رجحت غالبية قراء "إيلاف" اتجاه الأزمة السورية نحو الحل، بفعل الزخم الروسي، وعلى الرغم من التباين الروسي التركي بشأن حل مسألة مدينة "إدلب".

مروان شلالا من بيروت: استعاد النظام السوري أنفاسه، بفعل التنفس الاصطناعي الروسي "القوي". فبعدما فقد هذا النظام معظم الأراضي السورية في الأعوام الأربعة الأولى من الحرب الأهلية، تمكن الروس من إعادة جزء كبير من الأراضي التي خرجت من سلطته إلى دائرة "خفض التوتر"، المصطلح الذي أطلق على المناطق التي يستعيدها الروس ليستكين أهلها إلى هدوء نسبي من دوي المدافع وهدير الطائرات الحربية.

تراجع أميركي

اليوم، وبعد تراجع مريع أصاب المعارضة السورية المسلحة منذ سقوط حلب في يد النظام، هل وجدت الأزمة السورية طريقها إلى الحل؟ سؤال طرحته "إيلاف" على قرائها، فأجاب 63 في المئة منهم بالإيجاب، بينما وجد 37 في المئة منهم أنها تتجه نحو التصعيد.

يبدو أن حل الأزمة السورية بأي ثمن وبأي طريقة بات موضوع توافق أميركي – روسي، حتى لو اضطر الأميركيون إلى التنازل عما طلبوه في بداية الأزمة: تنحي رأس النظام السوري.

في أبريل الماضي، قالت نيويورك تايمز إنه بعد سبع سنوات من الحرب، يرى بعضهم أن الطريق الوحيد الواقعي لوقف الحرب والسماح للدولة بالتحرّك إلى الأمام هو الاعتراف بأن بشار الأسد سيبقى في السلطة، والسماح له عمليًا بالانتصار. وهذا هو بيت القصيد الروسي في الحرب أصلًا.

يضيفون، بحسب الصحيفة، أنه بمجرد أن تُلقى الأسلحة، يمكن مناقشة مشكلات سوريا المهمة الأخرى، مثل القتال بين تركيا والأكراد في الشمال، وحرب الظل بين إيران وإسرائيل، وإعادة إعمار المناطق المدمرة.

اشارت الصحيفة إلى أنه لطالما كان التخلي عن كل ذلك للأسد أمرًا مرفوضًا في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى؛ حيث يعتقد صانعو السياسات أنه يجب معاقبته على وحشيته في أثناء الحرب. لكنها نسبت إلى جوشوا لانديس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، قوله: "أنتم لا تعاقبون الأسد، أنتم تعاقبون السوريين الفقراء، وإذا كانت أهداف أميركا هي مواجهة الإرهاب وعودة اللاجئين، فكل ذلك سيفشل".

تعويم الأسد

أحد العوامل المساهمة في حل الأزمة السورية، ربما، بحسب المراقبين، هو قدرة روسيا اليوم على إعادة تأهيل الأسد دوليًا. فهل ستستطيع ذلك؟

تدرك روسيا أن الحاجة الدولية إلى نظام الأسد انتهت، بعدما استطاعت الولايات المتحدة، ومن خلفها الحلفاء الأوروبيون، استعادة&معظم المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وعلى رأسها الرقة، من دون التنسيق مع النظام السوري أو التعاون معه؛ وبالتالي استهلكت ورقة محاربة الإرهاب التي كان يتذرع بها النظام السوري لدعوة الأطراف الغربية إلى الحوار معه، ولم يعد هناك سوى ورقة اللاجئين التي يمكن أن تغيّر الموقف الغربي من النظام السوري.

على الرغم من أنه لا يمكن استبعاد ارتفاع بعض الأصوات الهامشية الغربية التي قد تنادي بالحوار مع الأسد في المستقبل، باعتبار وجوده في الحكم أمرًا واقعًا، ستكون التكلفة السياسية لهذا الحوار مرتفعة؛ فالأسد في عين المجتمع الدولي، باستثناء روسيا وإيران، مجرم حرب بسبب جرائمه ضد الشعب السوري، وهذا ما تؤكده عشرات التقارير الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والجمعية العامة للأمم المتحدة، ولجنة التحقيق الدولية المستقلة، وغيرها من هيئات ومنظمات دولية؛ ما يعني أنّ أي دعوة إلى لقاء الأسد أو الحوار معه ستكون مكلفة.

لذلك، يرجّح أن تصطدم محاولة روسيا إعادةَ تأهيل النظام السوري بعقبة رئيسة متمثلة بالرأي العام الغربي الذي لن يتقبّل بسهولة عملية شرعنة مجرم حرب. وهذا ما قد يؤسس لبؤرة توتر إضافية إقليمًا ودوليًا، لن تجد مسرحًا لها إلا سوريا، نقطة الضعف وعدم الاستقرار في المنطقة.

مسألة إدلب

ثمة عقبة أخرى كبيرة تعيق مساعي حل الأزمة السورية اليوم، هي مسألة "إدلب"، خصوصًا في وجود العامل التركي المؤثر هناك. فقد كررت تركيا رفضها أي تدخل عسكري من النظام السوري وداعميه في إدلب، في الوقت الذي تمسكت فيه روسيا بأن اتفاق مناطق خفض التصعيد، الذي يشمل إدلب، والذي تم التوصل إليه في مباحثات أستانة، لا يشمل "جبهة النصرة" ومن تسميهم "التنظيمات الإرهابية".

واحتلت إدلب الأولوية في مباحثات أجراها وزيرا خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، وروسيا سيرغي لافروف، في أنقرة في 15 أغسطس الجاري، وبدا أن هناك تباينًا بينهما في هذا الإطار.

قال جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي، إن بلاده لن تسمح بارتكاب المجازر في إدلب، مُشيرًا إلى وجود 12 نقطة مراقبة تركية أنشئت في محيطها بموجب اتفاق مناطق خفض التصعيد الذي تم التوصل إليه في أستانة. وأضاف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي: "قصف كامل إدلب وسكانها بذريعة وجود إرهابيين يعني ارتكاب مجازر لن نسمح بها".

أضاف: "ينبغي تحديد الإرهابيين ومحاربتهم ولا يصح شن حرب شاملة على إدلب وقصفها بشكل عشوائي، ومن المهم التمييز بين الإرهابيين ومقاتلي المعارضة وما يصل إلى 3 ملايين مدني في إدلب. علينا تحديد هذه التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها بواسطة المخابرات والقوات العسكرية. قصف إدلب والمدنيين والمستشفيات والمدارس لمجرد أن هناك إرهابيين، سيكون مذبحة".

تابع: "علينا التمييز بين المعارضين المعتدلين والمتطرفين. السكان المحليون والمعارضون المعتدلون منزعجون جدًا من هؤلاء الإرهابيين، لذلك يتعين علينا جميعا قتالهم». وكان إيان إيغلاند مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ذكر الأسبوع الماضي أن تركيا وروسيا وإيران اتفقت على بذل ما في وسعها لتجنب وقوع معركة في إدلب".

إلى ذلك، ذكرت مصادر إعلامية تركية الأحد أن ضباطًا أتراكاً أكدوا عزم الجيش التركي على تزويد نقاطه في ريف إدلب بمضادات طيران حديثة، في إجراء احترازي تحسبًا لأي نقض لاتفاق "خفض التصعيد" هناك.