&&المغرب: الولايات المتحدة تصرفت بما يعاكس روح الشراكة والقرار يشكل «انتكاسة صارخة» لجميع مناورات الأمانة العامة في التصويت

محمود معروف

&&لأول مرة يصدر مجلس الأمن الدولي، بالتصويت، قرارا ذا صلة بالنزاع الصحراوي بعد اعتماده طوال السنوات الماضية التوافق والإجماع، لكن القرار الجديد الذي حمل رقم 2285 وصوت عليه يوم الجمعة الماضي، لم يخرج عن سياقات قراراته السابقة، بإعطاء كل طرف ما يقدمه مكسبا.

وعرفت أروقة الأمم المتحدة معركة/ دبلوماسية قوية تمحورت حول لهجة التعاطي مع إعادة المكون المدني لبعثة الأمم المتحدة بالصحراء (مينورسيو) وتفاصيل تعبر عن مواقف من النزاع بغض النظر عن هذه التفاصيل.

وصوت مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة، على قراره 2285 بتأييد من 10 أعضاء ومعارضة عضوين «أوروغواي و فنزويلا»، وامتناع ثلاثة أعضاء آخرين «روسيا وأنغولا ونيوزيلندا»، وهو مشروع قرار تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية، الخميس الماضي 28 نيسان/ أبريل الماضي.

وشهدت الجلسة انقسامات واضحة بين أعضاء مجلس الأمن بشأن التوصيات التي قدمها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في تقريره إلى أعضاء المجلس قبل يومين حول قوات المينورسو ووضعيتها بعد طرد المغرب في بداية اذار/ مارس الماضي موظفيها المدنيين احتجاجا على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة ووصفه بـ«الاحتلال» استعادة المغرب للصحراء الغربية من اسبانيا 1976.

وفي تقريره لمجلس الأمن أوصى الأمين العام بان كي مون، أعضاء المجلس بضرورة الموافقة على «تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء لمدة 12 شهرا أخرى، تنتهي في 30 نيسان/ أبريل 2017، واستعادة الدور الموكل إلى البعثة ودعمه، وصيانة معايير حفظ السلام، وحياد الأمم المتحدة».

وأكد القرار الجديد، الذي يحمل رقم 2085/16، على «الحاجة الملحة لأن تعود البعثة الأممية إلى آداء وظائفها كاملة»، مطالبا، من الأمين العام أن «يقدم إحاطة إلى المجلس في غضون 90 يوما، عما إذا كانت البعثة قد عادت إلى أداء وظائفها كاملة، ويعرب عن عزمه في حال عدم أداء البعثة لكامل وظائفها أن ينظر في السبل المثلى لتحقيق هذا الهدف».

وجدد المجلس «التزامه بمساعدة الطرفين المغربي وجبهة البوليساريو، في التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، يكفل لساكني إقليم الصحراء تقرير مصيرهم في سياق ترتيبات تتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده».

وحث الطرفين على إظهار «المزيد من الإرادة السياسية للمضي صوب التوصل إلى حل، وذلك بطرق منها توسيع نطاق نقاشهما حول ما يطرحه كلاهما من اقتراحات، والتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تنفيذ خطة العمل المتعلقة بتدابير بناء الثقة».

وأكد القرار على أهمية تحسين حالة حقوق الإنسان في الإقليم، وحث الطرفين على العمل مع المجتمع الدولي على وضع تدابير تتسم بالاستقلالية، والمصداقية، لكفالة الاحترام التام لحقوق الإنسان.

ورحب مجلس الأمن في قراره بمنجزات المغرب في مجال حقوق الإنسان، وخاصة من خلال المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجنتيه بالعيون والداخلة، وبتفاعل المغرب مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وجاء في القرار «يرحب بالخطوات والمبادرات الأخيرة التي اتخذها المغرب، وبالدور الذي تؤديه لجنتا المجلس الوطني لحقوق الإنسان اللتان تعملان في الداخلة والعيون».

وإذا كان أعضاء مجلس الأمن أثناء الإعداد للقرار قد أجمعوا على عودة الموظفين المدنيين في بعثة المينيورسيو (85 موظفا) الذين طردهم المغرب فإن التباين كان حول الفترة الزمنية التي على المغرب الالتزام بإعادتهم لممارسة مهامهم، واقترحت الولايات المتحدة الأمريكية التي قدمت مسودة مشروع القرار فترة 60 يوما إلا أن أصدقاء المغرب وجدوها فترة قصيرة فاقترحوا 120 يوما وتم الوصول إلى 90 يوما كحل وسط في انتظار أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقريرا آخر لمجلس الأمن لاطلاعه حول ما إذا كانت المينورسو تعمل بشكل تام.

