عبدالله بن حمد العذبة

يصرخ أحدهم.. الإخوان المسلمون قادمون!.. هبوا إلى السلاح.. ويثني عليه أحدهم -خوفاً-:.. صدقت.. نحن نواجه خطراً حقيقياً، وخير وسيلة للدفاع هي الهجوم! إنها يا سادة فوبيا الإخوان المسلمين... التي يروّج لها في الخليج العربي بشراسة الآن.. بل وصارت السلفية السرورية أو الجهادية خارجة من رحم الإخوان المسلمين..
دعونا نرجع للوراء قليلاً.. ألم نشجع إرسال شباب الخليج العربي إلى الجهاد في أفغانستان؟ فكيف خرجت السلفية الجهادية من رحم فكر الإخوان من مصر، وإن التحق بالجهاد قادة منهم لاحقاً، مثل أيمن الظواهري وغيره؟ ألم يسمهم الرئيس الأميركي رونالد ريجان بالمجاهدين العرب واحتفى بهم؟ علينا مواجهة الحقيقة.. لقد شجعنا ذهابهم إلى هناك، وخلق هذا فكراً جديداً، فلماذا يلقي أحدهم باللوم على الإخوان المسلمين الآن؟! لم نفقد الذاكرة البعيدة بعد..
وفي جميع الأحوال.. أمامنا ثورة سوريا التي صمدت لمدة عام، على الرغم من القتل والدمار الشامل والجرائم التي يصنفها القانونيون بأنها جرائم ضد الإنسانية.. وقامت دول الخليج العربي في مجلس التعاون بمواقف مشرفة، وعلى رأسها قطر والشقيقة الكبرى السعودية.. فلماذا يخرج علينا معالي القائد العام لشرطة دبي مصرحاً بأن الخطر في سوريا هو وقوعها في أيدي الإخوان المسلمين في حال سقوط نظام بشار الأسد الدموي؟ يعلم معاليه أن النظام الوحشي في سوريا يحظى بدعم كامل من إيران ومن حزبها في لبنان... فأي خطر يتحدث عنه؟ أليست إيران محتلة لجزرنا العربية الثلاث في الخليج العربي؟
ألا تستحق جزرنا المحتلة... ضرورة حديث معاليه عن انسحاب إيران منها، بدلاً من التشكيك والطعن في ثورة سوريا؟
لا يفهم العقلاء ما هو سبب الإصرار على استعداء الإخوان المسلمين في مصر والانشغال بمعارك جانبية، في حين أن الخطر الحقيقي سيأتي من الشرق، لا من الغرب... رفضنا تصريحات غزلان المتحدث باسم إخوان مصر حول الشقيقة الغالية الإمارات، ووصلت الرسالة واضحة، على الرغم من أنه أنكر أنه قال ما قال، فما دخل سوريا في الأمر؟
والغريب أن تصريحات معالي قائد شرطة دبي تجاه الإخوان المسلمين في مصر أو سوريا تلاقي ترحيباً كبيراً من معادي ثورة سوريا المتعطشين لسقوط البحرين الشقيقة لتصبح لبنان أخرى أو عراقاً آخر.. ومن هؤلاء النائب الكويتي في مجلس الأمة الكويتي عبدالحميد دشتي، الذي يرفع قضايا ضد ملك البحرين الشقيق، إضافة إلى المهري.
أعتقد أن الإخوان المسلمين لا يشكلون خطراً علينا، كما لم يشكل خطاب جمال عبدالناصر -رحمه الله- خطراً على المنطقة، لأن حكام الخليج يحظون بشعبية عالية.. ولكن هذا لا يعني أن تبقى الأنظمة دون إصلاح.. وها هي قطر تتقدم ويعلن أميرها سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني -حفظه الله- أن عام 2013 سيشهد أول انتخابات برلمانية تشريعية تشهدها البلاد، ليتم تفعيل ثلث الدستور.. على الرغم من عدم خروج مظاهرات تطالب بذلك.. وهذا يدل على أن الرجل صادق في توجهاته التي قطعها على نفسه، كما أنه يملك رؤية للمستقبل تستوعب التغيرات الفكرية التي طرأت على المنطقة، ويستشرف مستقبل المنطقة والخليج تحديداً.. ثم إن السلطان قابوس بن سعيد أجرى إصلاحات دستورية في سلطنة عمان الشقيقة أدت إلى تحويل برلمانها إلى تشريعي.. فلماذا لا يتم استيعاب التغيرات والقيام بالإصلاح في الخليج بدلاً من الانشغال عن ثورة سوريا في خلافات لا تخدم أحداً في هذا الوقت بافتعال صراع مع الإخوان المسلمين؟!
حكام دول الخليج العربي لم يأتوا على دبابات المحتل، أو عبر انقلاب يقوم به العسكر على الملكيات لتحكم العسكرتاريا، كما أنهم حققوا الكثير من الإنجازات التنموية، والله نسأل أن يوفقهم إلى ما فيه الخير لشعوبهم والمنطقة.
إن قطار الإصلاح له مواعيد دقيقة لا تنتظر أحداً، كما علمنا التاريخ، ولكم في قطر أسوة حسنة.
أخيراً وليس آخرا.. حفظ الله الخليج وقادته من كل سوء، والله من وراء القصد؛؛؛