&

تحليلات كثيرة أتهم بعضها، ضمنا أو صراحة، دولا خارجبة بالوقوف وراء تفجيرات المسجد النبوي الشريف في ليلة رمضان. أنا أقول إن هناك قوى خارجية لا دول خارجية تقف وراء الهجوم. ذلك ان قادة تنظيمات مثل القاعدة او داعش وما انبثق عنهما من شظايا، يملكون عقلية يجب ان تحاسب على غبائها قبل ان تحاسب على عنفها، وهي المسؤولة عما حدث في المدينة. فهي عقلية ترى ان كل ما في الدنيا كافر، وأنها وحدها على طريق الإسلام الصحيح. هناك طرفة يتداولها كثيرون عن رجلين متدينين جلسا مع بعضهما يتذاكران أحوال المسلمين وانصرافهم عن دينهم. قال الأول إن الغرب كافر لا يؤمن بتعاليم رسول ولا قرآن، فأيده الثاني. ثم قال الثاني ان بعض العالم الإسلامي تخلى هو أيضا عن تعاليم الرسول والقرآن، فأيده الأول. ثم اضاف الأول ان حتى بعض علماء المسلمين في البلاد الإسلامية قد تخلوا عن تعاليم الرسول والقرآن، فأيده الثاني الذي اضاف أن حتى بعض الأقرباء والأهل قد تخلوا عن تعاليم الرسول والقرآن، فأيده الأول الذي أضاف حتى أنت يا صديقي بدأت اشك في تمسكك بتعاليم الرسول والقرآن. الشاهد من القصة ان المتطرفين يملكون عقلا خشبيا يزداد جفافا وصغرا مع مرور الأيام. فهم كفروا الغرب أولا، ثم كفروا العالم الإسلامي، ثم كفروا علماء المسلمين، ثم كفروا حتى المتطرفين من تنظيمات أخرى. وقد رأينا كيف ان داعش نحرت ذات يوم رجلا من طالبان بحجة أنه كافر. تخيلوا، كافر من طالبان؟ نحن إذا كفار أبا عن جد دون أن ندري.

هناك خلل ولا شك في تربيتنا لأبنائنا، او في كتبنا، أو مدارسنا، او مساجدنا، أو جيناتنا، حتى يأتي من أصلابنا من يملكون فكرا كهذا، رغم كل جهود محاربة التطرف التي قمنا بها. فرغم جدية وكثافة هذه الجهود التي اعتمدتها السعودية وكثير من الدول العربية، إلا أنها لم تحقق نتائج توازي حجم ما بذل من جهد صادق فيها، بدليل ان من يقف وراء هذا التطرف الدموي اليوم هم من الشباب، أي الفئة التي استهدفتها برامج محاربة التطرف، مع هذا تطرفوا. وما يزالون يتطرفون ويبالغون ويغالون.

من قام بتفجير المدينة المنورة هو واحد من هؤلاء الذين لا يجب ان نستغرب استهدافهم للمسجد النبوي الشريف في ليلة رمضان طالما ان بعضهم قد استباح دم والده فنحره بحجة كفره. ولن يطول الوقت قبل ان يمتد داء الكفر ليشمل بعض التابعين، ثم بعض الصحابة، ثم كبار الصحابة، قبل ان ينتهي الأمر بتكفير الرسول نفسه عليه السلام!

&

[email protected]