&تناوب رؤساء العالم على ألقاء خطاباتهم في الأمم"المتحدة"، تبادلوا التصفيق والابتسامات، بينما الفضائيات تنقل مشاهد عن مذبحة(حلب) وصور اخراج جثث القتلى من تحت الركام، مندوب أطباء بلا حدود يصرخ بعدم وجود مستشفيات أوعلاج والقتلى والجرحى يلقون على الأرض.

لا أحد يكترث، كأن حلب تقع في كوكب آخر بعيد عن الأرض.

&وموعد قطاف الفستق الحلبي يصبح مجزرة تقطف فيها أرواح من تبقى من سلالة الجمال الفينيقي في هذه المدينة الذبيحة.

&سنوات طوال ومأساة هيروشيما وناكازاكي ترسم تفاصيل الجرُح للضمير الأنساني، والصدمة الأكبر التي تعرضت لها البشرية في ذاكرة الحروب وكوارثها، واستغرقت نحو نصف قرن تؤرق الأنظمة الديمقراطية وتعمق من اهتمامها بعملية السلام وثقافة التآخي، ولم تنخفضْ أصابع الأتهام لعدوانية امريكا وغطرستها ضد الشعوب.

&هيروشيما عراقية مستمرة منذ عشر سنوات وعلى نحو يومي، واكثر من مليون قتيل وثلاثة ملايين مهجر ونازح ومفقود، وتدميرشامل لعشرات المدن، أمام فرجة كونية وعطب بالضمير العالمي، وهيروشيما ثانية في سوريا استهلكت حتى الآن اكثر من نصف مليون قتيل وقرابة مليوني مصاب، ومايزيد على أربعة ملايين نازح جائع ومشرد، وهيروشيما ثالثة في ليبيا ورابعة في اليمن وأبواب الإبادة مفتوحة لإستقبال هيروشيمات جديدة..!

&يوم كان ضمير العالم حيا ً فأنه لم يترك هيروشيما اليابان وحيدة، بل شاركهم بالدموع وتضميد جراح الفاجعة، ومدت لهم كل المساعدات، وصارت هيروشيما وشما ً لبطولة شعب وشعارا ً للتضامن الأممي، نشيد سلام وجمال بشري بديلا عن خرائب الحروب، وأعطت لليابان أكثر مما أخذت منها، وأبرزها وحدة الوطن والإرادة التي تخطوا بها غالبية دول العالم لإثبات الذات القومية العظيمة، وتعويض نصرهم بالتقدم العلمي والحضاري وفلسفة جديدة لمعاني الحياة.

هيروشيما عربية وردتنا مع مواسم جفاف الضمير الانساني، وموعد الربيع الدموي لسقوط الوهم العربي، واعلان حقيقة افتقادنا لشروط الأمة والثورة والمستقبل، ومهازل عقلنا " الإسلاموي " يأخذ ببلاهتنا نحو صراعات طائفية وتمزق مذهبي وابتكار أعداء ً من داخل مكوناتنا، وكانت سببا في تدمير شواخص أعظم حضارتين في التاريخ البشري، الحضارة الآشورية في (الموصل) والفينيق في سوريا، وزلازل شاملة للمدن والثقافة وإطلاق الوحش النائم فينا منذ هبطتنا من فوق الأشجار قبل عشرة آلاف السنين.

&هيروشيما عربية تعلن السقوط الأخلاقي لأعظم قوتين في العالم المتوحش الحديث امريكا وروسيا، واصدارهما نسخا ً غريبة من الأبالسة واستعراض آلهة الحديد في التدمير والإبادة البشرية، موت بأعداد غير مسبوقة يتحول الى بيانات في لحظة سهو للإحساس الأنساني، ترد كأرقام في أخبار يومية ثم تحفظ في أرشيف مقابر الضمير والوعي.

هيروشيمات عربية نقلت وجودنا من الهامشي الى الوحشي، في اقتراح غيرمسبوق لسكان الكوكب الأرضي بتعلم هواية الذبح البشري أمام الكاميرا..؟

&هيروشيما متكررة جعلتنا ضيوف ثقال على البشرية ووضعتنا أمام حقيقتنا المرّة وافلاسنا التاريخي، لم يبق لنا سوى (النفط) الذي أوقدنا فيه آخر الحرائق لأشجار الفستق الحلبي ونخيل الفراتين.

&

[email protected]