&
صرح وزير خارجية مملكة البحرين، معالي الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفه، في شهر فبراير الماضي في فيلم تلفزيوني وثائقي، عما تعاني مملكة البحرين من التدخلات الثيوقراطية الإجنبية، وما تعرضت له المملكة الدستورية البحرينية من إنقلاب ثيوقراطي في فبراير من عام 2011 فقال: "إن ما تعرضت له مملكة البحرين في عام 2011 مؤامرة تم الإعداد لها منذ سنوات طويلة، بل إيران نفسها تضع نفسها في موقع الإتهام، وإذ نرجع لثلاثة عقود من التدخل، أقدر أرجع إلى العملية الإنقلابية في سنة 1981، هذه واضحة، وكل يعلمها، بل يعلمها القاصي والداني، التدخلات الدائمة، التصريحات التي نسمعها دائما إن مملكة البحرين جزء من إيران، الكلام الذي لا نقبله ونرد عليه في لحظته. الموضوع وما فيه، إذ نرجع لفترة الأحداث الأخيرة لعام 2011، التدخل واضح، كان السيد بسيوني لم يذكره في كلمته، لكن التقرير ذكر بوضوح، بأنه كانت هناك هجمة إعلامية من أجهزة إعلامية رسمية، ومن مسئوليين إيرانيين، ذكروا مملكة البحرين بطريقة فيها تدخل واضح، وفيها عداء، ذكروا وحرضوا المواطنين للإنقلاب، وللتخريب."&
ويبقى السؤال لعزيزي القارئ: هل فعلا كانت، ما سمي بثورة فبراير لعام 2011، هي محاولة إنقلابية على مملكة البحرين، ودستورها، وشعبها، بتعاون بين أربعة أطراف متطرفة، إيرانية ولبنانية وعراقية وبحرينية؟ ومن هي هذه الأطراف؟ هل النظام الثيوقراطي الإيراني له دور؟ وهل المعارضة الثيوقراطية البحرينية لها دور؟ وما كانت تصبو إليه؟ هل إستغلت المعارضة البحرينية المتطرفة أحداث، ما سمي بالربيع العربي، أو ما سمته الثيوقراطية الإيرانية بالصحوة الإسلامية، للإنقلاب على النظام الملكي الدستوري في مملكة البحرين، وبقيادة الثيوقراطية الإيرانية، وبدعم من وكلائها في المنطقة؟ وما الذي حاولت هذه المعارضة أن تحققه من محاولة إنقلابها؟ هل كانت تريد أن تحول عصرنة، وتقدم مملكة البحرين، مع موقعها المالي العالمي، ومع بنيتها التحتية المتطورة، لمستوى دمار وخراب العراق وسوريا وليبيا؟ وهل إستغلت المعارضة الثيوقراطية البحرينية المتطرفة، التطورات الإصلاحية في مملكة البحرين، منذ إستقلالها من بريطانيا في عام 1971، وحتى وضع الدستور، وإنتخاب البرلمان البحريني، وسيلة لاستغلال الديمقراطية للإنقلاب على نظام الحكم؟ ألم تتعامل الدولة بحزم مع المحاولات الإنقلابية في الثماننيات، وإستمرت في برنامجها العصري المتقدم، في بناء دولة البحرين الحديثة، بدستورها وأنظمتها المتطورة، وببنيتها التحتية المتميزة، مع تطوير الرعاية الصحية والتعليمية المجانية، وخلق نظام إسكاني وتقاعدي وتعطل متطور، مع خلق كوادر بحرينية متخصصة في جميع المجالات؟ ألم توفر الدولة وظيفة لكل مواطن، وسكن، أو أرض وقرض ميسر لبناء سكنه الخاص؟ ألم تحول هذه التطورات مملكة البحرين من قرية تاريخية صغيرة، إلى دولة عصرية متقدمة، ومركز مالي عالمي؟ ألم تكمل هذه التطورات مع بداية الألفية الثالثة، "بثورة" إصلاحية، وذلك بالبدء بتشكيل لجنة وطنية من خيرة خبرات البلاد المتخصصة، فوضعت ميثاق عمل وطني، وافق عليه أكثر من 98% من المواطنين، والذي مخض عنه مملكة دستورية، تفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، مع برلمان مكون من مجلس نيابي منتخب، ومجلس شورى معين، من خيرة خبرات البلاد المخلصة؟ ألم تكن هذه مرحلة عملية مهمة للإنتقال لمرحلة أخرى متقدمة، بعد أن تتطور التجربة الإنتخابية وتنضج؟ إلا تجمع الديمقراطية البريطانية بين مجلس عموم منتخب، ومجلس لوردات معين؟ ألم تبدأ الديمقراطية اليابانية في منتصف القرن التاسع عشر، بقيادة الإمبراطور ميجي، بمجلس نيابي منتخب، ومجلس نبلاء معين، وأستمر ذلك حتى نهاية الحرب العالمية الثانية؟ إلم تنجح اليابان من خلال دستور مرحلة التنوير للإمبراطور ميجي، في تحويل اليابان من دولة زراعية منعزلة، إلى إقتصاد عالمي تكنولوجي متقدم؟
