أعلنت قبائل كويتية، وشخصيات أخرى، عزمها على المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة، ترشحًا وانتخابًا، بعدما كانت امتنعت عن ذلك في الانتخابات السابقة. وتعد القبائل ناخبًا قويًا إذ تدعم وصول مرشحين بانتماءات متعددة إلى البرلمان.


الكويت: تنبئ الملامح العامة للانتخابات البرلمانية الكويتية المقررة يوم 25 تموز (يوليو) المقبل أن يكون الإقبال على الترشيح والانتخاب كبيرًا، بعكس أجواء انتخابات المجلس المبطل، الذي امتنعت عن الترشح خلاله مجموعة من نواب المعارضة، وثلاث قبائل، اعتراضًا على مرسوم أميري يقضي بإدلاء الناخب بصوت واحد بدلًا من أربعة أصوات، كما كان ساريًا في الانتخابات السابقة.

وتصدرت قبيلة العوازم قائمة القبائل التي أعلنت خوضها الانتخابات، حينما أعلن أميرها الشيخ فلاح بن جامع مساء الأحد المشاركة في الانتخابات الحالية، بعد استفتاء أبناء قبيلته برفع اليد أسفرت عن موافقة الأغلبية.

كما أظهرت تصريحات عدد من النواب، الذين امتنعوا عن الترشح والمشاركة في انتخابات المجلس السابق، عزمهم على المشاركة في الانتخابات الحالية. فالنائب السابق مرزوق الغانم، من كتلة العمل الوطني النيابية التي قاطعت الانتخابات السابقة، دعا الجميع للمشاركة في الانتخابات الحالية، قائلًا إن المقاطعة لن تؤدي إلى نتيجة. وكشف في لقاء تلفزيوني عن أن نية الترشح موجودة، بعد المشاورة مع قواعده الانتخابية.

إلا أن كتلة الأغلبية أعلنت في اجتماعها مساء أمس، الذي حضره 27 عضوًا من أصل أعضاء الكتلة البالغ 34 عضوًا، مقاطعة الانتخابات، مؤكدة أنها على موقفها من المقاطعة، لأن الصوت الواحد لا يمثل طموح الشعب على حد قولها.

القبائل ستشارك

في تصريح لـ quot;إيلافquot; حول توجهات القبائل من الانتخابات، قال أمين عام مجموعة الـ 62 سعود مطلق السبيعي، من قبيلة السبيعي، إن هناك توجهًا كبيرًا لدى القبائل للمشاركة في الانتخابات الحالية، بعدما حصّن حكم المحكمة الدستورية مرسوم الصوت الواحد، وأصبح حكمًا واجب الاحترام. وأشار إلى أن المعارضة لم تجد ما يقنع الناس بعدم المشاركة، ولا يوجد لديها عذر دستوري أو سياسي لعدم المشاركة.

ونوه بأن القبائل شعرت بوجود فراغ قبلي في المجلس المبطل، بعدما امتنعوا عن المشاركة في انتخاباته. ولهذا، هناك توجه كبير للانتخابات الحالية من قبل تلك القبائل والقوى السياسية الأخرى كالتحالف الوطني، والمنبر الديمقراطي، والتجمع الإسلامي السلفي، والتحالف الإسلامي، وتجمع العدالة والسلام، ومجموعة الـ 62.

وقال: quot;كل القبائل أعلنت مشاركتها، باستثناء مجموعة نواب ما يطلق عليهم معارضة في السابق، فوحدهم مصرين على المقاطعةquot;. وسيخوض السبيعي الانتخابات ضمن مرشحي مجموعة الـ 62 التي أعلنت أن 20 من أعضائها سيترشحون للانتخابات، منهم 12 نائبًا في المجلس المبطل السابق و8 أعضاء جدد.

وتوقع السبيعي أن تكون تشكيلة المجلس الجديد خليطًا من الليبراليين والمحافظين والإسلاميين والقبليين، ولم يحدد نوعية العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، قائلًا إنها تعتمد على تشكيل مجلس الوزراء المقبل، وعلى حجم التمثيل النيابي فيه، quot;لكنني متفائل، فالجو الشعبي العام يميل إلى التعاون ونبذ الصدامات، والناس تريد إنجازات ومشاريع تنموية على أرض الواقع، لا كسلًا حكوميًا وتأزيمًا نيابيًاquot;.

دور سياسي

قال المحلل السياسي والأكاديمي عايد مناع، من قبيلة الظفير، لـ quot;إيلافquot; إن القبائل في الكويت تشكل نسبة كبيرة من المجتمع الكويتي، كما أن معظم العائلات الكويتية ذات الثقل تنحدر من جذور قبلية، وتلعب دورًا رئيسا في السياسة الكويتية.

