اعتبر عدد كبير من الكتاب في الصحف العربية أن فوز إيمانويل ماكرون على مرشحة أقصى اليمين مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية الفرنسية "انتصارا للاعتدال ولقيم الاتحاد الأوروبي، وضربة لليمين المتطرف".
"لحظة تاريخية"
تصف مينا العريبي في الشرق الأوسط اللندنية انتخاب ماكرون بأنه "لحظة تاريخية"، وإشارة إلى أن "أوروبا تستعيد توازنها". وتقول: "في نهاية المطاف، هذا الفوز ينعكس على أوروبا ويقلب المسار ضد التطرف اليميني الذي أخذ يمتد تحت غطاءات مختلفة، منها العنصرية ورفض العولمة التي يجسدها الاتحاد الأوروبي".
وتضيف الكاتبة: "عام 2017 عام الانتخابات الأوروبية بجدارة، لتصبح الانتخابات شبه استفتاء على مستقبل التحالف الأوروبي، الذي ابتعد كل البعد عن وهجه عام 2012 عندما احتفل بفوزه بجائزة نوبل للسلام".
أما فيصل ملكاوي فيقول في جريدة الرأي الأردنية: "فوز ايمانويل ماكرون شكل ضربة قوية لليمين المتطرف وهذا الفوز هو خط دفاع صلب ليس عن أوروبا فقط باتحادها الذي أنقذته إرادة الفرنسيين من الانهيار بل وأيضاَ انتصار مؤزر للقيم العالمية كلها، التي تعلي قيم الديمقراطية والحرية والمساواة والشراكة والبناء ورفض التهميش والإقصاء والكراهية رغم أن الحالة الدولية تجاوزت في كثير من الأحيان تلك القيم لكنها لم تستطع محوها".
وعبرت جريدة الرياض السعودية في افتتاحيتها عن الارتياح لفوز ماكرون على لوبان التي وصفتها ﺑ "اليمينية المتطرفة التي رفعت العديد من الشعارات التي تشجع على انتشار الكراهية في المجتمع الفرنسي والعداء للمهاجرين والأقليات الدينية فيه إضافة إلى تهديدها بخروج باريس من الاتحاد الأوروبي".
وأضافت: "ما يهمنا في العالمين العربي والإسلامي هو أن الرجل وعلى العكس من منافسته في الانتخابات لا يكّن العداء للإسلام والمسلمين ويرى أن الديمقراطية التي قامت عليها فرنسا يجب أن تقبل بالأديان وتمنح معتنقيها حرية ممارسة شعائرهم، وكذلك رؤيته فيما يتعلق ببراءة الإسلام كدين سماوي من الإرهاب، وهذه مؤشرات تبشّر بمستقبل جيد في العلاقات العربية - الفرنسية".
ورحب جمال لعلامي في جريدة الشروق الجزائرية أيضاً بفوز ماكرون، قائلاً: "صعود ماكرون الذي يُراد له أن يكون صديقاً للجزائريين، بعد ما أبدى حسن النية، بتقديمه عربون المحبّة، خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر، حيث جرّم الاستعمار الفرنسي واعتبره صفحة سوداء في تاريخ بلاده، لكن المرحلة القادمة، ستكشف النوايا الحقيقية، لخليفة فرانسوا هولاند، وأيضا للمجموعة التي تقف وراءه، على حدّ تعبير منافسته مارين لوبان!"
ووصف لعلامي سقوط لوبان بأنه "انتصار لكلّ العرب والمسلمين، وانتصارللمهاجرين والجاليات".
"نصف انتصار لماكرون"
ورغم التفاؤل، يحذر باسم الجسر في الشرق الأوسط اللندنية: "مرت الانتخابات الرئاسية الفرنسية بسلام وانتصر الاعتدال ورغبة التغيير فيها على التطرف والسلبية. إلا أن الستار لم يسدل على المسرح السياسي الفرنسي بعد وصول ماكرون إلى قصر الإليزيه. فالرئيس الجديد ليس له حزب يسانده في الحكم ولا أكثرية نيابية تقر مشاريعه الإصلاحية، لا سيما أن الانتخابات النيابية سوف تجرى بعد شهر".
وبالمثل يرى أمين بن مسعود في العرب أن السباق الرئاسي كان "نصف انتصار لماكرون" و"نصف هزيمة للوبان"، ويقول: "الضربة القاصمة لليمين المتطرف لم تحصل، انتصر ماكرون بهامش معتبر ولكنّه في المحصلة فاز بالنقاط بنصف انتصار، وفي المحصلة أيضاَ رسملت الجبهة الوطنية خزاناً انتخابياً كبيراً يقرب على الأربعين بالمائة من جملة المصوتين، بنصف هزيمة".
وعلى نفس المنوال، تقول جريدة اليوم السعودية: "رغم ما أعلنه الرئيس الفرنسي )المنتخب) في خطابه؛ بمناسبة فوزه واعتلائه سدة الحكم في فرنسا من اتخاذ خطوات متنامية لصناعة مستقبل واعد لبلاده، وتعزيز علاقاته مع المنظومة الأوروبية، إلا أن من الضرورة بمكان أن تواجه فرنسا ظاهرة الإرهاب وتضع يدها بيد المملكة [السعودية] الدولة الأولى المعنية بمواجهة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط".
كما يشير حسين درويش في البيان الإماراتية إلى أن "فرنسا اليوم ليست فرنسا الحلم"، قائلاً: "انشغل العالم بهذه الانتخابات رغم أن الرئيس المنتخب من حديقة بيضاء! حيث لا حزب أنجبه ولا مؤسسة عريقة تحميه، فقط نادى بحركة وسطية (إلى الأمام) فانتخبه الفرنسيون لأنهم لا يريدون العودة إلى يسار خائب أو إلى يمين متعصب، أرادوا شكلاً جديداً بمذاق معاصر لفرنسا جديدة".
التعليقات