نصر المجالي: وكأن شيئا لم يكن بين قطبي الحرب الباردة على مدى سبعين عاما، وأن لا خلافات أوقضايا شائكة متعددة ومعقدة، فهل هي نهاية حقبة زمنية مريرة ختمها لقاء الساعات الأربع في قمة هلسنكي بانفراج كبير بعيد عن كل أشكال المجاملات البروتوكولية ؟

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد لقائه نظيره الروسي فلاديمير في ختام قمة طال انتظارها وتعدد حولها الآراء والتحليلات أن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا كانت في أسوأ حالاتها قبل اليوم لكنها تحسنت بفضل هذه القمة.

وفي مستهل مؤتمر صحفي مشترك بين الزعيمين عقب لقائهما في العاصمة الفنلندية هلسنكي، يوم الإثنين، وصف الرئيس الروسي القمة مع نظيره الأميركي بـ"الناجحة والمثمرة"، وقال إنها انعقدت في أجواء "بناءة وإيجابية"، واعتبر أنها مثلت الخطوة الأولى في "إزالة الأنقاض" عن العلاقات بين البلدين.

وأوضح بوتين: "بالطبع، مشاكل كثيرة لا تزال قائمة، ولم نتمكن من إزالة جميع الأنقاض، وهذا كان مستحيلا، لكنني أعتقد أننا قمنا بالخطوة الأولى في هذا الاتجاه".

وشدد بوتين على ضرورة توحيد روسيا والولايات المتحدة جهودهما الرامية لمواجهة التهديدات المشتركة بالنسبة لهما.

تحديات

وأوضح: "إن روسيا والولايات المتحدة تواجهان اليوم تحديات أخرى تماما، ومن بينها الانعدام الخطير لتوازن آليات الأمن الدولي والاستقرار، والأزمات الإقليمية، وتمدد التهديدات النابعة عن الإرهاب والجرائم العابرة للقارات والعناصر الإجرامية، وزيادة عدد المشاكل في الاقتصاد العالمي، والمخاطر البيئية وغيرها. وليس من الممكن حل هذه المشاكل إلا بتضافر الجهود".

بدوره، قال ترمب: "حتى في فترة التوتر خلال زمن الحرب الباردة، حينما كان العالم مغايرا تماما عما هو الآن، كانت الولايات المتحدة وروسيا قادرتين على الاحتفاظ بالحوار الوثيق بينهما، وعلاقاتنا لم تكن أسوأ مما هي اليوم".

وأضاف الرئيس الأميركي: "وعلى الرغم من ذلك فهذا الوضع تغير، منذ حوالي 4 ساعات، إنني مقتنع بذلك". وتابع: "بحثنا مجموعة من القضايا الملحة المختلفة، ذات الأهمية بالنسبة لكلا البلدين، وأجرينا حوارا منفتحا ومثمرا".

وشدد على أن "الحوار البناء بين الولايات المتحدة وروسيا يعطي فرصة لتمهيد الطريق نحو السلام والاستقرار في العالم"، وأردف موضحا: "الخلافات بين بلدينا معروفة، وناقشتها اليوم بشكل مفصل مع الرئيس بوتين".

واستدرك بالقول: "لو أردنا حل المشاكل التي يواجهها عالمنا، ينبغي علينا إيجاد سبل للتعاون وقواسم مشتركة".

اتهامات

وفيما يتعلق بالاتهامات التي تلاحق روسيا بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016، أكد بوتن أن بلاده لم تتدخل مطلقا، مردفا: "كان علي أن أكرر ما سبق أن قلته مرات عدة.. الحكومة الروسية لم تتدخل إطلاقا ولا تنوي التدخل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة، بما في ذلك العملية الانتخابية".

وأوضح بوتن أنه أراد بالفعل وصول ترمب إلى الرئاسة "لأنه كان يتكلم عن تطبيع للعلاقات"، لكن ذلك لا يعني أن بلاده تدخلت، عارضا على واشنطن، استجواب الروس المتهمين بالتدخل في الانتخابات الأميركية.

وتابع: "هناك اتفاق تعاون في القضايا الجنائية بين الولايات المتحدة وروسيا يعود تاريخه لعام 1999، ولا يزال ساريا. في هذا الإطار يمكن (للنيابة العامة الأميركية) أن تطلب استجواب هؤلاء المتهمين".

وكانت واشنطن قد وجهت الجمعة الاتهام إلى 12 من عناصر الاستخبارات الروسية بقرصنة أجهزة كمبيوتر للحزب الديمقراطي في 2016.

من جانبه، اعتبر ترمب أن التحقيق الذي يجر في بلاده بشأن احتمال حصول التدخل الروسي في الانتخابات، "كارثة" للولايات المتحدة.

وتابع: "لقد قمنا بحملة رائعة لذلك أصبحت رئيسا"، مكررا نفيه الشديد لمزاعم استفادته من حملة قرصنة ودعاية روسية لتحقيق الفوز في 2016 على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

سوريا وإسرائيل

وفيما يتعلق بالشأن السوري، قال بوتن إنه "يتفق مع ترمب على أن جيشي البلدين يعملان بشكل ناجح في سوريا"، وذلك رغم تباين مواقف البلدين، إذ يدعم بوتن الرئيس بشار الأسد والقوات الإيرانية الموجودة هناك، بينما تتخذ أميركا موقفا مغايرا تماما.

وقال ترمب خلال المؤتمر الصحفي، إن البلدين يريدان "مساعدة الشعب السوري على أساس إنساني". وتطرق ترمب إلى موقف بلاده الداعم لإسرائيل، قائلا: "روسيا وأميركا تعملان على المساعدة في ضمان أمن إسرائيل".

تعاون استخباري

أما عن التعاون الاستخباراتي بين البلدين، فقد رحب الرئيس الروسي بهذا التعاون، خاصة في مجال جرائم المعلوماتية. 

وأضاف: "نحن نؤيد تمديد تعاوننا في مجالي مكافحة الإرهاب ومكافحة جرائم المعلوماتية. أجهزتنا الاستخبارية تحقق نجاحا كبيرا".

ومن الناحية الاقتصادية، أشار بوتن إلى أن روسيا والولايات المتحدة "قد تعملان معا لتنظيم أسواق الطاقة العالمية".