ونص القرار على تمديد ولاية المينورسو إلى 30 نيسان/ أبريل 2017 وطلب من المغرب وجبهة البوليساريو مباشرة الجولة الخامسة من المفاوضات في أقرب الآجال برعاية الأمين العام للأمم المتحدة على أن تفضي إلى حل يقبله الطرفان ويمنح الصحراويين الحق في تقرير المصير مع إلزام الأمين العام الأممي بتقديم تقريرين على الأقل سنويا لمجلس الأمن لاطلاعه على سير المفاوضات، وذلك قبل استكمال المينورسو لولايتها.

وأكد مجلس الأمن مجددا دعمه للدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس مبعوثا شخصيا لبان كي مون إلى الصحراء الغربية على الجهود التي يبذلها لتسهيل المفاوضات بين الطرفين.

واعتبر المغرب أن الولايات المتحدة الأمريكية تصرفت بما يعاكس روح الشراكة التي تربط واشنطن والرباط، في إشارة إلى الصياغة الأمريكية للمسودة الأولى لقرار مجلس الأمن رقم 2285، الذي يمدد لمدة سنة واحدة ولاية بعثة المينورسو إلى غاية 30 أبريل 2017.

وكانت المسودة الأولى التي اقترحتها أمريكا تتضمن إلزام المغرب بفسح المجال لعودة المكون المدني لبعثة المينورسو لمزاولة عمله، وذلك في غضون شهرين، مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بتقديم تقرير عن مدى التزام المغرب بتنفيذ هذا البند من القرار بعد مرور ستين يوما عن صدوره، وذلك تحت طائلة اتخاذ مجلس الأمن الإجراءات والعقوبات الضرورية في حالة عدم امتثال المغرب لهذا القرار.

وشدد المجلس في النسخة النهائية من القرار، على أنه في حالة عدم عودة بعثة «مينورسو» لممارسة عملها بشكل كامل، سيدرس مجلس الأمن آنذاك «أفضل السبل لتسهيل تحقيق ذلك الهدف».

وعبّر السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، عن «إشادة خاصة، وشكر المغرب وتقديره العميق لفرنسا، ووفود اسبانيا والسنغال ومصر، وباقي الوفود الأخرى التي ساهمت في التوصل إلى الصيغة النهائية لهذا القرار، وإعادة التوازن من خلال التصدي لتجاوزات البعض»، فيما اعتبرت وزارة الخارجية المغربية أن المغرب «تأسف، في المقابل، لكون عضو مجلس الأمن الذي يتحمل مسؤولية صياغة وتقديم المشروع الأول للقرار أدخل عناصر ضغط، واكراهات وإضعاف، وتصرف بما يعاكس روح الشراكة التي تربطه بالمملكة المغربية».

واعتبرت الخارجية في بلاغ نشره موقعها الالكتروني أن القرار الذي صادق عليه مجلس الأمن، يوم الجمعة، حول قضية الصحراء المغربية، يشكل انتكاسة صارخة لجميع مناورات الأمانة العامة للأمم المتحدة و«هذا القرار يجدد التأكيد على معايير الحل السياسي كما حددها مجلس الأمن منذ 2004 وأوضحها بعبارات عملية سنة 2007. ويشكل في هذا الصدد انتكاسة صارخة لجميع مناورات الأمانة العامة للأمم المتحدة، خاصة منها تلك التي تم القيام بها خلال زيارة الأمين العام وتلك التي وردت في تقريره الأخير» وإن «هذه المناورات تهدف إلى تحوير معايير الحل السلمي وإحياء خيارات متجاوزة وإدراج عناصر غير معترف بها من قبل مجلس الأمن».

وأضاف البلاغ أن «المملكة المغربية التي ردت في وقته على انزلاقات زيارة الأمين العام، عبّرت في رسالة رسمية عن تحفظاتها على التقرير الأخير منذ نشره، ورفضها التام لبعض العبارات الواردة في هذه الوثيقة. كما أن قرار مجلس الأمن يؤكد على مهمة المينورسو كما تطورت خلال السنوات الأخيرة مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات التي عرفها الملف».

وقال البلاغ «فإن المجلس يقطع مع جميع محاولات تغيير مهمة المينورسو، وتوسيعها لتشمل مهاما غير متفق عليها، وعمليات تتنافى مع الغاية من إحداثها» وأنه «في سياق هذه المهمة الممددة، يدعو القرار إلى اضطلاع المينورسو بمهامها بشكل كامل».

