أهاب رئيس الوزراء الاردني الدكتور هاني الملقي بالامس لدي زيارته دائرة مكافحة الفساد كل مواطن اردني لديه معلومات عن الفساد ان يبلغها الي الجهات الامنية مؤكدا استعداد حكومته لتقديم الاسناد لهيئة مكافحة الفساد لتقوم بعملها بمنتهي القصوي و الحزم لردع الفاسدين” ايا كانوا “و تحقيق النزاهة.

كلام انشائي جميل ، كثيرا ما سمعه المواطن الاردني و لكن لم يكن يوما مطبقا ، فقد حرصت بعض الحكومات المتعاقبة علي “ حماية و صناعة و تطوير الفساد “.

دروس من رؤوساء حكومات سابقين 

تاريخيا ، مدير دآئرة مكافحة الفساد ، و مدير المخابرات الاردنية الذي اصبح رئسيا للوزراء ١٩٨٤، وهو المحامي احمد عبيدات ابن قرية حرثا في لواء بني كنانة التابع لمحافظة إربد، في اول مواجهة له مع فساد حكومي في شركة الطيران الملكية الاردنية و في متابعته “لفلس الريف” و تامينات عداد الكهرباء التي كانت تحصل من المواطنيين علي سبيل المثال ، اعلن انه سيطاح به في اجتماع داخل مجلس ادارة الملكية الاردنية و عزل ١٩٨٥.

و الوقائع تشير الي رئيس وزراء اسبق هو الدكتور عبد السلام المجالي في ندوة مشتركة حضرها رجال الاعمال في فندق الهوليدي ان في عمان ، بحضور مهاتير محمد أو محاضر محمد السياسي الماليزي الذي تولى رئاسة الوزراءفي ماليزيا و كان يحارب الفساد في بلده ماليزيا ، ان وجه سؤال لرئيس الاردن عن الفساد ، فأجاب :” ان نسب الفساد في الاردن من اقلها عالميا و هي من السنب المقبولة و تبلغ خمسه بالمائة “ . و هذا اول تقنيين حكومي لنسب الفساد المسموح بها في الاردن علي لسان رئيس وزراء في لقاء علني سجلته عدسات التلفزيون الاردني.

ثم عندما اتي مدير مكافحة الفساد و هو ضابط مخابرات شريف ووطني محملا بمعلومات عن قضايا فساد ، معلنا عن مؤتمر صحفي لاعلان الفساد بالاسماء طلب اليه من رئيس الوزراء شخصيا “عدم فتح قضايا الفساد في عهد حكومته”.و هذا ثاني قرار حكومي يقنن مدي تفتح ملفات الفساد و متي يغض النظر عنها.

تلك روايات ثلاث من الواقع ،و هانك غيرها ، ان دلت علي شيء تدل ان الفساد اكبر من تطاله يد حكومة ، و ان الفاسدين متنفذين، انه يوجد تعليمات .

الفساد في الاردن ليس طارئا 

اما حديث رئيس الوزراء الاردني هاني الملقي “ان الفساد ظاهرة طارئة على مجتمع الاردن ترتكبها قلة”، فهذا غير صحيح ، اذ كيف يفسر شبكة الدعارة التي ادارتها الفنانة اسمي خوري في السبيعينات المعروفة باسم “رهيجة “ و التي ضبطت في الاردن في عهد الملك حسين وتورط فيها كبار رجال الدولة و لم يحاسب منهم احد ، بل وصل احدهم الي منصب رئيس الوزراءو هي الرواية الرابعة في تاريخ الفساد في الاردن .

و كيف يفسر تهريب الحشيش و ميناء الذهب في العقبه في الخمسينيات دون المساس بمن يقوم بذلك و هي الراوية الخامسة.

و كيف يفسر رئيس الحكومة مددا و حديثا في عهده ، احباط تهريب ٣٧٣ كيلوغرام حشيش في شهر مايو ٢٠١٦، و ٤ مليون حبة مخدر في برادات في اغسطس ٢٠١٦ و ١٨٣٥٠ كروز دخان وغيرها دون محاكمات و لا اسماء و لا صور للمجرميين الفاسدين و المهربين متزامنة بصدور تعليمات عدم النشر . 

ان تلك الكميات كبيرة وورائها رجال اعمال و متنفذين و لم يسمع احد من المواطنيين عنهم او من هم و اذا ما تمت محاكمتهم ام لا و تفتح باب الاشاعات التي لا تقف عتد حد معين.

