شهور طويلة ينتظرها الصحفيون والإعلاميون ليروا قانونا منظما يضبط الأداء الإعلامي المنفلت في مصر، وما إن وصل القانون إلى مجلس النواب حتى احتدم خلاف وجدل بين نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة ولجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب بشأن تفسير القانون، وهي تجاذبات وملاسنات لا تصب في مصلحة أحد سوى فصيل يحتل المشهد الآن فصيل من اصحاب المصالح يزعم أنه يمتلك الحقيقة ويقود الرأي العام ، فصيل يجمع بين جنباته شلليات ولا يرغب في مغادرة موقعه، يقاوم بشراسه أسباب رحيله، رغم الفشل في الحفاظ على الحد الأدنى من المهنية ، فصيل دخل عالم الصحافة والإعلام بسلطان الجهل لا العلم والمصلحة الخاصة لا العامة ، وتوحد على قلب أفشلهم لمقاومة صدور التشريعات الإعلامية الهادفة إلى تشكيل الهيئات الثلاث: " المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" ، "الهيئة الوطنية للصحافة"، "الهيئة الوطنية للإعلام"، لأنها ستخرجهم من من مكاتبهم إلى الشارع.

 

هذا الفصيل يستند على مزاعم واهية الهدف منها كسب مزيد من الوقت لاجهاض القانون من بين هذه المزاعم التمسك بقانون موحد للصحافة والإعلام رغم اختلاف آليات عمل الصحافة المطبوعة والمسموعة والمرئية ، والاستناد إلى مواد الدستور بشأن القانون الموحد رغم أن الدستور لم يشر من قريب أو بعيد إلى مصطلح "موحد" فالمواد الدستورية الخاصة بتنظيم الصحافة والاعلام جاءت منشئة لكيانات تنظيمية مسئولة عن الصحافة والاعلام وليست منشئة لقوانين مهنة الصحافة والاعلام.
ففي الفصل العاشر من الدستور صفحة 53 هناك ثلاث مواد على النحو التالي:

المادة 211 تتحدث عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام واخصاصاته تنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئي والصحافة المطبوعة والورقية وغيرها. وفي نهاية الفقرة "يؤخذ رأي المجلس في مشروعات القوانين واللوائح النتعلقة بمجال عمله".

المادة 212 تتحدث عن الهيئة الوطنية للصحافة وهي هيئة مستقلة تقوم على إدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة ..

والمادة 213 تتحدث عن الهيئة الوطنية للإعلام وهي هيئة وطنية تقوم على إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوطة للدولة...

هذه هي مواد الدستور المنظمة للصحافة والإعلام ، ومجلس الدولة رأى ضرورة الفصل مستندا إلى مواد الدستور، ما الداعي إلى الفرقة والجدل الذي لا طائل منه ، بدل أن يتوحد الجميع ضد الإرهاب والفساد، والنضال من أجل حياة كريمة للصحفيين والإعلاميين ، ومن أجل اقرار هذه التشريعات المساندة لحرية التعبير؟.

الكل يعرف أن مشروع قانون الهيئات الصحفية والإعلامية تأخر كثيرا ، فالحديث عن هذا الأمر كان منذ نحو ثلاث سنوات ، والتأخير كان بسبب أصحاب المصالح، وهي مجموعة تصور للرئاسة والحكومة أنها هي السند والداعم، وليس هناك بديل عنها ، وتزعم أنها قادرة علي مواجهة مؤامرات الإخوان وغيرهم من المتأمرين ، وأنها تعبر عن الشعب المصري لتبرر بقاءها في مواقع بالسلطة أو علي رأس منابر إعلامية، بينما التجارب تؤكد أنهم يأكلون على كل الموائد ، فتحولوا من الناصرية الى الإخوان ووقفوا معهم متحاافين في لقاء فيرمونت الشهير، ويتحالفون من رجال الأعمال من أجل مصالحهم الخاصة.

هؤلاء يتعالى صوتهم الآن، ويريدون تعطيل القوانين ، وإثارة الجدل حول تنظيم الصحافة والإعلام ، ووصف التشريعات المقترحة بأنها سالبة للحريات، وأقل من يقال عن هذا الكلام إنه الزور والبهتان بعينه ، كل ذلك من أجل الضغط على السلطة ليبقي الوضع علي ما هو عليه. 

الآن هناك برلمان يناقش القانون وأهل المهنة من الجماعة الصحفية تتابع وتراقب النقاش بل وتشارك فيه ، ولن يصدر البرلمان القانون بليل او في غفلة من أهل المهنة .

لقد كان مطلب الجماعة الصحفية أن يديروا شئون مهنتهم بأنفسهم على أساس " أن أهل مكة أدرى بشعابها" واستجابت لهم الدولة وشجعتهم ومنحتهم الفرصة بعد ثورة 30 يونيو 2013 فلا تفوتوا هذه الفرصة واثبتوا أنكم رجال وعلى قدر المسئولية، كونوا شجعانا وأسسوا لواقع جديد يعيد للساحة الصحفية والإعلامية بوصلتها التي فقدت فضلت وأضلت .