ولنكمل الحوار عزيزي القارئ بإسئلة أخرى: وما الذي حققته هذه المعارضة من محاولتها الإنقلابية في عام 2011؟ ومن هم قيادات هذه المحاولة الإنقلابية؟ هل هي خبرات سياسية أو أقتصادية أو تكنولوجية، أو حتى سياسية؟ هل سيرتهم الذاتية تهيئهم لقيادة حكومة عصرية متقدمة؟ ولو، لا سمح الله، نجحوا في محاولاتهم الإنقلابية، ألم يحولوا مملكة البحرين، لخراب سوري عراقي ليبي لبناني، بل لن تستطيع حكومتهم الصورية حتى جمع زبالة البلاد، لإنشغالهم بخلافاتهم الطائفية المقيته؟ ومن هم أصلا زعماء هذه المعارضة الثيوقراطية؟ أليسوا خطباء منابر، بل حتى لم يؤهلوا بأية درجة عملية أو اقتصادية أو تكنولوجية أو سياسية، أو حتى درجة علمية دينية جامعية حقيقية؟ وما الذي حققوه من محاولاتهم الإنقلابية المتطرفة الفاشلة؟ هل دخول المعارض الإنقلابي السجن، وحرمان عائلته من مسؤلياته، وحرمان وطنه من واجباته، مع إرهاق إقتصاد البلاد، بتوفير سجن عصري متقدم، والذي يكلف الوطن ملايين من الدولارات، هو إنجاز يفتخر فيه؟ وما الذي حققوه بكل ذلك للإقتصاد البحريني؟ وما الذي حققوه في خفض نسب البطالة بين الشباب؟ وما الذي حققوه في رفع مستوى التعليم، وتحسين الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية؟ وما الذي حققوه في خلق شباب عصري، متزن، منضبط، متعلم، مسئول، مخلص لوطنه ودستوره وقيادته؟ وهل يجوز أن يتعاون العربي، ومن يصنف نفسه معارض، مع دولة ثيوقراطية طائفية أجنبية معادية؟ وهل يجوز أن تختار الشخصيات المعارضة مثلها السياسي، نظام دولة فاشلة اقتصاديا ودينيا وديمقراطيا واجتماعيا وعالميا؟ ألم يرجع هذا النظام الثيوقراطي شعبه المتحضر والمتقدم، وصاحب حضارة إنسانية عريقة، إلى دولة مارقة، مخالفة لقوانين العالم أجمع، وتعتمد على مشايخ متطرفة، لتقرر على كيفها، من يسمح له المنافسة في الإنتخابات؟ هلى يعقل أن يكون رئيسهم المعتدل السابق، تحت الإقامة الجبيرية، ويحرم من ترشيح نفسه للإنتخابات؟ هل يعقل أن يحرم حفيد زعيم ثورتهم من الترشيخ للإنتخابات؟ وما الذي حققه هذا النظام الثيوقراطي لشعبه، غير القضاء على قوة قيمة العملة، وزيادة غير مسبوقه لنسب التضخم، ورفع مستوى البطالة، وخفض مستوى الدخل، وأعدام المعارضين بالشنق بالرافعات الإلكترونية، وفي ساحات الحرية في العاصمة؟ وما الذي قدمته هذه الثيوقراطية للشعوب العربية بتدخلاتها المقيته، غير تفتيت لبنان، وخراب العراق وسوريا واليمن وليبيا، وتهيئة الأجواء الطائفية المقيته لبروز داعش؟ ويبقى السؤال الأخير: وما هي تصورات قيادات هذه المعارضة البحرينية الثيوقراطية المتطرفة اليوم، بعد خمس سنوات من محاولاتهم الإنقلابية الفاشلة، في عام 2011، وبعد محاكمتهم بالسجن المؤبد؟&