وأكد «أن المملكة المغربية ستواصل، في إطار الاحترام الكامل للقرارات التي اتخذتها، الحوار من أجل التوصل إلى رزنامة من الحلول للأزمة تتيح تخفيف الانزلاقات الخطيرة للأمين العام خلال زيارته إلى المنطقة، وضمان السير الجيد للمينورسو، خاصة في مهامها الأساسية المتمثلة في مراقبة وقف إطلاق النار ونزع الألغام في المنطقة العازلة شرقا» وأن المغرب «يحرص على شكر الأعضاء، الدائمين وغير الدائمين، لمجلس الأمن، ودول عربية شقيقة، الذين تصرفوا بتبصر ومسؤولية وبروح بناءة وودية، من أجل التوصل إلى تبني قرار يمكن من مواصلة هادئة لجهود هيئة الأمم المتحدة في هذا الملف» وأن «المملكة المغربية، القوية بحقوقها ووحدتها الوطنية وتماسك جبهتها الداخلية، ستواصل، بحسن نية وعزم، انخراطها في المسلسل السياسي لتسوية هذا النزاع الإقليمي المفتعل وستبقى ملتزمة لفائدة السلام والاستقرار الإقليميين والدوليين، وستظل حذرة في مواجهة كل الانزلاقات أو المحاولات الرامية إلى المس بمصالحها العليا الشرعية».

من جهتها أكدت قيادة البوليساريو أنها ستدرس بتمعن وعناية قرار مجلس الأمن وستتخذ قراراتها بشأن الخطوات المقبلة في إطار العدالة وسيادة القانون الدولي وأنه «لا أحد يمكنه القفز على حقنا الذي وعدتنا به الأمم المتحدة منذ زمن طويل في تنظيم الاستفتاء وتقرير المصير واختيار مستقبلنا السياسي بحرية».

وأضاف البخاري أحمد ممثل الجبهة في نيويورك عقب صدور قرار مجلس الأمن أنه ليس من حق المغرب أن يقرر من جانب واحد في عمل بعثة تابعة للأمم المتحدة على إقليم لم يحدد مستقبله السياسي بعد. وأوضح بأن أغلبية أعضاء المجلس انتقدت تحدي المغرب غير المسبوق لسلطة الأمم المتحدة ومجلس الأمن كونه يشكل سابقة خطيرة لعمليات حفظ السلام في جميع أنحاء العالم.

وطالبت جبهة البوليساريو مجلس الأمن بـ«اتخاذ إجراءات صارمة وحاسمة واستعجاليه ضد المغرب لإقدامه على طرد المكون المدني للبعثة، ووضع جدول زمني محدد للمفاوضات النهائية على الاستفتاء».

وأضاف بخاري أن «الأيام التي كان فيها ممكنا لأعضاء مجلس الأمن أن يغمروا رؤوسهم في الرمال ويغضون الطرف عن الصحراء الغربية قد ولت وأن «التصويت كان رسالة قوية وواضحة بأن استمرار الوضع القائم في الصحراء الغربية لم يعد مقبولا، وأن المغرب لا يمكنه أن يواصل عرقلة بعثة الأمم المتحدة في مزاولة مهامها».

واعتبر أن «تصويت فنزويلا والأورغواي ضد القرار وامتناع نيوزيلاندا وأنغولا وروسيا عن التصويت، إشارة قوية وواضحة على أن الطريقة التي تعالج بها القضية الصحراوية من قبل مجلس الأمن لم تعد مقبولة ولا يمكن أن تستمر».

وإذا كان المغرب قد نجح باستبعاد أي تعديل في مهمة المينورسيو خاصة توسيع صلاحياتها لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء ومخيمات تندوف والتقرير بها للمجلس، وهو ما تسعى إليه جبهة البوليساريو ونصت عليه مسودات القرارات ذات الصلة التي تقدمها الولايات المتحدة منذ 2012 فإن المحللين المغاربة الذين انتقدوا الموقف الأمريكي استغربوا امتناع روسيا عن التصويت في وقت كانت التقارير تتحدث عن دعم موسكو للموقف المغربي وتأييدها له في نزاعه مع بان كي مون.

وقال هؤلاء إن النقاط المقلقة للمغرب في القرار هي تلك المرتبطة بدعمه الكامل للخطوات التي قام بها الوسيط الأممي كريستوفر روس الذي يحمل رؤية مغايرة تماما للحل الذي اقترحه المغرب ودعمه للكندية كيم بولدوك الممثلة العامة للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء التي تعتبر قريبة من جبهة البوليساريو.

وقال موقع الف بوست إن قرار 2285 حمل تطورات لا تصب في صالح المغرب وجعله في مواجهة مجلس الأمن بعدما كان الخلاف محصورا بينه وبين الأمانة العامة للأمم المتحدة إلا أن في القرار نقطتين إجابيتين للمغرب، الأولى في الديباجة وهي الإحاطة علما بمقترح المغرب المتمثل في الحكم الذاتي. والنقطة الثانية هو ربط تقرير مصير الصحراويين بحل مقبول من الطرفين، أي ضرورة مصادقة المغرب عليه.