اليوم، الأربعاء 29 كانون الثاني (يناير)، كان يوم الأب باولو، الذي اختفى قبل ستة اشهر على الأقل، حين عزم على التفاوض مع الاسلاميين المتشدّدين في مدينة الرقة في شمال سوريا.

سمى الناشطون السوريون في الداخل السوري وحول العالم اليوم، الأربعاء 29 كانون الثاني (يناير) 2014 باسم الأب باولو، ليكون رمزًا يذكّر الجميع بقضية المعتقلين السوريين في سجون النظام السوري أو سجون تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام، وهو التنظيم الذي يعتبره الثوار السوريون الوجه الآخر لنظام الأسد في سوريا.
وليست تسمية اليوم تيمنًا بالأب باولو على سبيل الذكرى وحدها، بل كان مخصصًا لأنشطة مختلفة، كحضور الناشطين وأترابهم إلى أماكن تجمّع معينة في أكثر من بلد حول العالم، حاملين صورة للأب باولو وصورة أخرى لأي معتقل سوري.
وقد رصد الناشطون السوريون لهذا الحدث صفحة على موقع فايسبوك، باللغة الفرنسية، لمزيد من الانتشار العالمي، نشروا عليها صورًا له، كان أجملها وأكثرها رمزية ما نشرته صفحة quot;تحرير سوريquot;، تبينه جالسًا في مجلس للمسلمين، منشدًا معهم اناشيدهم، في ما يمكن اعتباره رمزًا لسوريا الغد، التي يطمح إليها الشباب السوري الديمقراطي، الخائف على بلاده من سطوة الطائفية البغيضة.
لم يقله غيره
وبالرغم من ارتفاع صوت الأب باولو مع المسلمين، تعرض للخطف في الرقة، ويؤكد المعارض ميشيل كيلو أن ما في جعبته من معلومات تقول إنه ما زال حيًا.
وبالرغم من تناقض الروايات حول اختفائه، إلا أن الثابت أنه ذهب إلى الاسلاميين بنفسه، بعدما طلب من محبيه يوم 29 تموز (يوليو) الماضي عبر فايسبوك أن يدعوا له بالتوفيق من أجل المهمة التي ذهب من أجلها، قائلًا: quot;الثورة ليست توقعات بل التزامquot;.
والأب باولو لم يغادر مسيحيته كما لم يغادر سوريا يومًا، بالرغم من طرده في أوائل أيام الثورة، لأنه صرخ بملء صوته أنه واقف في خندق الثورة السورية على ظلم النظام. وإن لم يقدر عليه النظام، فقد قدر عليه التنظيم، غير آبهين بأنه من تعهّد إعادة بناء الجامع الأموي الذي تهدمه مدفعية جيش النظام، حين قال: quot;الخرائط عندنا، وسنقوم بإعادة إعماره بعد سقوط النظام، فالمهم أن يسقط هذا النظام، وأن يذهب الديكتاتور والباقي سهلquot;. وهذا قول لم يقله المسلمون أنفسهم، في تحسّرهم على حجر ينهار.
هذا أبوهم
غير هؤلاء الاسلاميين، كان الأب باولو نقطة التقاء كل السوريين، على اختلاف مشاربهم، فكان لبعضهم أيقونة ثورتهم، ولبعض آخر quot;قلب الثورة النابضquot;، ولآخرين عرفوه عن كثب كان quot;دمعة السوريينquot;.
عاش متصالحًا مع مسيحيته، في محيط إسلامي مضطرب، حتى صلى مع المسلمين في صلاة جماعة. كما نذر نذوره لصالح الثورة، محولًا دير مار موسى الحبشي في النبك بالقلمون مكان سريًا لاجتماع شباب الثورة من مختلف الأديان، للصلاة من أجل المصالحة.
وكان من أجمل ما كتبه السوريون عن أبيهم باولو ما كتبه نبراس شحيد: quot;باولو، أيها الصديق المشاكس، 6 أشهر على غيابك، ربما لا يسعنا اليوم إلا أن نحسد خاطفيكquot;.