نشرت صحيفة الفايننشال تايمز مقالا تقارن فيه بين ظروف انتخاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والرئيس الفرنسي المنتخب، إيمانول ماكرون.

يقول فيليب ستيفنس إن وجه الشبه بين ترامب وماكرون يكمن في أن كلا منهما جاء من خارج المنظومة السياسية التقليدية في بلاده، وقلبها رأسا على عقب، وكما واجه ترامب تحديات الواقع، سيواجه ماكرون واقع الانقسام الذي حصل في المجتمع الفرنسي.

لكن الكاتب يفصل بين الرئيسين عندما يشير إلى أن ترامب وصل إلى البيت الأبيض مثقلا بالتهم والانتقادات "التي تعكسها حالة الفوضى في إدارته"، بينما يقول إن ماركون له استراتيجية واضحة المعالم لا ينكرها حتى خصومه.

ويضيف ستيفنس أن ترامب ركب موجة الأزمة المالية، وركود دخل الأمريكيين، فضلا عن تحديات التطور التكنولوجي والعولمة، وعدم اكتراث النخبة بشرائح واسعة من المجتمع تعيش على الهامش، فخرب ثقة الناس في المؤسسات الديمقراطية والليبرالية ، وهو لا يملك حلولا للتحديات المطروحة.

أما ماكرون فهو الذي يمنح فسحة للتفاؤل، ويذكرنا، حسب الكاتب، بأن الناخبين مستعدون دائما للإنصات إلى أي قضية عقلانية، ولم يكن فوزه متوقعا، ولكن فشله لم يكن متوقعا أيضا، وانتخابه دليل على أن الديمقراطية الليبرالية لا تزال على قيد الحياة.

أمن أوروبا

ونشرت صحيفة التايمز مقالا تتحدث فيه عن دور فرنسا، بقيادة إيمانويل ماكرون، في ضمان أمن أوروبا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد.

جنود فرنسيون
Reuters
قوات الجيش الفرنسية تنتشر في المدن لحمايتها من هجمات المسلحين المحتملة

ويقول أدوارد لوكاس إن الرئيس الفرنسي الجديد مطالب بقيادة الاستراتيجية الأمنية للقارة الأوروبية كلها، وإعداد خطة لمجابهة استفزاز الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

ويضيف أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيبقيه بقوة عسكرية كبيرة واحدة هي فرنسا، التي تملك قواتها المسلحة قدرات متطورة برا وبحرا وجوا، وفي المجال الالكتروني، وبإمكانها التدخل في أي منطقة من العالم.

كما أن نفوذ فرنسا أكبر في المحيط الأطلسي وشمال أفريقيا أكبر مثلا من نفوذ بريطانيا.

ويشير لوكاس إلى أن فرنسا تعرضت لانتقاد الأمريكيين بسبب عدم مشاركتها في حرب العراق عام 2003، لكن قواتها المسلحة تدخلت في أزمات عبر العالم، في الأعوام الأخيرة، أكثر من أي دولة أوروبية أخرى.

وعكس بريطانيا تؤدي القوات المسلحة الفرنسية دورا مهما في مكافحة الإرهاب داخليا، إذ ينتشر أكثر من 10 آلاف جندي في المدن الكبرى، لمنع اي هجمات، وتعززت القوات المسلحة المنتشرة لحماية المدن أكثر بعد إعلان حالة الطوارئ في البلاد، عقب هجمات باريس عام 2015.

ولكن الكاتب يرى أن الانقسام في فرنسا يظهر أكثر في الموقف من روسيا، الذي أصبح مرتبطا بالشعور الرافض للهيمنة الأمريكية، المتنامي في مختلف التيارات السياسية يمينا ويسارا.

ويضيف أن من أهم المسائل التي ينبغي على الرئيس الفرنسي الجديد البت فيها هي تدخل روسيا في الانتخابات الفرنسية، من خلال اتهام ماكرون بالتهرب الضريبي وبأنه لعبة في يد المصرفيين اليهود، وكذلك قرصنة الرسائل الالكترونية لحملته الانتخابية، وإن كانت هذه القرصنة لم تحقق هدفها.

أمل الانتخابات الفرنسية

نشرت صحيفة الغارديان مقالا تتحدث فيه عن التغيير السياسي الذي يحدث في أوروبا، وما يمثله انتخاب إيمانويل ماكرون.

وتقول الصحيفة إن رياح التغيير السياسي تعصف بأوروبا، وتشكل فرنسا في هذا التغيير رمزا تاريخيا للرغبة في ظهور وجوه جديدة ومنابر جديدة في الساحة السياسية، لأن المنظومة القديمة الموروثة عن فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت بالية لا تفي بالغرض الآن.

ماكرون وزوجته
Reuters
إيمانويل ماكرون وزوجته وجوه جديدة وأسلوب جديد في السياسة الفرنسية

وتضيف أن انتخاب إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي سمح بظهور تيار سياسي جديد في الساحة السياسية الفرنسية، وهناك توقعات بحصول تحولات مماثلة في بلدان أوروبية أخرى، وهو أمر طبيعي ناتج عن تفتت القناعات التقليدية في اليمين واليسار.

فالناخبون، حسب الصحيفة، يبحثون عن شيء جديد لا علاقة له بالقديم، ولا يدخل في القوالب المعتادة، وليس متطرفا، ويمكنه أن يستجيب لمطالبهم.

وعلى الرغم من أن ماكرون ليس من خارج المنظومة السياسية التقليدية تماما، مثلما يريد تصوير نفسه، فإن حركته "إلى الأمام" تنسجم تماما مع هذا التوجه الجديد، إي أنه ليس يمينيا ولا يساريا، يسعى إلى الربط بين القيم الليبرالية في الاقتصاد والقيم الاجتماعية.

لكن الصحيفة تشير إلى أن الطريق ليس ممهدا أمام "جمهورية" ماكرون "إلى الأمام"، والدليل أنها فشلت في تعيين مرشحين لها في جميع المناطق في الانتخابات التشريعية الحاسمة المقررة الشهر المقبل، لأن الخلافات التي نتجت عن الانتخابات الرئاسية عميقة.

وتضيف أن المخاوف من زحف اليمين المتطرف في أوروبا، تبددت بفضل هذه الانتخابات.