فقط اعلان حكومي “احباط محاولة تهريب”.، نقطة و من اول السطر، دليل اعلام غائب و ثقافة تؤطر للفساد.

امام رئيس الوزراء ملفات فساد كبيرة لم يجرؤ احد علي الكتابه عنها بالتفصيل في الجرائد او الاشاره اليها بالتفصيل و اسمآء من يقف خلفها ، منها مشروع سكن كريم بالملايين ، بيع ارض القوات المسلحة في العبدلي ، منح رخص اتصالات هاتفية بتراب الفلوس ، منح اراضي المتنفذين باثمان بخسة في العقبة و في البحر الميت و شراء و استئجار سفن من قبل الخطوط البحرية في الثمانينات و بيع باخرة النفط التي اتت منحة من الكويت و تحدث عنها نآئب في جلسة داخل مجلس النواب الكويتي، قضية الفوسفات ، قضية بيع الشركات الاردنية و الخصخة و قضية مواقع الكترونية تم تمويلها ، جمعيات تتلقي دعما من الخارج ، وموافع الكترونية سمح لها باستخدام ارشيف الصحف المحلية مجانا ، و استغلال المنصب لدي بعض المسؤولين في الحكومة بتآجير قصورهم في عبدون الي السفارات و بعثات دبلوماسية و مؤسسات حكومية ، و غيرها. 

 

الفساد السياسي اخطر من الفساد المالي

اقصد ان الفساد ليس ماليا فقط و لم تحدد الحكومة من اي عام ستكون الملاحقة و ما هي الاسس و المعايير ؟ ، ما هو تعيرفها للفاسد.

الفساد ايضا هو سياسي بامتياز ، في توقيع اتفاقيات بالملايين مع شركات بعينها في عطاءات مغلقه و غير معلنة للجميع ، في عدم اعلان وضاح و شفاف للمنح و المعونات التي تآتي للجائين السوريين ، و في الموافقة علي اوامر تغييرية بالملايين لبض من ممثلي شركات اجنبية تقوم باعمال في المملكة و مطالبات في غير محلها يتم التوافق عليها، و في سرقة المياه من خط الديسي للمياه ، في عدم اللتزام بالكفاءات التشغيليه لمشاريع المياه المنفذه حديثا و احتساب فواتير مدفوعه في مقابل نصف معيار الكفائة التشغيلية مثلا ، و في تعيينات و اختيار الوزراء و ابنائهم و توظيفهم و ارسالهم الي بعثات دراسية في الخارج و في السفارات و الملحقيات ، و في اموال حملهابعض من روؤساء وزراء الي بعض من النواب بحجة صرفها علي مناطقهم في حكومات سابقة، ( تحديدا عشر ملايين دينار، للعلم حسب حديث نفس رئيس الوزراء الذي قام بذلك و لا يعرف كيف وزعت في المناطق لاحقا) ، و في “درج مكتبي “ابتدعه رئيس وزراء في مكتبه يتم منح وزراء في حكومته مبالغ مالية دون اسس ،تحت بند “المساعدة الانسانية للوزير د،ن تقيد ذلك في حسابات معلنه ، و في مظروف يأتي كل شهر بقيمة خمسة الاف دينار للوزراء دون مقياس او اعتبارات ناظمة ، و في غياب مناقشة ميزانية علنية لتكلفة مجلس الاعيان و النواب و رواتبهم و امتيازاتهم. و اعلان ذلك عبر الصحافة. 

 

اسس و معايير الفساد

و التساؤل هو ما هي الاسس و المعايير التي تضبط ذلك الفساد و المقاييس للمحاسبة ؟ ، هل تعتبر الحكومة ذلك فسادا ام لا ؟.

 

 هل مثلا تري الحكومة ان العرف المتبع هو محاكمة كل من يسرق من دينار لشراء رغيف الخبز لابنائه الي خمسمائة دينار لمن يريد ان يدفع قسط ابنائه في الجامعة بالسجن ثلاث سنوات ، و يعفي من المسائلة كل من سرق مبلغا بقيمة تتجاوز المليون دينار ، و يتم مشاركة كل من يسرق ما فوق الخمس ملايين مناصفة و يعين في منصب من هو فوق العشر ملايين و يصفق لمن سرق سبعمائة مليون دينار ؟. هل اصبح الفساد مقنن و السرقة مشرعه. الا يعتبر ذلك حماية للفساد و الفاسدين؟.

