سيول: اعتبر محللون ان التجربة الصاروخية الأخيرة لكوريا الشمالية شكلت خطوة بارزة الى الأمام في قدراتها التسليحية، لكن بيونغ يانغ تتطلع على الأرجح الى كسب نقاط قوة قبل العودة الى طاولة المفاوضات.

وصاروخ هواسونغ-12 المتوسط المدى الذي أطلقته كوريا الشمالية الاحد هو بحسب المحللين الأطول مدى من بين الصواريخ التي تمتلكها كوريا الشمالية. 

وهو التجربة الصاروخية العاشرة هذا العام بعد أكثر من عشر تجارب في العام الماضي، مع تكثيف كوريا الشمالية جهودها لتطوير صاروخ بالستي عابر للقارات وقادر على حمل رأس نووي وايصاله الى الولايات المتحدة، وهو أمر تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه "لن يحصل ابدا".

وقالت ميليسا هانهام من معهد ميدلبيري للدراسات الدولية في كاليفورنيا لفرانس برس ان "الزعيم كيم جونغ-أون سرّع وتيرة التجارب مقارنة مع والده وجده، وهو ما بدأ يعطي ثماره (...) هذا دليل واضح على تحقيق تقدم".

وتمتلك بيونغ يانغ منذ مدة طويلة صواريخ سكود يبلغ مداها 500 كلم قادرة على ضرب أهداف في كوريا الجنوبية، وصاروخ رودونغ الذي يصل مداه ما بين 1000 و1300 كلم وقادر على ضرب أهداف في اليابان. 

لكن مع صاروخ هواسونغ-12 الذي يقال ان مداه يصل الى 4500 كلم، فان القواعد الأميركية في جزيرة غوام في المحيط الهادي تصبح في مرمى النيران الكورية الشمالية.

والأبرز في نتائج التجربة ان الصاروخ الجديد قد يكون خطوة على طريق بناء صاروخ فعال عابر للقارات، وهو ما قد يغيّر بشكل أساسي التقديرات حول الخطر الذي تشكله بيونغ يانغ.

وفي موقع "38 شمال" كتب المهندس المختص بالصناعات الفضائية جون شيلينغ "انه ليس الصاروخ المنشود، لكن قد يكون حقل اختبار لاستعراض تقنيات وأنظمة يمكن استخدامها في صاروخ مستقبلي عابر للقارات"، مضيفا انه قد يمثّل المرحلتين الاوليين من هذا السلاح.

وأشار الى ان بيونغ يانغ "قد تكون أقرب الى امتلاك صاروخ عابر للقارات وجاهز للتشغيل أكثر مما تم تقديره سابقا".

وصاروخ عابر للقارات جاهز للتشغيل يحتاج الى رأس نووي يحمله. 

وزعمت وكالة الانباء المركزية الرسمية في كوريا الشمالية ان التجربة الاخيرة اثبتت التقنيات الجديدة الرائدة، وان الصاروخ "قادر على حمل رأس نووي كبير وثقيل".

 وقالت هانهام لفرانس برس انه كان "منطقيا قيامهم بتصنيع رأس نووي مضغوط بعد خمس تجارب نووية"، لكن التعبير الذي استخدمته وكالة الأنباء الكورية هو "ملفت ولكن غامض".

وأضافت "من الصعب حقا أخذ مزاعمهم على محمل الجد بدون تأكيد من حكومات أخرى". 

-"كلما كنت أكبر..."

وجاءت التجربة الصاروخية بعد اربعة أيام على استلام رئيس كوريا الجنوبية الجديد مون جاي-ان منصبه، وهو رئيس يميل الى اليسار ويؤيد المصالحة والحوار مع بيونغ يانغ من أجل كبح طموحاتها النووية.

ومون كان قبل عقد تقريبا عضوا في آخر حكومة ليبرالية لكوريا الجنوبية سعت الى ما سمي ب "سياسة الشمس المشرقة" في سياستها حيال الشمال، وهو أعلن خلال حفل القسم انه قد يزور بيونغ يانغ "في الظروف المناسبة".

لكن بدلا من ذلك فان التجربة الصاروخية طرحت عليه "سؤالا بالغ الصعوبة"، كما يقول كو كاب-وو من قسم دراسات كوريا الشمالية في جامعة سيول.

وأضاف كو "في الظروف الحالية، من الصعب جدا اجراء اي محادثات مع الشمال".

لكنه اعتبر ان توقيت الاطلاق في وقت قريب من تنصيب مون كان مصادفة الى حد بعيد، مضيفا "انهم ماضون فقط بشكل ثابت نحو هدفهم بامتلاك قدرات نووية رادعة".

وانتقد الرئيس الكوري الجنوبي التجربة ووصفها بانها "استفزازا متهور"، وقال ان الحوار ممكن فقط "في حال بدّلت بيونغ يانغ سلوكها".

وأشار كو الى ان الشمال "يرغب بشدة بالتحدث مع واشنطن"، وأيد ذلك مسؤول كوري شمالي رفيع بعد لقاء مع مسؤولين أميركيين سابقين في أوسلو في النروج.

وجاءت هذه الملاحظة بعد اسبوعين على تصريح لترامب قال فيه انه "يتشرف" بلقاء كيم، بعد المشاحنة بينهما التي أثارت التوتر في المنطقة.

وتشدد بيونغ يانغ على الحاجة الى أسلحة نووية تقيها التهديد بغزوها من قبل الولايات المتحدة، ولا تظهر أي استعداد للتخلي عن هذا الطموح، مهما تم تقديم من تنازلات لها.

والزعيم الشاب في كوريا الشمالية أكثر إصرارا على تقديم بيونغ يانغ كعاصمة على قدم المساواة مع واشنطن وبكين وتمتلك مثلهما أسلحة مدمرة، كما قال تشوي كانغ من معهد آسان للدراسات السياسية في سيول.

وقال تشوي لفرانس برس "كلما كنت أكبر، ستكون لديك ميّزات أكبر خلال المفاوضات. والا فانهم سوف ينظرون اليك من الأعلى". 

واضاف "في حقبة كيم جونغ-أيل، أطلقت كوريا الشمالية الصواريخ للفت نظر واشنطن (...) لكن أختلف الوضع الآن".