&
مع تصاعد الغضب الشعبي العارم في العراق وانضمام التيار الصدري القوي، لجملة أسباب، الى التظاهرات الشعبية وتفاقم حدة الازمة السياسية والمالية في البلاد إضافة الى الحرب ضد قوى الإرهاب المنفلتة تبدو حكومة السيد العبادي الحالية بعد حوالي سنتين من الحكم عاجزة تماما في إدارة البلاد وانقاذه من الفوضى والفساد المستشري ومواجهة الازمات الحادة التي تعصف بالكيان العراقي رغم دعم الشارع والمرجعيات الدينية وتقف الحكومة مكتوفة الايدي في مواجهة التدخلات الإقليمية وسطوة الأحزاب المتنفذة وشراسة اخطبوط الفساد الذي يحتل العديد من مراكز صنع القرار
لما سبق فان مشروع السيد رئيس مجلس الوزراء العراقي بتغيير وزاري مطعم بعناصر تكنوقراط كمرحلة اولى يمكن ان تكون اخر معارك السيد العبادي لإصلاح الوضع وكأن التغيير الوزاري والسادة التكنوقراط يملكون عصى سحرية لحل مشاكل العراق المتراكمة ومحاربة الفساد والإرهاب ووضع البلاد على الطريق الصحيح
من الواضح ان هذا الحل الشكلي والإعلامي لا يتعلق بجوهر مسألة الحكم في العراق وهي في الإقرار بفشل العملية السياسية القائمة على المحاصصة والطائفية والتهميش وإلغاء مبدأ المواطنة والمساواة في تمثيل مكونات الشعب العراقي
ان عدم التزام حكومة السيد العبادي سواء طواعية او تحت ضغط التدخلات الإقليمية بتنفيذ وثيقة الإصلاح السياسي التي بموجبها تم تشكيل الحكومة الحالية وعدم اتخاذها إجراءات حازمة ضد رؤوس الفساد رغم دعم المرجعية الدينية ولا القيام بأي إصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة المترهلة ولا الوصول الى حلول واقعية للمشاكل مع إقليم كوردستان أدى الى ما وصل اليه الحال الان من تفشي الفساد والفقر والمرض وانهيار مستوى التعليم حتى أصبحت الجامعات العراقية كمثال خارج قائمة جامعات العالم المعترف بها وأصبحت بغداد ثالث اسوء مدينة في العالم امنيا وخدميا كما اصبح جواز السفر العراقي اسوء جواز من بين كل جوازات دول العال من حيث الاعتراف به
الامر لا يتعلق بحكومة تكنوقراط او غير تكنوقراط على الأقل في هذه المرحلة وانما يتعلق بتصحيح مسار العملية السياسية والالتزام بوثيقة الإصلاح وتنفيذها والتجاوب الفوري مع مطالب المواطنين المتظاهرين واجراء مصالحة وطنية حقيقية وإعادة بناء الدولة العراقية على أساس مبدأ المواطنة&
السؤال الذي يفرض نفسه ماذا إذا فشل السيد العبادي في معركته الأخيرة هذه اليس من الأولى والأفضل للشعب العراقي ان يذهب الى انتخابات مبكرة بدل من إدخاله في متاهات جديدة ولماذا لا يترك الامر له ليختار من يعمل من اجل تحقيق ارادته ومطالبه بعد ان فشلت بامتياز حكومات المحاصصة والاقصاء والتوافقات المشبوهة على اقتسام غنائم السلطة فالمرء لا يلدغ من جحر مرتين
حقا السيد العبادي غير مسؤول عن التركة السيئة التي ورثها ولكنه دون شك مسؤول عن معالجتها وتصحيح مسار العملية السياسية وارسائها على أسس قابلة للحياة واجراء مصالحة وطنية شاملة ووضع حد للتجاوزات الطائفية والعنصرية وتغير الواقع السكاني وضرورة الاتفاق مع حكومة إقليم كوردستان على حزمة إجراءات فورية وواقعية لحل المشاكل العالقة وقبل كل هذا وذاك احياء مبدأ المواطنة الذي بدونه لن تستقيم أحوال البلد لا الان ولا مستقبلا

&