قد يكون الانفاق الخيالي في سوق الانتقالات تخطى الحدود المنطقية بحثا عن المجد القاري، لكن المربع الأخير لمسابقة دوري أبطال أوروبا يبقى امتيازا لبعض البطولات والأندية، وذلك بحسب ما خلصت اليه دراسة صادرة عن المفوضية الأوروبية التي اقترحت فرض تدابير تنظيمية.

إن كان الفرنسي بول بوغبا، البرازيلي نيمار أو مواطنه فيليبي كوتينيو... فإن حجم الأموال التي أنفقت في البطولات الأوروبية الخمس الكبرى، إنكلترا، ألمانيا، إسبانيا، إيطاليا وفرنسا، ارتفع من 2 إلى 4,3 مليار يورو بين عامي 2012 و2016.

ثم ارتفع حجم الانفاق بنسبة 40% في عام واحد فقط ووصل الى 5,9 مليار يورو في 2017، بحسب ما تلاحظ هذه الدراسة التي نشرت على الموقع الإلكتروني للمفوضية الأوروبية.

ويتصدر الدوري الإنكليزي الممتاز لائحة البطولات الأكثر انفاقا في 2017 بـ1,7 مليار يورو، وذلك رغم مبلغ الـ400 مليون الذي دفعه باريس سان جرمان الفرنسي لضم البرازيلي نيمار وكيليان مبابي من برشلونة الإسباني وموناكو على التوالي.

ويأتي هذا التضخم في سياق انفجار الإيرادات في هذه البطولات، ويرجع ذلك بشكل خاص الى حقوق النقل التلفزيوني التي ارتفعت عائداتها من 4,2 الى 8,5 مليار يورو بين موسمي 2011-2012 و2017-2018.

إلا أن الدراسة التي نفذتها مؤسستا "كي اي آي" و"ايكوريس"، تكشف ايضا زيادة في الاستثمار الأجنبي الذي يطال 44 ناديا، بينها 39 منذ عام 2008. وبالنسبة لعام 2016، حصلت 10 عمليات استحواذ جديدة، بينها ثماني لصالح مستثمرين صينيين.

- مربع أخير مغلق -

في خلاصتهم، تحدث مؤلفو الدراسة عن "تركيز الموارد في أقوى البطولات وعدد صغير من الأندية"، إضافة الى "فجوة متنامية بين أفضل الأندية في البطولات الكبرى، لكن أيضا بين البطولات المختلفة من حيث الأداء الاقتصادي والرياضي".

جدول واحد يلقي الضوء بوضوح على الوضع القائم حاليا في أوروبا: خلال الفترة الممتدة من 1985 حتى 1996، وصلت أندية البطولات "الخمس الكبرى" 22 مرة الى نصف نهائي كأس الأندية الأوروبية البطلة (دوري الأبطال حاليا)، مقابل 10 مرات لأندية البطولات الأخرى.

لكن بين عامي 2006 و2017 ، لم يعد المربع الأخير لدوري الأبطال محجوزا إلا لأندية "الخمس الكبرى"، وحتى أن فرنسا المصنفة بين البطولات الخمس الكبرى، لم تصل في هذه الفترة الى نصف النهائي سوى مرتين، مقابل 30 لإسبانيا وإنكلترا.

وفي هذا السياق، فإن قواعد اللعب النظيف المطبقة من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم منذ 2010، تتمتع بميزة "تحسين الاستقرار المالي للأندية"، لكن ليس باستطاعتها تحقيق التوازن في القدرة التنافسية.

أما في ما يخص حظر ملكية الطرف الثالث، أي نقل جزء من حقوق عقد اللاعب الى طرف ثالث إن كان شخصا طبيعيا أو صندوقا استثماريا، تلاحظ الدراسة أنه يمكن التحايل على هذه القاعدة عن طريق إدخال "أندية أشباح" في المناورة.

وتقترح الدراسة تحسين تنظيم مسألة وكلاء اللاعبين، مع وضع حد أكثر صرامة على العمولات. ولاحظ واضعو الدراسة أنه "لم يحل التنظيم الحالي دون إمكانية تضارب المصالح في دور الوكلاء"، معتبرين أن "المزيد من الانتقالات يعني مداخيل أعلى للوكلاء"، وهذا يؤدي الى تزعزع استقرار العملاء، أي اللاعبين.

وتوصي الدراسة بزيادة آليات إعادة التوزيع التي يعتزم تطبيقها الاتحاد الدولي للعبة "فيفا"، إن كانت تلك المتعلقة ببدل أتعاب التدريب التي يتقاضاها النادي المؤسس للاعب، أو مساهمة التضامن، فضلا عن فرض قواعد أكثر صرامة بشأن اعارة اللاعبين.

ويقول واضعو الدراسة أن "الانتهاكات ما زالت سائدة في سوق الاعارة، وهذا الأمر يسمح للأندية الكبيرة بتوسيع الفجوة مع الأندية الصغيرة على المدى الطويل، ويمنع في بعض الأحيان اللاعبين الشباب من تطوير مواهبهم بشكل كامل".

وأخيرا، فإن التدبير الأخير المقترح هو "ضريبة الرفاهية"، أي ضريبة على أغلى الانتقالات، وهو اقتراح سبق تضمينه في التقرير السابق بتكليف من المفوضية الأوروبية حول هذا الموضوع عام 2013.