&يتوضح المشهد على ارض الواقع بأن الطريقة الوحيدة لمنع أي عدوان على اسرائيل هو بإيجاد حروب وصراعات بين دول المنطقة، وبالتأكيد اللعب على الوتر الطائفي وانشاء صراع بين السنة والشيعة هو السبيل الوحيد لبقاء اسرائيل آمنة، وهذا تماما ما جرى في التاريخ القديم ويجري في التاريخ المعاصر، وهو صنيعة الماسونية العالمية الرافضة لوجود الأديان ما عدا الديانة اليهودية، فغياب اسرائيل عن المشهد العام لثورات الربيع العربي وعدم تدخلها هو غياب وهمي، لأنها اللاعب الاساسي في هذا الصراع المميت، ولا سيما انها بدأت بذكاء من خلال تعاملها مع العرب خلال نصف القرن الماضي حين وقعت اول معاهدة سلام في واشنطن مع مصر في 26) مارس 1979 ) واعطت لأمريكا الشرعية بأن تحمي تلك الاتفاقية وتتدخل متى ما ارادت في الشرق الاوسط كونها راعية الاتفاق، ولا سيما حين ظهرت بعض الايجابيات للمعاهدة التي اعطت ايجابية ايضاٌ للموقف الامريكي، حيث تم انهاء الحرب بين البلدين وفتح افق جديدة للسلام في الشرق الاوسط، رغم اعتراض بعض الدول العربية على تلك الاتفاقية وتحفظ دول الخليج على بنودها واتخاذ موقف العدل والتأني، وبرؤية واضحة لا غبار عليها فان السلام يبقى القرار الصائب بغض النظر عن الخلافات والآراء السياسية، فخلال هذه الاعوام تم أعمار البنية التحتية لجميع دول المنطقة واصبحت شعوبها تتطور تدريجياٌ مع تطور الحياة، وتنعم بالأمن والاستقرار نوعا ما، رغم عدم التزام اسرائيل بالسلام وبالبنود الموقعة كاملة، وفي ظل وجود قرار نافذ صادر من مجلس الأمن الدولي (242 و338) يلزمها بالانسحاب الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، وكلها بقيت معلقة وضمن المماطلة مما يؤكد ان ما يجري من دمار وحروب في دول المنطقة ورائه الماسونية اليهودية، لوضع خارطة جديدة تضمن قوة اسرائيل وشرعية تمددها دون مراعاة حقوق الدول الاخرى والتوافق معها على اسس العيش المشترك.

أن التخوف السائد لدى اليهود هو شعوب المنطقة العربية وليس انظمة الحكم فيها، فقد كانت تلك الشعوب تتضامن في العالم اجمع مع الشعب الفلسطيني ضد ممارسات اسرائيل واستخدامها الخيار العسكري كوسيلة لحل النزاع ( في بعض الاحيان كانت انظمة بعض الدول العربية ومن خلف الستار هي من تقف وراء انتفاضة شعوبها وتدعمها ضد ممارسات اسرائيل واختراقاتها لبقاء الامور ضمن سياقها وعدم رفع سقف الازمة وابقائه كوسيلة ضغط ليتحمل المجتمع الدولي واجباته وتنفيذ قراراته السابقة ) ووضع حد للغطرسة العسكرية الاسرائيلية.

&أزداد التخوف أكثر لدى اليهود حين بدأت ثورة تونس وصولا الى الثورة في سوريا، لكن العقول المدبرة في الماسونية استدرجت تلك الثورات واعطت اريحية للشعب اليهودي وكأن ثورات الربيع العربي آتية على طبق من ذهب لحماية مصالحهم، فالقوة العسكرية للجيوش العربية واستملاكهم للسلاح الحديث والمتطور، والاقتصاد المتين للخليج العربي وثرواته الباطنية هما من اولى اهداف اسرائيل، وهذا ما جعلها تتحكم بخيوط اللعبة حيث بدأت بالقضاء على ثورات الشعوب المطالبة بالحرية، ودون ان تتدخل علناٌ خلقت صراع طائفي في المنطقة وأثارت النعرات الطائفية واستخدمت جميع اساليبها المتطورة واجنداتها لأحياء الصراع الشيعي السني، واوجدت اطراف اخرى متطرفة ومتشددة للإلهاء والتغطية على خارطتها الجديدة، وتطور الصراع واصبحت الحلبة تتسع لأكثر من مصارع واكثر من مؤيد ومعارض وباتت اللعبة تسير كما ارادت واكتسبت من ذلك نقطتين في غاية الاهمية، الاولى اضعاف قدرات الدول العربية من الناحية العسكرية وخلق حالة بلبلة في صنع القرار، والثانية استنزاف اموال الخليج ومصادر اقتصادها مما يجعلها تتجه بقوة الى الاسواق الامريكية والغربية لتصدير فائضها من الذهب الاسود وتصريف وارداته على حلفائهم من السنه المتواجدين في الصراع لحماية امن الخليج من الخطر الايراني - السيف الذي ترفعه امريكا دائما- لابتزاز ثرواتها.

ما استفاد منه العرب في سلامهم مع اسرائيل طوال نصف قرن، خسروه في خمسة اعوام ودون ان يشعروا بذلك، وتبقى الوحدة والتسامح بين دول الشرق الاوسط هو السلاح الوحيد لفرض السلام الحقيقي والشامل ولإنهاء ما يحصل من قتل للإنسانية، فمن حق جميع الشعوب ان تنعم بالحرية والديمقراطية والامان، والوحدة بين دول المنطقة وفق المصالح المشتركة والحفاظ على السلم الأهلي هو السبيل الوحيد للوقوف امام شبح الماسونية التي تظهر امام الجميع لكن دون ان يراها احد.

&– كاتب وسياسي كردي سوري

&