الأمطار مستمرة في الطائف، لكن تراجعت حدتها في مناطق أخرى، وارتفع عدد الضحايا إلى 24 قتيلًا. الدفاع المدني مستعد، ويحذر المواطنين من الاقتراب من الأودية ومناطق تجمع مياه السيول.


تواصلوحدات الدفاع المدني في السعودية تمركزها الميداني في المواقع المتضررة من الأمطار والسيول، تحسبًا لورود بلاغات عن انهيارات صخرية أو انحرافات في مياه الأودية عن مسارها الطبيعي، كما تواصل بحثها عن المفقودين.

فقد انتشلت فرق الدفاع المدني في الطائف جثث 3 مواطنين توفوا في سيارتهم، التي جرفتها سيول وادي القيم الأعلى، وبذلك ترتفع حصيلة القتلى جراء السيول إلى 24.

كما تواصل هطول الأمطار الغزيرة مساء أمس على الطائف. وقال العقيد خالد بن عبدالله القحطاني، الناطق الإعلامي في إدارة الدفاع المدني في الطائف، في حديث صحافي، إن فرق الإنقاذ في المحافظة مستنفرة لمباشرة عمليات إنقاذ وإخلاء المتضررين والمحتجزين في المنازل والسيارات.

وقد استخدمت فرق الإنقاذ القوارب والغواصين في بعض المواقع التي ضربتها السيول، إذ تم احتجاز نحو 300 سيارة في أنحاء الطائف، بسبب ارتفاع منسوب المياه في الشوارع والميادين الرئيسة، وخصوصًا في شارع الجيش والعقيق ومعشي والمثناه وطول وادي وج من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، وشوارع الغزالي وخالد بن الوليد والقيم والقلت وجبره والشرفية.

كما استمر هطول الأمطار الغزيرة اليوم الجمعة، مصحوبة برياح قوية، على جبال آل يحيى شرق محافظة الداير بني مالك، سالت على أثرها الأودية في المنطقة.

مستعدون دومًا
في هذا السياق، أوضح الفريق سعد التويجري، مدير عام الدفاع المدني، أن وحدات وفرق الدفاع المدني ستبقى على أهبة الاستعداد على الرغم من توقف الأمطار، للتعامل مع أي بلاغات أو حوادث يمكن أن تحدث نتيجة ارتفاع المياه خلف السدود، أو تحرك السيول في اتجاهات غير متوقعة، إضافة إلى أعمال حصر وتقدير الأضرار.

وأشار إلى استمرار التنسيق والتواصل مع الرئاسة العامة للأرصاد الجوية تحسبًا لأي تغيرات مناخية مفاجئة. ولفت التويجري إلى أن أكثر من 700 فرقة ووحدة ميدانية للدفاع المدني شاركت في مباشرة البلاغات، تدعمها 40 طائرة عمودية من أسطول طيران الأمن، لتنفيذ خطط الانقاذ والإخلاء والإيواء وإيصال المساعدات الإغاثية ومستلزمات الإعاشة والرعاية الصحية لعدد من القرى المعزولة.

وأكد نجاح الدفاع المدني في إنقاذ 6362 شخصًا وإيواء 4544 آخرين، بعد إخلائهم من منازلهم، وانتشال جثامين 24 متوفى، واحد في المدينة المنوّرة، وخمسة في العقيق، وثلاثة في الخرج، وثلاثة في الأفلاج، وواحد في الحريق، وآخر في المجمعة، وواحد في القويعية، وسبعة في الطائف، وواحد في بيشة، وواحد في خميس مشيط. وتتواصل عمليات البحث عن أربعة مفقودين في حائل والباحة.

بلاغات بالآلاف
تلقت غرف عمليات الدفاع المدني في جميع مناطق السعودية في الأسبوع الماضي، وحتى منتصف اليوم الجمعة، 42639 بلاغًا، تناول نحو 55 بالمئة منها احتجاز مياه الأمطار والسيول لأشخاص داخل مركباتهم، و30 بالمئة تناول الحوادث المرورية، و10 بالمئة تقريبًا احتجاز المواطنين في المنازل والاستراحات والأودية، و5 بالمئة حوادث كهربائية وانقطاع خدمات الاتصالات وغرق بعض الأشخاص.

