عادت حركة الاخوان المسلمون بشقيها الدعوي والسياسي إلي مركز الأضواء مرة أخري بعد اختفاء قسري شبه متواصل منذ عام 1949 كنتيجة لقرار حلها الذي اتخذته الحكومة المصرية علي اثر قيام احد اعضائها باغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي..

قرار إيقاف النشاط هذا بقي سارياً حتى أصدر مجلس الدولة عام 1951 قراره التاريخي بعدم مشروعية حلها، الأمر الذي هيأ لقادتها ان يصبحوا علي مقربة من صناع القرارفي مصر بعد قيام الثورة المصرية في شهر يولية عام 1952 مما جعلهم يستثنونها باعتبارها جوعية دعوية من قرار حل الاحزاب السياسية الذي اتخذته حكومتها عام 1953..

الثابت تارخيا ان قرار الاستثناء جر علي التنظيم عظائم الأمور، فقد فهم قادته أن هذا الإستثناء يمنحهم حقا معنويا في التدخل فيما تصدره حكومة الثورة من قرارات أو علي الاقل تفرض عليها ان تتشار معهم قبل اتخاذها.. لهذا لم يدم التقارب بين الطرفين طويلا بعد ان رفض جمال عبد الناصر هذه المشاركة في السلطة وفق شروطهم التى اعتبرها; وصاية مرفوضة amp;;، وما اعقب ذلك من محاولة الإغتيال التي تعرض لها في مدينة الاسكندرية عام 1954 وما نجم عنها من محاكمات وتنفيذ احكام بالاعدام والسجن لسنوات طوال ونفي طوعي خارج البلاد..

في عهد الرئيس انور السادات حدث نوع آخر من التصالح بين النظام الحاكم وتنظيم الاخوان بغية إحداث توازن يقابل التياريين الناصر والاشتراكي اللذين كانا يقفان لرئيس الجمهورية بالمرصاد، مما أدي إلي ظهور كوادر ونشاطات الجماعة إلي العلن.. لكن هذه المصالحة انتهت بعد حادث المنصة الشهير، ومن ثم اعيد فرض الحظر مرة أخري عقب تولي النائب حسني مبارك المسئولية..

تميزت فترتي حكم الرئيسين السادات ومبارك بان تنظيم الإخوان المسملون لم يختف، ولكنه لم يأخذ حظة في التواجد الشرعي.. وان وصفه بانه محظور، لم يكن ذي جدوي.. وان عمليات القبض والمحاكمة لم تضعف منه، بل ساهمت ضمن عوامل أخري في تقويته.. وأن محاصرة نشاطه السياسي، عمقت إلي حد كبير من قناعة كثيرون بأهدافه.. lt;br /gt; لكن الجماعة او التنظيم في كل هذه المراحل، لم تلبي احتياجات شرائح كثيرة من المجتمع كانت ولا زالت تميل لما تطرحه من أفكار وتقدر لها رؤيتها الدعوية.. ولكنها بقيت علي مسافة منها بسبب العديد من أرآئها السياسية التي تراها إقصائية من ناحية وفي حاجة شديدة لمزيد من الشفافية الوضوح الذي لا لبس فيه من ناحية ثانية..

عادت الحركة إلي الأضواء بقوة ومشروعية بعد ثورة 25 يناير.. بقوة كشفت عن قدرتها التنظيمية ومشروعية اسقطت عنها الحظر الشكلي الذي كان مفروضا عليها إلي الدرجة التى جعلت من رموزها مشاركين فعلين في الحراك المجتمعي الذي يعيشه المجتمع المصري منذ ذلك التاريخ علي كافة المستويات.. مما ساعدها علي الظهور كتكتل في العلن مما وفر لها الفرصة للبرهنة عن قوة تنظيمها ومتانة كوادرها وتشعب قواعدها..

هذه العودة اتسمت بأمران.. lt;br /gt; الأول اتساع نشاط الجماعة في مجال دعوتها الدينية وتعدد توجهاتها إلي الحد الذي جعل قادتها يفتتحون تحت الاضواء وامام الكاميرات عدة مقار جديدة لها في اكثر من محافظة مصرية ( القاهرة الاسكندرية المنصورة المنيا اسيوط القليوبية ). lt;br /gt; والثاني اعلان ثلاثة من اقطابها بعد استقالتهم من هيلكها التنظيمي عن تشكيلهم لحزب سياسي دفعوا باوراق تأسيسه إلي الجهة المسئولة عن تنظيم الاحزاب كما حددها قانون ممارسة النشاط السياسي الجديد، ومن المتوقع ان يعلن عنه في غضون ايام قليلة..

