يواصل الجيش السوري تقدمه ببطء في الأحياء الشرقية المحاصرة من مدينة حلب، وسط وضع إنساني كارثي سيشكل محور اجتماع طارئ يعقده مجلس الأمن الدولي الجمعة.

حلب: يأتي هذا الاجتماع غداة تحذير الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستيفان دي ميستورا من ان الاحياء الشرقية لحلب "ستدمر بالكامل" اذا استمرت وتيرة الهجمات على حالها.

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان بسيطرة قوات النظام بعد منتصف الليل على تلة في منطقة الشيخ سعيد وابنية سكنية في حي صلاح الدين المجاور في جنوب مدينة حلب، بعد هجوم موسع ضد الفصائل المقاتلة.

واشار الى معارك عنيفة مستمرة بين الطرفين على محاور عدة في جنوب المدينة وفي شمالها، وفي أحياء بستان الباشا وسليمان الحلبي وصلاح الدين التي تشكل ابرز خطوط المواجهات.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "تتقدم قوات النظام بشكل بطيء بسبب المقاومة الشرسة من الفصائل تحديدا في جنوب المدينة".&

وتنفذ قوات النظام هجومًا على الاحياء الشرقية في حلب الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ 22 سبتمبر. وتعرضت الاحياء الشرقية على مدى اسبوعين لغارات روسية وسورية كثيفة ادت الى مقتل اكثر من 270 شخصا. وألحقت هذه الغارات دمارا هائلا بالابنية وطالت المستشفيات.

وترد الفصائل المعارضة على الهجوم بإطلاق القذائف على الاحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام. وافاد التلفزيون السوري الرسمي الجمعة بمقتل اربعة اشخاص من عائلة واحدة، هم زوج وزوجته وطفلان، اضافة الى اصابة ثمانية آخرين بجروج جراء قذائف استهدفت حي الميدان في غرب حلب.

وقتل الخميس 11 شخصا على الاقل وأصيب العشرات بجروح جراء غارات على حي الجميلية في غرب المدينة، وفق حصيلة للمرصد السوري.

القتال او المصالحة
غداة إعلان الجيش السوري الاربعاء قراره "تقليص عدد الضربات الجوية والمدفعية على مواقع الارهابيين" بعد "قطع جميع طرق امداد المجموعات الارهابية فى الاحياء الشرقية" في حلب، اعلن الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة تلفزيونية مع قناة دنماركية عرضت الخميس ان قواته ستواصل محاربة "المسلحين" في حلب حتى يغادروا المدينة، الا اذا وافقوا على الخروج بموجب اتفاق مصالحة.

وقال في المقابلة التي نشرت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" نصها بالعربية، ان هدف القوات السورية والروسية في المرحلة المقبلة "الاستمرار في محاربة المسلحين حتى يغادروا حلب"، مضيفا "ينبغي أن يفعلوا ذلك، ليس هناك خيار آخر، لن نقبل بأن يسيطر الإرهابيون على أي جزء من سوريا". لكنه اشار الا ان "المصالحات" وحدها قد تمنع استمرار القتال.

وتحاصر قوات النظام السوري منذ نحو شهرين الاحياء الشرقية في مدينة حلب، حيث يعاني اكثر من 250 الف شخص من نقص فادح في المواد الغذائية والادوية.

وغالبا ما يستخدم النظام السوري سياسة الحصار لتجويع واخضاع المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة، بهدف دفع مقاتليها الى تسليم سلاحهم والانسحاب بموجب ما تسميه "اتفاقات مصالحة".

ونقلت وكالة سانا ان "عشرات الاشخاص" خرجوا الجمعة من الاحياء الشرقية عبر "ممرات آمنة" ونقلهم الجيش الى مراكز اقامة موقتة.&

لكن مدير المرصد رامي عبد الرحمن قال لفرانس برس ان لا معلومات متوافرة لديه عن خروج مدنيين الجمعة. كما لم يسجل مراسلو لفرانس برس في شرق المدينة اي عمليات خروج من المدينة.

جلسة طارئة&
وتدهور الوضع الميداني في شرق حلب إثر انهيار هدنة في 19 سبتمبر كان تم التوصل اليها بموجب اتفاق اميركي روسي وصمدت اسبوعا. وعلقت واشنطن الاثنين محادثاتها مع موسكو بشأن سوريا اثر التصعيد في العمليات القتالية.

ويعقد مجلس الامن الدولي جلسة طارئة حول سوريا الجمعة. وقال دبلوماسيون ان الجلسة دعت اليها روسيا وسيتخللها عند الساعة 14,00 ت غ عرض عن الوضع في سوريا يقدمه دي ميستورا عبر الفيديو من جنيف.

جاء الاعلان عن الجلسة امس بعد ساعات على تحذير دي ميستورا من انه "خلال شهرين او شهرين ونصف كحد اقصى، اذا بقيت الامور تسير على هذه الوتيرة فقد تدمر احياء شرق حلب بالكامل".

وقال ان وجود مقاتلي جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل اعلان فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) في المدينة يشكل مبررا لموسكو ودمشق لمواصلة الهجوم. واضاف "نحن نتحدث أساسا عن 900 شخص أصبحوا السبب الرئيس لمهاجمة" الاحياء الشرقية، متابعا وهو يتوجه الى هؤلاء المقاتلين "اذا قررتم الخروج بكرامة ومع اسلحتكم (...) فانني مستعد شخصيا لمرافقتكم".

وبحسب المرصد، يبلغ عدد المقاتلين في شرق حلب نحو 15 الفا، بينهم 400 مقاتل من جبهة فتح الشام. وفي موسكو، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت انه أبلغ نظيره الروسي سيرغي لافروف خلال لقاء معه ان "لا شيء يمكن ان يبرر حمم النار والقتلى" في حلب، معتبرا ان روسيا، الحليف الرئيس للنظام السوري، يجب الا تتساهل ايضا مع هذا الوضع.

ويزور ايرولت واشنطن الجمعة في محاولة لاعطاء دفع الى مشروع قرار تأمل فرنسا اقراره في مجلس الامن ويطالب بوقف القصف على حلب وايصال المساعدات.&

واعلن لافروف امس انه "مستعد للعمل" على مشروع القرار شرط الا يتعارض &مع "المقاربات المبدئية الواردة في الاتفاقات الروسية الاميركية، وان ياخذ في الاعتبار القرارات التي سبق ان اتخذها مجلس الامن والمجموعة الدولية لدعم سوريا".