أسامة مهدي: يواجه العراق أزمة نقص حادة في المياه والطاقة الكهربائية تفجرت مع دخول البلاد فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، فيما يعقد البرلمان الأحد جلسة طارئة في محاولة لاتخاذ اجراءات تعالج الازمتين. بينما دعت قيادات سياسية الى تحرك عاجل لمعالجة الامر ووعدت تركيا بالتعاون مع العراقيين لتجاوزهما.

وقرر مجلس النواب العراقي الالتئام الاحد في جلسة طارئة لمناقشة ازمتي المياه والكهرباء بحضور حسن الجنابي وزير الموارد المائية وممثلين عن وزارتي الخارجية والزراعة.

إيران تقطع مياه الزاب الصغير

أعلنت مديرية السدود في إقليم كردستان عن قطع ايران مياه نهر الزاب الصغير عن الاقليم ما تسبب بأزمة في المياه.

وقالت في بيان "إن ايران قطعت تدفق مياه نهر الزاب الصغير إلى داخل اراضي إقليم كردستان، ما تسبب في أزمة لمياه الشرب في قضاء قلعة دزة بمحافظة السليمانية".

واشارت الى ان قطع مياه النهر تزامن مع موعد إطلاق المياه من إقليم كردستان الى مناطق جنوب العراق، موضحة ان نائب رئيس حكومة الاقليم ووزير الزراعة في إتصال مستمر مع ايران، بالاضافة الى الاتصالات مع وزارة الموارد المائية في الحكومة الاتحادية لمعالجة الموضوع".

كما قالت وزارة الزراعة ان مشكلة حدثت في تزويد مياه الشرب في بلدة "قلعة دزة" شمال مدينة السليمانية، مشيرة الى ان ذلك تسبب بعطش المدينة وتوقف وصول مياه الشرب الى المنازل.

واوضحت أن ايقاف تدفق مياه الزاب الصغير يتزامن مع موعد اطلاق المياه من اقليم كردستان باتجاه أراضي وسط وجنوب العراق لكن السلطات الإيرانية عمدت الى ايقاف الحصص المائية في هذا اليوم للمرة الثانية خلال عامين.

ومن جهتها، اكدت حكومة إقليم كردستان ان وزير الزراعة والموارد المائية بالوكالة ريباز حملان وقباد طالباني نائب رئيس وزراء الإقليم على اتصال مع القنصل الإيراني في كردستان والجهات المعنية لحل تلك المشكلة.

علاوي والمالكي والحكيم يدعون لتحرك عاجل مع تركيا

دعا نائب رئيس الجمهورية زعيم ائتلاف الوطنية اياد علاوي الى مؤتمر وطني عاجل لتدارك أزمة الجفاف ووضع الحلول اللازمة لتجاوزها.

جاء ذلك عقب مناقشته في اجتماع مع وزير الموارد المائية حسن الجنابي وضع الموارد المائية في العراق والسبل الكفيلة بتجاوز أزمة الجفاف التي تسبب بها التصحر، وكذلك فقدان حوالي 50% من كمية المياه الواردة من ايران وتركيا، حيث أكد الجنابي ضرورة الفصل التام بين موارد المياه للارواء الزراعي ومياه الشرب للمواطنين، مشددًا على ضرورة بناء استراتيجيات واضحة وانشاء محطات تحلية مياه البحر في جنوب العراق وديمومة الكري لنهر دجلة ورفع مناسيبه كحلول لتوفير المياه للمواطنين.

وبعد الاستماع الى ملاحظات الوزير دعا علاوي الى عقد مؤتمر وطني عاجل لتدارك أزمة الجفاف ووضع الحلول اللازمة لتجاوزها كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي تسلمت "إيلاف" نصه.

كما شدد على ضرورة توظيف واستثمار المنح والقروض التي يحصل عليها العراق، وفق رؤى وخطط استراتيجية تدعم قطاع الموارد المائية بعيدا عن المصالح الحزبية والشخصية.

أما نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي فقد دعا الحكومة إلى تحرك سريع مع أنقرة لإنهاء أزمة المياه، وقال انه يتابع بقلق شديد خطر إجراءات الحكومة التركية وتسببها بشح المياه نتيجة بناء السدود على حساب حياة العراقيين، متهمًا تركيا بالإصرار على سياسة الإضرار بالعراق رغم كل النداءات والمفاوضات، كما نقل عنه مكتبه الاعلامي.