أشاد التويجري بتكامل جهود الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة والحرس الوطني والهلال الأحمر السعودي ووزارات الشؤون البلدية والقروية، والمالية، والاقتصاد والتخطيط، والتجارة والصناعة، والزراعة، والمياه والكهرباء، والنقل، والصحة، إضافة إلى مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وهيئة الأركان العامة، والأمن العام، ولجان الدفاع المدني في المناطق، ومؤسسات العمل التطوعي، ووسائل الإعلام، والتي كان لتفاعلها أثره الفاعل في بث الرسائل التوعية والتحذيرية لتجنب مخاطر السيول.

وأهاب بالمواطنين والمقيمين جميعًا عدم الخروج إلى مناطق التنزه قريبًا من الأودية ومصارف السيول والمستنقعات المائية، إلى حين استقرار الأوضاع، والتقيّد التام بإرشادات الدفاع المدني والشرطة.

إهمال مستنكر
وفي سياق الإهمال الذي، أبداه بعض المواطنين أثناء محنة السيول، انتشر مقطع على موقع يوتيوب للتواصل الاجتماعي، يشكل دليلًا واضحًا على استهتار بعض الشباب بالمخاطر، التي مثلتها السيول والأمطار الجارفة، وتجاهلهم تحذيرات الدفاع المدني.

ويظهر في الفيديو قائد سيارة يحاول عبور مجرى سيل عامر في بني حسن في الباحة، يشجعه الموجودون هناك، ويحمسونه بعبارات أطلقوها كـquot;رح يا شنبquot;، ليعبر بمركبته إلى الجهة الأخرى، وبرفقته والده.

عبر المجازف المستهتر بسيارته، فغطاها السيل وغير مسارها باتجاه التيار الجارف، فكاد هذا المهمل أن يتسبب بموته وموت والده، لولا تدخل البعض لإنقاذهما بإخراجهما من السيارة، التي لم تصمد إلا ثوانٍ معدودة أمام قوة السيل.

وهذا الشريط ليس وحيدًا، فمثله آخر يظهر فيه أربعة شبان على أطواق نجاة، يجرفهم السيل من دون أن يكترثوا، بل ابتسموا لصديق يصورهم، واقفًا على إحدى الصخور.

انهيار سد تبالة
وتفقد الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز، أمير منطقة عسير، اليوم سد وادي تبالة، الذي انهار جزئيًا أمس نتيجة الأمطار الغزيرة، فشاهد حجم الأضرار، التي لحقت بالسد والقرى المجاورة له، واستمع لشرح مفصل عن أسباب الانهيار، والمدة الزمنية التي استغرقها المشروع، وطالب برفع تقرير عاجل عن أسباب تأخر إنجازه.

وقال الأمير لوكالة الأنباء السعودية: quot;لم يكن المقاول الذي تسلّم المشروع على قدر المسؤولية، إذ مضى على تسلّمه زهاء 6 سنوات، ولم ينجز إلا جزءًا بسيطًا يكاد لا يذكر، وهذا أمر أكدت عليه مرارًا وتكرارًا، بأن تسلم المشاريع الخدمية المهمة التي تمسّ حياة المواطنين في المنطقة إلى من هو أكفأ، وليس من هو أرخصquot;.

أضاف: quot;لولا الله ثم بسالة رجال الدفاع المدني وتيقظهم، لكان حدث ما لم تحمد عقباه، لكن تم تنبيه المواطنين قبل انهيار السد بفترة كافية، ما حد من حدوث ضحايا في الأرواحquot;.

وأشار الأمير فيصل إلى أن ما شاهده على أرض الواقع من عمل المقاول لا يعد كونه مجموعة ردميات بسيطة لا ترتقي إلى اسم مشروع سد، وأن هذا المشروع كان يفترض أنه شارف على الانتهاء، مقارنة بعمره الزمني.