 

اليس من يحمل قضية فساد عن غيره هو فاسد ، حيث ان المجرم الحقيقي فار من العدالة ؟. ان بعض الحكومات باتيانها تلك الافعال حددت نسب التسامح في الفساد وعطلت سيف العدالة. 

 

اليس من يقبل قصرا هدية في لندن بعشرة ملايين في لندن فاسد ماثلا ام انه تكريما من دوله اخري له لخدمات لا يعرفها احد ، و من يقبل بسيارة مرسيدس و هو علي راس منصبه الوزاري فاسد ام انها مجرد صدقه من حاكم دولة صديقة ،، و هل من يقبل بصندوق سيجار كوبي بقيمه خمسمائه دولار فاسد ام انها حاله للتنفيخ عما في صدره ، ام كل ذلك مسموح حسب نسب حددتها الحكومات و المشرع الاردني ، مجرد تساؤل لدي البعض.

 

 اليس كل ما يمنح لرئيس الحكومة و الوزراء يحدد بقانون و يعتبر من اموال الدولة . في امريكا اي مبلغ فوق الخمسين دولار هدية يجب ان يصرح به و يكتب به سواء كان موظفا او صاحب شركة او مسؤولا. 

فهل حد الاعفاء في الاردن هو الابلاغ عن عشرة ملايين مثلا او مائة و خمسين الفا دينار او عشرين دينارا ؟ سؤال نضعه امام رئيس الوزراء . الشعب يريد ان يعرف للقانون المنظم لذلك و ما هي قدرة الرئيس علي اعادة تلك الاموال و الهدايا العينية الي الدولة .

 

قانون حماية الشهود و تعريف الفساد الداخلي والخارجي

 

في دول العالم هناك “حماية للشهود” و هذا غير موجود و غير مطبق للاردن ، و هناك اعلام و صحافة حرة تكتب و تنبش و تبحث و تقدم الدليل و هذا مفقود و مقيد في الاردن ، و بالتالي اي ممن سيتقدم بمعلومات قد يتعرض الي مسائلة و تهديدات . ما هي الكفالات التي تقدمها الحكومة الاردنية لحماية من يكتب عن الفساد و من يشير اليه و من يقدم المعلومات ؟.

 

المطلوب قانون لحماية من يبلغ عن ذلك و ان تكون الحكومة جادة في المحاربة الحقيقية لا حكومة “تصريحات “.

 

الفساد ليس ان يسرق شخصا مالا او منصبا او يتحصل علي شيء بدون حق من داخل الاردن فقط ، و لكن ايضا ان يسرق شخصا مالا و يتاجر بالحشيش و المخدرات و غسيل الاموال خارج الاردن و لا يحاسب مثلا ، ثم يصبح رجل اعمال داخل الاردن ، يتم الدفاع عنه او عنها بحجة ان ما سرق ليس من خزينة الدولة ، الا يعني ذلك تبرير الدعارة ايضا مع الاجانب بحجة ان العاهرات لا يحملن الجنسية الاردنية..!! منطق مرفوض جملة و تفصيلا.

 

الفساد ان يصمت رئيس الحكومة عن كل ذلك و هو يعلم من هو الفاسد و ان يتغاضي عنه. 

 

كل هذا و ذاك يجعل بعض الحكومات شريكا في صناعة الفساد بالتستر علي الفاسدين المحليين و القبول بالفاسدين من الخارج . 

حسبما صرح الدكتور هاني الملقي بانه سينشر صورا للفاسدين نشد علي يده و نقف معه و نؤيده في خطوة مباركة ، و نتمني ان نراي تلك الصور قريبا جنبا الي جنب مع صورة المغنية المصرية “عفاف راضي “ التي غنت و قالت :” راح وقالوا راح ، قلت يا ربي لسكة السلامة ، بس كان نفسي أقوله مع السلامة ، فاتلي السهر وخد الابتسامة ، فاتلي دموعي عندي أمانة من غير ما اقوله مع السلامة”.

الفساد في الاردن اخذ الابتسامة و الامانة و الاموال و ترك للشعب الدموع و المديونية ، و قريبا“مع السلامه “ و لكن لمن ؟.