أحمد الجارالله

ان يتحرر سعد الحريري من أعباء الحكم في لبنان قبل ان يصل هذا البلد الى بر الأمان وكف اليد الحاملة للسلاح عن التحكم بمصير أبنائه, فذلك خيار وطني بامتياز, وان يعلن في ذكرى استشهاد والده انتقاله الى المعارضة فهو بذلك يخرج من زنزانة تحمل تبعات الحكومة المشلولة بفعل مصادرة القرار, لان دويلة أقوى من الدولة تفرض قرار الاقلية على الاكثرية حتى أثناء مشاركتها في حكومة وحدة وطنية, وهي لن تسمح لا للحريري ولا لغيره من الوطنيين ان يمارسوا دورهم السياسي الحقيقي الملتزم الدستور والقوانين اللبنانية, ولن تسمح عصابات تدعي أنها تمارس المقاومة ضد اسرائيل من شوارع وأحياء بيروت ان يسحب منها مصدر قوتها, ولن تسمح للبنان ان يعيش بعيدا من أجواء الاغتيالات السياسية والارهاب وفرض الارادة على الآخر.
ان تتحول قوىquot;14 آذارquot; معارضة لمرحلة ما, يعني عودة الروح الى تيار الحرية والسيادة الحقيقية والاستقلال غير المقنع بسطوة السلاح ولصوص السطو على الدولة الذين يريدون خطفها وجعلها على شاكلة نظام أسيادهم في طهران حيث تقمع الحركة الاصلاحية بأبشع أساليب البطش والارهاب, فيما يخرج قادة عصابات الmacr;quot;باسيجquot; ليعلنوا دعمهم وتأييدهم لثورة الشباب والديمقراطية في مصر, بينما هم يمنعون شبابهم حتى من التعبير الرمزي عن رأيهم, ويواجهونهم بالرصاص والهراوات والاعتقالات.
الانجاز الحقيقي الذي تحقق, هو بدء ثورة أرز جديدة لبنانية خالصة تنهي عصر الهيمنة وربما تدق المسمار الاخير في نعش المشروع الايراني كله في المنطقة, خصوصا وإن قبضة القرار الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ستضرب بقوة كل الابواب المقفلة على مؤامرات تحاك خلفها ضد لبنان, وستزيل الغشاوة عن عيون اللبنانيين حتى يروا بالعين المجردة من هم الذين عملوا طوال العشرين سنة الماضية على تفتيت الجهود الوطنية الصادقة لبناء الدولة, ونقل لبنان من زمن الحروب والفوضى الى عصر التنمية واعادة إعمار ما هدمته عصابات حروب الأزقة.
نعم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هي أرقى معايير العدالة والحياد, وجميعنا نتفق مع سعد الحريري على ذلك, وليس كما يحاول quot;حزب اللهquot; وأذنابه تصويرها, ولأن تكون مصدرا للمساومة او الابتزاز,و حتى اذا تنازل سعد الحريري عن دم والده لن يتنازل اللبنانيون عن حقهم في محاسبة الذين ارتكبوا الجرائم الارهابية بحق أهاليهم وأحبائهم و وطنهم, ولن يرضوا ان تبقى زمرة مأجورة أداة مفاوضات ارهابية تستخدمها ايران وقت ما تشاء في مواجهة الامم المتحدة والمجتمع الدولي ككل, ويدفع اللبنانيون الثمن من دمهم ولحمهم وأرزاقهم.
اليوم يبدأ لبنان عهدا جديدا, عهد الديمقراطية العارية في مواجهة القوة الارهابية العاتية العمياء, وهو عهد الوحدة الوطنية العابرة لكل الطوائف والمتعالية على الحسابات المذهبية في مواجهة غدر quot;حزب اللهquot; الذي يوغل في دم الابرياء والعزل من السياسيين الرافضين لمشاريعه المشبوهة, بدءا من رفيق الحريري ومرورا بجبران تويني ووصولا الى برج أبي حيدر, وأخيرا التهديد بأصحاب القمصان السوداء, تلك الغربان, التي انتشرت في صبيحة يوم بيروتي لتروع الآمنين وتفرض ارادتها.
اليوم تكتب المعارضة الجديدة فعلا مستقبل لبنان, مستندة الى براءة مطلقة من أي تسويات قد تعقد على حساب الشعب, وتسمح بالابقاء على عصابات مسلحة خارجة على الدولة تتحكم بمصير الناس, بل ان quot;14 اذارquot; اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه في الماضي لأنها ستكون صانعة الثورة السلمية التي ستعري quot;حزب السلاحquot; وأزلامه من عنجهية التهديد والسلاح, وهي من سيصنع غد لبنان المشرق الذي طال انتظاره.