وطالب المالكي تركيا بإعادة النظر بمواقفها إزاء العراق وطالب الحكومة العراقية والبرلمان والكتل السياسية الى توجيه رسالة واضحة إلى تركيا "بأنها بعملها هذا تمهد لإيجاد حالة نزاع وصراع بين البلدين الجارين لا نريد لها أن تكون".

أما رئيس التحالف الوطني "الشيعي" عمار الحكيم فقد حذر من تداعيات ومخاطر استئناف الخزن في سد اليسو التركي على العراق.

وقال الحكيم في بيان صحافي اطلعت على نصه"إيلاف" اليوم انه يتابع بقلقٍ بالغ الأنباءَ التي تتحدثُ عن الخطرِ الذي يهددُ العراق بعد استئنافِ الخزن في سدِّ اليسو التركي والذي سيكون ذات تداعيات خطيرة على الصعدِ البيئية والاقتصادية وحتى الاجتماعية في العراقِ ولا سيما بعدَ التقارير الميدانية التي تؤكدُ تراجع منسوب مياه نهر دجلة.

وحذر من الآثارِ الخطيرة التي تستهدفُ الإنسان والثروتين الزراعية والحيوانية والتركيبة السكانية والحركة السكانية.

ودعا الحكومةَ الى التعاملِ مع هذا الملف الحساس بجدية وتفعيل القنوات الدبلوماسية كافة مع الجارةِ تركيا، محملاً المجتمع الدوليّ مسؤولية إلزامِ دول الجوار بقانونِ الدول المتشاطئة لمراعاةِ حصة العراق المائية.

وطالب الحكيم الحكومة والبرلمان بالإسراع بوضعِ خطة عاجلة ورصينة لإنشاءِ السدود والخزانات المائية على نهري دجلة والفرات لتلافي الأخطار المحدقة مستقبلا.

وزير الموارد المائية: مباحثات في تركيا وإيران

ومن جانبه، قال وزير الموارد المائية العراقي حسن الجنابي إن الحكومة التركية بدأت بملء سد إليسو الذي أنشئ على نهر دجلة وهو ما لوحظ مباشرة على النهر في الجانب العراقي بانخفاض مناسيب مياهه.

واشار الجنابي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لمجلس الوزراء مهدي العلاق ووزيري الكهرباء قاسم الفهداوي والاعمار والإسكان والبلديات والاشغال العامة آن نافع أوسي وأمينة بغداد ذكرى علوش في بغداد أمس، أن "الجانب التركي بدأ بملء السد ولدينا اتفاق معه بشأن حصة المياه التي تُخزن والكميات التي ستطلق ويستمر هذا الاتفاق حتى نوفمبر المقبل.

وأوضح ان مباحثات عراقية تركية ستجري في ذلك الوقت بمدينة الموصل لمراجعة الاتفاق والنظر به وفق المعطيات الجديدة.

واضاف الجنابي انه سيزور ايران في 19 من الشهر الحالي وقبل هذا التاريخ سيذهب الى تركيا من اجل مناقشة موضوع قلة مناسيب المياه والامور التي تقلق المواطنين مؤكدًا انه سيعمل على تحقيق نتائج جيدة بين الدول المتشاطئة من هاتين الزيارتين.

لكن الوزير قال إن مياه الشرب للمواطنين مؤمنة موضحا ان وزارته تقدم خدماتها في ظروف سياسية محلية واقليمية بالغة الصعوبة مؤكدا ان مياه الشرب مؤمنة وكذلك ارواء ما يقارب من 600 الف دونم من المحاصيل الصيفية وحوالي مليون دونم من البساتين.

وامس، اعلن مدير مشروع سد الموصل رياض عزالدين عن انخفاض مناسيبه، فيما اكد ان كميات المياه الواصلة من تركيا انخفضت 50%.

وخلال اليومين الماضيين، بدأت آثار ملء سد اليسو التركي تظهر على نهر دجلة في العاصمة بغداد ومدينة الموصل الشمالية، بانخفاض مناسيب المياه إلى حد كبير، وهو ما أثار رعب المواطنين من جفاف سيضرب مناطقهم ومحاصيلهم الزراعية.

