
من المقرر أن يعقد زعماء دول الاتحاد الاوروبي الـ27 الأخرى قمة في 29 ابريل، حيث سيتفقون على استراتيجية للتفاوض على خروج بريطانيا المتوقع عام 2019. &ولا يتوقع أن تبدأ المفاوضات قبل مايو أو يونيو في أقرب موعد، وقالت بروكسل إن الإطار الزمني لن يتغير.&

وقالت المفوضية الأوروبية إنها ترغب في الانتهاء من محادثات الخروج بحلول اكتوبر 2018 لاتاحة الوقت للمصادفة على الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه. وحصلت ماي على دعم البرلمان البريطاني لتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة في الشهر الماضي للبدء في عملية بريكست التي تستمر عامين.&

إلا أن المتشككين والمؤيدين للاتحاد الاوروبي يستعدون لخوض المزيد من المعارك حول تفاصيل المفاوضات، ويجادل كبار أعضاء حزب المحافظين مع ماي منذ أشهر لزيادة غالبية الحزب التي لا تتعدى 17 مقعدا في مجلس العموم البالغ عدد مقاعده 650.

تصويت برلماني
وقالت ماي إنها ستطلب من البرلمان الاربعاء التصويت حول إجراء الانتخابات في الثامن من يونيو، وأعلن حزب العمال المعارض أنه سيؤيد ذلك. وأعلن زعيم الحزب جيريمي كوربن "نتطلع إلى أن نظهر كيف أن حزب العمال يقف إلى جانب الشعب البريطاني".&

وأظهرت سلسلة من استطلاعات الرأي التي جرت خلال عطلة عيد الفصح تقدم حزب ماي المحافظ على حزب العمال، حزب المعارضة الرئيس، بفارق كبير.&

فقد حصل حزب المحافظين على نسبة تتراوح بين 38 و46 بالمئة، بينما لم يحصل حزب العمال سوى على 23 إلى 29 بالمئة، بحسب الاستطلاعات التي أجرتها مراكز "يوغوف" و"كومريس" و"اوبنيوم". وكان كوربن، الاشتراكي المخضرم، فاز بزعامة الحزب في سبتمبر 2015.&

ويتمتع كوربن (67 عاما) بدعم القاعدة الشعبية من التيار اليساري، إلا أنه يواجه معارضة من معظم نواب الحزب في مجلس العموم الذين يميلون إلى الوسطية، ويقولون إنه لا يستطيع أن يخاطب الطبقة المتوسطة.

نجاح شعبي
خلافا لكوربن، فقد حققت ماي نجاحاً في مقياس الشعبية، واظهرت الاستطلاعات بشكل عام ارتياحًا ازاء طريقة تعاملها مع فترة التحضير لمفاوضات بريكست. وستجري الانتخابات العامة في جميع مناطق بريطانيا الأربع، وهي انكلترا وويلز واسكتلندا وإيرلندا الشمالية، والتي توترت علاقاتها الدستورية بسبب البريكست.&

وأثار احتمال فرض ضوابط حدودية جديدة مع ايرلندا توترا في أيرلندا الشمالية، بينما تطالب اسكتلندا بالتصويت على استقلالها.&

وقالت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجون زعيمة الحزب القومي المؤيد للاستقلال الذي يحظى بـ54 مقعدا في مجلس العموم من اصل 59 مقعدا لاسكتلندا، إن ماي "ترتكب خطأ كبيرا في الحسابات السياسية".

اضافت "سامنح الناس مرة أخرى فرصة رفض اجندة المحافظين الضيقة التقسيمية وتعزيز التخويل الديمقراطي الموجود حاليا لمنح سكان استكلندا اختيار مستقبلهم".&
&