أين يقف ائتلاف دولة القانون، مع العبادي أم ضده؟!
وبصيغة أدق، ما هي دولة القانون؛ العبادي أم المالكي؟
ذكر لي أحد النواب الواقفين في المنتصف بين الإثنين "ان الأمر معقد، وأن دولة القانون مشتتة جدا، لدرجة يصعب أن يحدد المرء الى من تتبع" سألته ما إذا كان هناك وجود يسمي دولة قانون، قال "خلي اخبرك بشي، إحنا مو محددين الموقف النهائي، الوضع مرتبط بمستقبل العبادي". كلام يعبر عن عن جذر الأزمة داخل ائتلاف كان يعتقد أن بمقدوره أن يشكل حكومة الأغلبية التي اتخذها زعيمه نوري المالكي برنامجا انتخابيا وطرحها رؤية سياسية مستقبلية. فالائتلاف يفسر بطريقتين، الأولى ما يضم القوى المعادية للسياسة الامريكية من وجهة النظر الايرانية. والثانية تلك التي تحركت بسرعة كبيرة لإنقاذ مستقبل تحالفها، فدفعت بالعبادي رئيسا للحكومة، عبر طريق شاقة تحولت الى شرخ بين السلف وخلفه.
دولة القانون اجتمعوا منذ يومين ضد العبادي، لمطالبته باجراءات سريعة كي تكون الاصلاحات التي يتخذها نابعة من اتفاق الشركاء. موقف حسن نظرياً، لكن زعيمه في دورته الحكومية لم يكن توافقياً. ولأنه انفرد، خسر حلفائه، بدءا بالصدريين وانتهاءا بزملائه داخل حزب الدعوة. نسخة الائتلاف التي صدر عنها هذا الموقف ليست ذاتها قبل عام ونيف. الحالية تحمل صورة رسمها زعيم أبعد عن السلطة، والسابقة رسمها حين كان على رأس السلطة. وما بين الائتلافين فوارق جمة، أهمها أن قيادات الدعوة لم تعد ضمن مسار المالكي، وان أقرب حلفاء الاخير ينتمون الى أحزاب ثانية، والى بعض من اختارهم ليكنوا بدلا عن زملائه الدعاة. اي ان الائتلاف بهذه النسخة، يمثل المعركة ضد رئيس الوزراء حتى لو تعارضت الوسائل والخطاب في الوقت الحالي مع الوسائل والخطاب القديم. هي المعارض وليس الحاكم.
يتحدد عمر الائتلاف بصيغته الراهنة بحسب ما يتيحه زعيمه التقليدي من خدمات انتخابية لحلفائه. وهي خدمات ترفع ذا الالف والالفين والثلاثة الاف صوت الى رتبة "منتخب". كما لا ينسى الدور الايراني في هذا الصدد. عملياً لعب الصراع بين طهران وواشنطن دوراً مركزيا في تحديد اتجاهات الصورة "المالكية" لدولة القانون، وهو وضع تبلور منذ بدايات الدورة الثانية لرئيس الحكومة السابق، وشهد تقدماً لصالح الامريكيين بعد سقوط الموصل، ثم استعادة ايرانية للتوازن بعد تحرير تكريت.
من جانب آخر توجد نسخة أخرى، غابت عن المؤتمر الصحفي الشهير الذي أعلن الحرب على مصطلح "القائد الضرورة". تلك قيادات حزب الدعوة وعموم من خاضوا مغامرة الاتفاق على نقل السلطة مع المجلس الأعلى والحزب الديمقراطي الكردستاني والآخرين الذين غابوا. وهؤلاء ليسوا حلفاء العبادي بالضرورة، الا أنهم صناع عملية انقاذ الائتلاف من الغرق في وحل الضغوط الامريكية المصرة على تغيير رئيس الحكومة.
من هنا، يوجد تياران لدولة القانون؛ الأول لاصق الأب المؤسس، والآخر أسقط الأب من أجل حماية الوجود السياسي للمؤسسة. والمفارقة أن حزب الدعوة هو الأكثر انشقاقات خلال ربع قرن من تجربة معارضة النظام السابق، وبهذا ضمن تعددية بحسب المكان الموجود فيه، وغالباً ما كان الموقف من الجمهورية الاسلامية السبب بتلك الانشقاقات. لكن المتابع يكتشف بعد حين انها انشقاقات من أجل حماية النفس، والخروج بأقل الخسائر في ظروف استثنائية، أهمها ظرف أن الدعوة لم يكن مرضيا عنها داخل ايران.&
فصناعة النسخ المتعددة، ومنهجية التعددية المولودة من رحم واحد، خلّاقة لاستمرار الأزمة، وضامنة للبقاء في الوقت نفسه. ولهذا ليس مجدياً القول أين هو ائتلاف دولة القانون، مع المالكي أم العبادي، لأن كلاً منهما ينتظر نتائج الآخر، على الرغم من أن الصراع بين الشخصين حقيقي وليس مصطنعاً، بالنهاية هو صراع نفوذ، تتحكم به عناصر أكبر من مقتضيات النسختين.&

&