وزير الكهرباء يقر بالفشل

وزير الكهرباء قاسم الفهداوي أقر بعجز وزارته عن مواكبة تزويد الطاقة للمناطق المشمولة بمشروع الخصخصة الذي تم اعتماده مؤخرا في العاصمة بغداد.

وطالب الوزير المواطنين بترشيد الاستهلاك للطاقة مرجعًا سبب أزمة الكهرباء الحالية في البلاد إلى زيادة الاستهلاك.

وأشار إلى أن "الفرق بدرجات الحرارة العام الحالي والماضي بنحو 4 درجات زيادة، وهذا أمر لا يمكن توقعه بهذه الحدة"، متعهداً بالتغلب على الازمة خلال الأيام المقبلة وتوفير الطاقة بشكل مقبول للمواطن.

ونوه الى ان بعض المناطق أفرطت في استخدام الطاقة الكهربائية وتجاوزت ما حدد لها، مما أدى الى شمولها بالقطع المبرمج لساعات محدودة.

واشار الى وجود مشاكل في التوليد والتوزيع، إضافة الى حصول إخفاقات في عدالة التوزيع بسبب بعض الموظفين المسيئين الذين يفضلون مناطق على مناطق أخرى متعهدًا بكشفهم ومحاسبتهم وتحقيق المساواة في تجهيز الطاقة الكهربائية.

وتعاني عدة محافظات عراقية من تردي التيار الكهربائي، الامر الذي دفع المواطنين في تلك المحافظات الى الخروج بتظاهرات احتجاجية.

تركيا تتعهد بالتعاون

وازاء هذه التداعيات، اكد السفير التركي في بغداد فاتح يلدز ان بلاده ستستمر بالوقوف بجانب العراق بشأن مياه نهري دجلة والفرات.

وقال يلدز في تغريدة له على حسابه الرسمي على "تويتر" "ارى شكاوى أصدقائنا العراقيين بخصوص الماء ..اقبل رسائلكم جميعا. شكاويكم ورسائلكم جميعها سانقلها الى عاصمتي ليس لانني سفير وهذه وظيفتي فقط، بل كصديق لكم وواحد من البغداديين".. كما نقلت عنه وسائل اعلام عراقية تابعتها "إيلاف".

واضاف السفير التركي أنه "في هذا الموضوع اريدكم ان تعرفوا بعض الحقائق.. تركيا عرضت فكرتها حول التعاون عندما أجلت خزن المياه في سد اليسو وهذه المرة قبل البدء بالخزن عرضت التعاون ايضًا قبل فترة وجيزة جدا استضفنا وفدا فنيا عراقيا في تركيا".

واكد أن "تركيا التي لن تخطي خطوة واحدة دون ان تستشير جارتها، وكيف يمكنها ان تقدم المساعدة بشأن ذلك جاءت خطوتها هذه باستشارة جارتها ودرست الخطوات المشتركة ما بعد هذه المرحلة كذلك ومخاطبينا من العراقيين سيشاطروننا الرأي على حيثياتنا هذه".

وشدد يلدزعلى أن "تركيا ستستمر بالوقوف بجانب العراق بخصوص مياه دجلة والفرات وإدارة هذه المياه بشكل صحيح حيث ان تركيا تعتبر مياه دجلة والفرات مياه مشتركة".

روافد تركية وإيرانية تغذي دجلة

وينبع نهر دجلة من جبال طوروس جنوب شرقي الأناضول في تركيا ويمر عبر سوريا بمسافة 50 كلم في القامشلي ليدخل العراق عند بلدة فيشخابور ثم الموصل وصولا إلى بغداد مرتفعاً إلى أقصى الجنوب حتى البصرة حيث يشكل مع نهر الفرات شط العرب الذي يصب في الخليج العربي.

وتغذي نهر دجلة مجموعة كبيرة من الروافد النابعة من الأراضي الإيرانية والتركية الحدودية مع العراق منها الخابور والزاب الكبير والزاب الصغير والعظيم ونهر ديالى وهذه الروافد تمثل ثلثي مياه النهر والثلث الأخير يأتي من ينابيع الأناضول التركية ويعيش بمحيطه حالياً أكثر من 20 مليون عراقي، حيث يعد المصدر الأول لمياه الشرب والزراعة والصناعة.