لنحاول عزيزي القارئ أن نستمع لحوارتهم في الإعلام العربي خلال شهر فبراير الماضي، بعد أن نعرض مقدمة تاريخية سياسية عن مملكة البحرين منذ الإستقلال من "الحماية" البريطانية. ففي عام 2001 بعد أن إستلم جلالة ملك مملكة البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم في البحرين، بعد وفاة إبيه، طيب الله ثراه، وقرر تشكيل لجنة وطنية، من خيرة خبرات البلاد المخلصة، لدارسة ميثاق وطني، لمملكة دستورية للبلاد، وبعد نقاشات وحورات مطولة، وضع الميثاق الوطني للتصويت العام، فوافق عليه 98.7%، وبذلك بدأت التجربة البحرينية الجديدة. وقد أبدى البعض تحفض على موضوع نظام المجلسين للبرلمان، حيث أن المجلس النيابي تقرر أن يكون منتخب، بينما فضل الشعب البحريني أن يكون، في بداية التجربة الديمقراطية، مجلس الشورى مجلس معين من خيرة خبرات البلاد المخلصة، لتجنب تكرار أخطاء التجربة البرلمانية لعام 1971، التي إنتهت بالفشل، بسبب بعض المتطرفين الثيوقراطيين، والذي أدى لشل عمل الحكومة، من ما نتج عنه تجميد البرلمان. وفي بداية الألفية الثالثة كانت الحركات الإسلامية السياسية مسيطرة على الشارع السياسي، وبزعامة جمعية الأصالة الإسلامية السلفية، وجمعية الأصلاح الإسلامية الإخوانية، وجمعية الوفاق الإسلامية، الداعمة للثيوقراطية الإيرانية. ومن الجدير بالذكر بأن جمعية الوفاق لم تشارك في التجربة البرلمانية الأولى في عام 2001، فقاطعت الإنتخابات، بسبب تسرعها في الإصرار أن يكون مجلس الشورى منتخب أيضا. وفي نفس الوقت، برزت خلافات عدائية شديدة، بين قيادات جمعية الوفاق الإسلامية، مما أدى لإنشقاقات كثيرة، وتفتيت الوفاق لعدة جمعيات سياسية أصغير، وحافظ على قيادة الوفاق الشيخ علي سلمان، بينما تزعم كل من المشايخ الآخرين (ألف، وباء، وتاء، وجيم) عدة جمعيات سياسية أصغر، وبأسماء مختلفة، وأستغلوا "الربيع العربي"، لإنقلاب سميت، بثورة فبراير عام 2011 البحرينية، والأتحاد حول جمهورية ثيوقراطية إسلامية، على غرار النظام الثيوقراطي الإيراني. & &
بعد خمسة سنوات من فشل هذه المحاولة الثيوقراطية الإنقلابية الأجنبية، وبعد أن حكم عليهم بالسجن المؤبد، لنستمع لبعض تصريحات قيادات هذه المعارضة اليوم، في فيلم وثائقي، عرض في شهر فبراير الماضي على شاشات التلفزيون العربية. وليسمح لي عزيزي القارئ أن أتجنب ذكر أسماء أصحاب هذه التصريحات، لأنني لا أعتقد بأن أسمائهم مهمة، بل المهم مناقشة أفكارهم الهدامة، وتصريحاتهم الفاشلة، وسأستخدم بدل الأسماء "أحرف" لهم كشيوخ، حيث يدعون بأنهم شيوخ منبر ديني، لا شيوخ سياسه، كالشيخ "ألف"، والشيخ "باء"، والأستاذ الشيخ "جيم"، والشيخ "حاء". ففي مشهد تلفزيوني صرح في شهر فبراير من عام 2011 الشيح "ألف"، زعيم جمعية سياسية منشقة عن جمعية الوفاق، في خطاب يدعو فيه لإنقلاب على النظام الملكي الدستوري، ويطالب إتحاد المعارضة معه من أجل جمهورية ثيوقراطية، على غرار النظام الثيوقراطي االجمهوري الإسلامي الإيراني، فقال: "إن الإتحاد من أجل الجمهورية، بدون تأخير، وسوف نتعاون بشكل وثيق وجاد مع &جميع الجهات والشخصيات، التي تشترك معنا لهذه الاهداف، ومنهج العمل." وأما اليوم، وبعد خمس سنوات من ذلك التصريح، أي في الشهر الماضي، ظهر في الفيلم الوثائقي على شاشات التلفزيون وصرح، بتأسفه على ما قاله، ليقول: "لقد أرتكبت خطأ في هذا المجال، خطأ واضح مستعد أعتذر فيه، أنا كنت ناوي أعتذر للناس، كنت ناوي أعتذر للناس بأن هذا خطأ، كان من المفترض أن لا يصير، وأن نستمر في الحوار الأخير، ما يصير أن أمارس الكذب والإلتفاف على الناس، كان في نيتي، لو كانت لي فرصة، أن أطلع أقول خطاب عام، أقول في خطاب عام للناس، أنا أرتكبت خطأ في هذا المجال، وفي نظر الجمعيات الأخرى مقتنعين أو غير مقتنعين، أعتقد بأن هذا ما كان إختيار صحيح، يمكن لو استمرينا مدة أطول في الحوار، كنت يمكن أتراجع عن هذا الرأي."
