ليس هناك أي ضمانات علي المستوي الدولي الراعي لمؤتمر محادثات السلام في اليمن الذي سيعقد في جنيف يوم 14 من الشهر الحالي، أن تسفر النقاشات والمداولات عن فتح طاقة أمل للشعب اليمني الذي الذي أشعل فصيل من أبنائه نيران الحرب الأهلية بينه وبين سلطة البلاد الشرعية، لكي يبدأ مسيرة العودة إلي الإستقرار والهدوء والسلام مرة أخري.&

بل علي العكس من هذا المطلب العادل، هناك من يتوقع ان أن تستغل الجماعة الحوثية فرصة التواجد علي جانب من طاولة المباحثات، لكي تملي شروطها بهدف الحصول علي إعتراف دولي بها كطرف حاسم علي مستوي الملف ككل بعد أن خرجت من دائرة العنف والإرهاب إلي طاولة مفاوضات دولية برعاية أممية.&

اشير بإيجاز إلي:

المخاوف التى تضمنها غالبية التقاري الأوربية التي تناولت هذه القضية في ضوء المباحثات التى جرت في مسقط اوائل الشهر الحالي ضمن المظلة الأمريكية التى جمعت تحتها كافة الأطراف، وفتحت فيها واشنطن قناة تواصل غير معلنة مع طهران ضمنت من خلالها أن يرضخ الطرف الحوثي لضغوطها التى نجحت في الدعوة لمؤتمر جنيف المرتقب.&

ومارست – واشنطن - من خلال الرياض ضغوط أقل علي الرئيس اليميني عبد ربه منصور لكي يشارك في المؤتمر، بعد أن ظل متمسكاً بضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي تسانده توصيات اجتماع الرياض أولاً قبل الذ1هاب إلي جنيف.&

تتحدث هذه المخاوف عن:

أن يمثل المؤتمر فرصة الجماعة الحوثية لتصدر المشهد السياسي اليمني بعد أن حرصت آن باترسون المسئولة عن إدارة الحوار بين كافة الأطراف اليمنية – سفيرة واشنطن السابقة في القاهرة – علي التعامل معهم علي قدم المساواة مثلهم في ذلك مثل الوفد اليمني الذي يمثل السلطة الشرعية، طوال تواجدهم في مسقط. خاصة وانهم تلقوا من موسكو دعوة لعقد مباحثات مع ممثلي الدبلوماسية الروسية فور إنتهاء مباحثات مسقط.&

إمكانية أن تؤدي هذه المباحثات إلي إعتراف سياسي وعسكري بقوة غير حقيقية للجماعة الحوثية ومن ثم تمنحهم حقوق أوسع وأكبر فيما يتعلق بإدارة البلاد سيادياً وتنفيذياً، علي حساب القوي السياسية اليمنية الأخري التى لم تُدع إلي جنيف.&

أن تأتي العديد من نتائج جنيف المرتقبة ضد مصلحة الشعب اليمني. خاصة إذا أخذنا في الإعتبار قدرة الجماعة الحوثية علي تقديم التعهدات بنية عدم الوفاء بها، او بنية تعطيل أي خطوات علي أرض الواقع ستكون هي طرف فيها.&

أن تتمكن الجماعة الحوثية وفق إساليب المراوغة التى طبقتها لفترة طويلة منذ مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني وجعلت منها بلا سند شعبي طرفا فاعلا في الملف اليمني، من تأجيل العمل بقرار مجلس الأمن 2216.&

ولعلني لا أبالغ عندما أقول أن الكثير من التقارير الأوربية إستعرض القدرات المتواضعة لممثلي الامم المتحدة الذين تعاقبوا علي الملف اليمني وآخرهم إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وأنهم لم ينجحوا في إقناع الجانب الحوثي بضرورة وحتمية الإلتزام ببنود القرار الأممي!! ربما لإفتقادهم الأليات التى تفرض علي الطرف المقصر العقوبات المستحقة عليه كمعتدي علي قرار مجلس الأمن في مثل هذه الحالات.&

وأنها تنبأت وفق هذه الخلفية، أن يمثل مؤتمر جنيف بالنسبة للحوثين:

- خروجا مشرفا من دائرة الإرهاب التى الصقت بهم، والدخول بنسبة الثلث في دائرة المشاركة في صنع القرار اليمني السيادي والتنفيذي.&

- رفع الحظر الذي كانت تفرضه بعض القوي الغربية عليهم وأن تمنحهم واشنطن والأمم المتحدة بالحق في التحالف مع قوة إقليمية، كما تعترف للسطة الشرعية بهذا الحق.&

- أن يكون لهم الثلث العددي علي المستوي التنفيذي والتشريعي اليمني. مجلس الوزارء، رئاسة المحافظات، المناصب العسكرية والأمنية، والمجلس النيابي عندما يتشكل. طالما انهم يمثلون الطرف الثالث في المحادثات القادمة إلي جانب السلطة الشرعية للبلاد و حزب الإصلاح الذي يمثل تيار جماعة الإخوان المسلمين في اليمن.&