فعلى صعيد انتخابات مجلس الأمة، دورها كبير في ترجيح الكفة، quot;ففي ستينات القرن الماضي، عندما بدأت الحياة البرلمانية في الكويت، كانت القبائل محسوبة على نظام الحكم أكثر من ميلها إلى المعارضة، واستمر هذا الوضع حتى منتصف الثمانينات، حين بدأ القبليون يفرزون نوابًا ذوي توجهات عقائدية أو يسارية أو ليبرالية أو إسلاميةquot;.

وأضاف مناع: quot;بعد تحرير الكويت وعودة الحياة البرلمانية، اتضح أن القبائل لم تعد تنتخب شيوخها والفرعيين، إنما تنتخب مرشحين ممن يقدمون طرحًا ناقدًا لأداء الحكومة، وتنتخب أيضًا ذوي التوجهات والأفكار الإصلاحية، ما أدى إلى فوز نواب كانوا من أسباب ملاحقة أعضاء في السلطة التنفيذية بالمساءلة السياسية، ما أدى إلى تأزم العلاقة بين السلطتين وإلى حل مجلس الأمة، وإلى استخدام سمو الأمير حق حل مجلس الأمة مرات، لحماية رئيس الوزراء أو الوزراء من الملاحقة النيابيةquot;.

تركوا تقليديتهم

ويشير مناع إلى أن القبليين لم يعودوا كما كانوا في السابق، تقليديين في تصرفاتهم وولائهم، وإنما بحكم التعليم أصبحوا أكثر وعيًا وأكثر رغبة بالمشاركة السياسية وفي المناصب العامة في الدولة. وفي الوقت الذي بدأ فيه نشاط أفراد القبائل سياسيًا وثقافيًا ونقدًا للحكومة، تراجع دور القيادات التقليدية الممثلة بشيوخ القبائل.

وينبه إلى ضرورة التميز بين الجانب الاجتماعي والجانب السياسي للقبيلة، quot;فالجانب الاجتماعيما زال فيه شيوخ القبائل وبعض الرجالات المؤثرين اجتماعيًا أو اقتصاديًا، ولهم دورهم الاجتماعيquot;.

كما يميّز مناع بين شيوخ القبائل والقبائل، quot;ففي انتخابات ما بعد العام 1992 لم ينجح أحد من شيوخ القبائل الذين ترشحوا للانتخابات، وحاليًاما زال دور شيوخ القبائل مؤثرًا، ودليل ذلك في انتخابات مجلس الصوت الواحد، فهناك 3 قبائل رئيسة قاطعت الانتخابات بالتساوي مع قوى أخرى مثل التحالف الوطني الديمقراطي، والمنبر الديمقراطي، والحركة الدستورية الإسلامية، وتنظيمات أخرى أصغر سياسيًا، ما أدى إلى تقلص حجم الناخبين، وإلى غياب الوجوه التي اعتدنا عليها في الانتخابات الماضية كشخصيات مؤثرة في سير العملية الانتخابيةquot;.

أحداث ومواجهات

أشار الدكتور مناع إلى أنه منذ كانون الأول (ديسمبر) 1989 وحتى نيسان (إبريل) 1990، شاركت القبائل في الحراك الشعبي الساعي لعودة الحياة البرلمانية، quot;وكانت ديوانية أحمد الشريعان في الجهراء في كانون الثاني (يناير) 1990 أهم المحطات التي حصلت فيها مواجهة بين الأمن والجمهور وتم تداركهاquot;.

كذلك شهدت ديوانية عباس مناور (الرشايدة) في الفروانية في العام نفسه مواجهة لم تخلُ من العنف بين الأجهزة الأمنية والجمهور. وكان وضع القبليين كوضع أي كويتي في المطالبة بالحياة النيابية، وتكافؤ الفرص والتطبيق السليم للدستور والقوانين.

وبما أنه لا يوجد إحصاء لعدد أفراد كل قبيلة في الكويت، إلا أن أهم هذه القبائل دونما تقيد بالترتيب حسب الحجم هي قبائل العوازم، والرشايدة، والمطران، والعجمان، وعنزة، والعتبان، والظفير، وشمر، والسبيعي، والسهلي، والخالدي، والعدواني، والصلبة، وغيرهم. ولا يوجد قبيلة يمكن تسميتها قبيلة كويتية، فالقبائل في الكويت هي امتداد لقبائل عربية عريقة.