أما الشخصية الثانية، الشيخ "باء"، خطيب جامع، وزعيم جمعية سياسية أخرى منشقة عن جمعية الوفاق، حينما صعد على المنبر في فترة المحاولة الأنقلابية في فبراير من عام 2011، بمملكة البحرين فقال: "ألومه إذا حرق الشاب تاير(إطار سيارة)، لا والله لا ألومه." كما قال: "إذا أردتم نزع سلاحنا إنزعوا أرواحنا من أجسادنا ولا ننزع سلاحنا، سلاح ما يصر ترميه، إنت يهابونك ويحسبون لك حسابا ويخافونك متى؟ إذا كنت قويا." ويستفيق هذا الشيخ من غفوته بعد خمس سنوات، وفي شهر فبراير الماضي، ليقول: "إسقاط النظام كان مجرد استيراد مصطلح غير مدقق فيه، حتى الناس حينما تهتف: الشعب يريد إسقاط النظام، مو كانت عن وعي، وإنما هذا مصطلح من مصر، من تونس، من كذا، للأجواء التي صارت هناك، صدرت لنا هذا النظام، لكن شنو محتواه ومضمونه؟ الناس لم تكن في وعي، فجمعيات سياسية من المفترض أنها مخضرمة، ومن المفترض عندها سياسيين، وما شاء الله عايشيين في العمل السياسي، يعني مو صغار، إبراهيم شريف ليس إنسان صغيرا، وليس صاحب تجربة صغيرة، علي سلمان والجمعيات الأخرى، جت وركبت القطار، وصارت هي تتبنى إنزال الناس إلى الشارع، يعني لذلك انا أقول: الكل أخطأ." &ويكمل فيقول: "أنا قصدي أقول أنا أؤمن بضرورة الحوار، ما أدري ليش ما حاولنا أن نستفيذ على الأقل من عملية الحوار، التي طرحها سمو ولي العهد، أحد يدعى إلى الحوار، أحد يريد يتحاور وياك في الشيء الذي تريده، وتقول لا ما اريد، هذا مو عاقل، واقعا مو عاقل. ولذلك بس شويه أفاق، كلنا أفقنا، وسألنا أنفسنا ليش ما أردنا الحوار."&
أما الشخصية الثالثة فهو الشيخ ألأستاذ "جيم"، وهو زعيم جمعية سياسية أخرى منشقة عن جمعية الوفاق، &والذي كان يعتبر المحرك السياسي لحركة 14 فبراير عام 2011، فقد ظهر على شاشة التلفزيون في ذلك الوقت، وخطب، ليقول بأنه: "حصل فتوى من خامنائي تدعم تحركه الإنقلابي." وهو منظر لحركة سياسية ثيوقراطية متطرفة، تناد بإقامة جمهورية إسلامية على الطريقة الإيرانية، ويظهر فجأة اليوم، وفي شهر فبراير الماضي، على شاشات التلفزيون ليقول: "إن إسقاط النظام شعار خاطئ، ويجب ان نذهب لخيار الإصلاح، ويعني ندخل في حوار من أجل الإصلاح، ونتعاون في تحصيل أو الوصول لأفضل نتائج في هذا الموضوع." كما أصر بقوله: "أني لا ارغب أن أحمل نفسي عن أخطاء أرتكبت، أنا غير مسئول عن الأخطاء التي أرتكبت."
أما الشخصية الرابعة فهو الشيخ "حاء"، وزعيم جمعية سياسية أخرى منشقة عن جمعية الوفاق، والذي هو مدان بتمويل جماعات متطرفة، فقد أكد على شبكات التلفزيون بأنه: أرسل إلى إيران والعراق، حوالي نصف مليون دولار سنويا، وأوضح بأنها تمثل الخمس، وأعترف بأن إرسال الأموال وفي موسم الحج أو عن طريق تحويلات بنكية، كما ظهر أيضا وتحدث أيضا عن خلاف شرعي بينه، وبين الشيخ الأب الروحي لجمعية الوفاق المعارضة. ولنا لقاء.&
&
د. خليل حسن، سفير مملكة البحرين في اليابان
&