الأخطر من ذلك من زاوية المصلحة اليمنية العليا.&

أن بعض وسائل الاعلام الأوربية سربت مسودة لمبادرة تزعم أنها ستعرض ضمن جدول أعمال جنيف، قيل أن المنسقة الأمريكية للإجتماع الذي عقد في مسقط – آن باترسون – عرضتها علي الجانب الحوثي لحضه علي التواجد في جنيف، تتناقض إلي حد كبير مع بنود قرار مجلس الامن 2216. كيف ؟؟.&

القرار الدولي ينص علي ضرورة خروج القوات الموالية للجماعة الحوثية من كافة المدن المينية والمراكز التابعة للقوات المسلحة ومعسكراتها، وان تقوم بتسليم كافة ما لديها من أسلحة خفيفة وثقيلة إلي سلطات الدولة المختصة.&

المبادرة التى قيل أنها عرضت علي الحوثيين لإقناعهم بالمشاركة في مؤتمر جنيف، تنقسم إلي جزئين. الأول يتحدث عن وقف فوري من جانب جميع الأطراف لإطلاق النار، وعلي إنسحابها جميعا من تلكلألاماكن لتسهيل وصول مواد الإغاثة الحياتية والطبية والعلاجية إلي المتضررين من هذه الحرب. الثاني يفرض وقف شامل ومتواصل لإطلاق النار في جميع أنحاء اليمن، تمهيداً لإرسال مراقبيين دوليين وعرب للإشراف علي هذه الخطوة.&

تبدو الصورة خالية من الرئيس السابق علي عبد الله صالح.&

ويبدو انه فقد كل دعم كان يحظي به إقليمياً ودولياً.&

ويبدو أن الحوثيون مستعدون للتضحية به في سبيل بناء مجدهم السياسي.&

نفهم أن الولايات المتحدة تعمل لمصلحتها، وأنها ستوظف كافة النتائج المترتبة علي مؤتمر جنيف المرتقب لتعزيز مصالحها في اليمن وعند مدخل باب المندب، ولمنع توسيع محتمل للمواجهات من داخل الأراضي اليمنية إلي خارجها في اتجاه الجنوب السعودي أو ناحية مياه بحر العرب و البحر الاحمر!

والسؤال قبل أيام معدودة من تاريخ 14 الجاري.&

هل ستتجاوب الجماعة الحوثية مع هذه الأجندة الأمريكية علي طول الخط ؟؟.&

أم ستعمل لحسابها وحساب الداعم الأكبر لها. إيران ؟؟.&

من الآن نقول أن الجماعة ستروج لكونها ملتزمة بالأجندة الأميركية.&

لذلك نري أنها ستستغل أجواء اجتماع مسقط التى قربتها من ممثلي واشنطن لكي تقوي قدراتها باكثر مما تمثله كطيف أجتماعي يمني محدود بالموافقة علي كل ما سيعرض عليها مقابل الوعد بتقديم تنازلات تبدو في الأفق قابلة للتنفيذ فوق الأرض. بهدف مضاعفة المكاسب التي ستحظي بها طالما تم الاعتراف بها دولياً " قوة ثالثة مؤثرة ومشاركة في صناعة القرار السياسي اليمني ".&

ستوافق الجماعة علي المبادرة المترقبة التي ستركز علي حتمية الإنسحاب من المدن والمحافظات اليمنية ماعدا صعدا، وستوافق علي جدول زمني لتسليم كل ما تملكه من سلاح حتى لو كان صواريخ سكود.&

وستعلن قطعها للصلة القائمة بينها وبين القوي القتالية التى يمثلها الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ولا استبعد ان توافق علي نفيه وأسرته خارج البلاد.&

وسيوقع ممثلوها علي الوثيقة التى سيطرحها الأمم المتحدة طالما تتضمن حصولهم علي نصيب الثلث علي المستوي التنفيذي والتشريعي كما سبق وفصلنا.&

وبعد أنفضاض المهرجان الذي تطمع أن يتوجها قوة فاعلة ومؤثرة ولا يتم الوافق علي أي قرار سيلدي ندون رأيها ومشورتها وموافقتها، سيتحول موقفها وأداؤها علي ارض الواقع إلي الإتجاه الآخر بنسبة 180 درجة.&

لا أستبعد أن تتحول جماعة الحوثين إلي قوة معطلة لكل ما يتعارض قناعاتها وما تمثله من مخططات خارجية تتقاطع جملة وتفصيلاً مع مصلحة الشعب اليمني.&

إلا إذا تضمنت الوثيقة التى ستصدر عن جنيف الأسبوع القادم آلية للتنفيذ والمراقبة والمحاسبة، تشرف عليها وتفعلها دول الجوار تحت مظلة الأمم المتحدة.&

بغير هذه الألية لا أمل في أن يبقي الشعب اليمني موحداً فوق أرضه، مسالماً ضمن بيئته العربية لا يشن العدوان ولا يحرض عليه ولا يحتضن بؤراً إرهابية.&

وإن غداً لناظره قريب!

* استشاري اعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]