يهمنا هنا الإشارة إلي ما تلاحظه عين المتابع للشأن المصري من إرتباط عضوي بين التحركين وأعني بذلك التوسع الأفقي والرأسي للعمل الدعوى والنشاط المدني الذي يمهد الطريق للحزب السياسي ويضع امكانياته في خدمته.. حيث يبدو جلياً أن كلاهما يصب في مصلحة الشعارات السياسية التى كانت الجماعة ترددها وتبني عليها خطابها السياسي خصوصا بعد الصفقة التى عقدتها عام 2005 مع الحزب الوطني الذي صدر قرار قضائي بحله مؤخراً - عندما فازت في انتخابات مجلس الشعب المصري بـ 88 مقعد واشهرها الإسلام هو الحل لا جدال في ان نشاط تنظيم اإخوان المسلمون كجمعية دعوية يتطلب توجهاً يخدم الجماعة واعضائها ثم الفئات السكانية المستهدفة في اطارالاخوة اسلامية amp;; التى تجمع بينهم.. أما نشاط الحزب السياسي المنبثق منها عند البعض او المنشق عليها عند البعض الآخر، فمن الضروري أن لا يدور وفق هذه المنظومة، للأسباب التالية.. لأنه لا بد أن يعتمد المواطنة أساس للعضوية لأنه لا بد ان يتوجه إلي كل المصريين بلا إستثناء

لأنه لابد أن يكون ذو رؤية فيما يتعلق بكل ما يتعلق بالصالح العام للوطن.

لأنه لا بد أن تكون لديه استراتيجية فيما يتعلق بقضايا الوطن

لأنه لا بد ان يكون قادراً علي الوصول إلي اكبر قطاع من ابناء المجتمع.

من المؤكد أن فلسفة الجماعة الدعوية التى جربها تنظيم الإخوان المسملون طوال تاريخه منذ نشأته عام 1928 وحتي اليوم، تؤهلها للتواجد والتمدد بنجاح ومصداقية علي مستوي المجتمع المصري بكل شرائحه خاصة وأن نشاطاتها لعقود طويلة كانت تتم بنسبة نجاح معقولة برغم ضغوط المطاردة والتشتيت والمحاكمة والسجن.. أما سعي حزبها السياسي لإيجاد موضع قدم له في الساحة السياسية المصرية بكل اطيافها فيحتاج لفلسفة أخري تقوم علي منهج سياسي، يملك قادته الحجة لمناقشته علي كافة المستويات وما يتطلبه ذلك من محاججة وتفسير وتطبيق علمي غير قابل للتقية او للتهرب من الاستحقاق.. lt;br /gt; lt;br /gt; برغم ما قيل وما بذل من ايضاحات فيما يتعلق بافكار الحزب السياسي الذي سيعلن عنه قريبا.. وبرغم النقاشات التى سادت علي شاشات بعض الفضائيات المصرية والعربية حول ما سيقدمه من اطروحات تتعلق بحياة الانسان المصري اليومية وما يتطلع إليه في غده..

وما قيل حول تفعيل السياسات المصرية الخارجية بدوائرها كافة، ازعم ان الامر لا زال في حاجة ماسة إلي الكثير من الايضاح خاصة وان الأغالبية الصامتة في مصر التى بدأت تشد إليها كافة القوي السياسية القديمة والحديثة، تلح في الحصول علي اجابات شافية وموثقة للعديد من المسائل التى ثار عليها الجدل قديما ولا زال يثور، منها علي سبيل المثال..

قضايا التعليم ;قضايا الاقتصاد ;قضايا المواطنة ملف المرأة ملف المعاملات البنكية

ملف العلاقات مع الولايات المتحدة

إشكالية التطبيع مع إسرائيل

وهناك الكثير غير هذا، لكننا نعتبر ان الوصول بالمواطن المصري البسيط إلي شط الأمان فيما يتعلق بهذا القضايا والملفات والاشكاليات.. سيضع الحزب في مكانه الطبيعي من الفكر الجمعي المصري وما ينتج عن ذلك من قبول أو رفض..

استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا

[email protected]