&مدينة الموصل التاريخية هي مركز محافظة نينوى في شمال العراق حيث يتجاوز عدد سكان المدينة لوحدها المليوني نسمة غالبيتهم العظمى من العرب العراقيين المسلمين السنه وينحدرون من قبائل شمر والجبور والدليم وطيء والبقارة، ويوجد أيضا مسيحيون ينتمون إلى عدة طوائف وأكراد وتركمان والشبك والأيزيديين وكل هؤلاء يمثلون نسبة قليلة من مجموع سكانها وتبلغ مساحة نينوى 32308 كيلومتر مربع، ويتحدث سكانها باللهجة المصلاوية والتي تميزهم وتمثل جزءا من هويتهم وهي شبيهة لحد ما باللهجات في شمال سوريا، كانت الموصل ولا تزال مجتمعا محافظا متدينا وسطيا من دون غلو ولاتطرف، وقد أستوطن البشر تلك الأرض منذ عام 6000 قبل الميلاد في السهل الممتد حول نهر دجلة وتمتاز بخصوبة أراضيها وجاء أول ذكر لمدينة نينوى في 1800 ق.م وبناها القائد الآشوري نينوس، فتحها المسلمون عام 16 هجرية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب بقيادة التابعي العربي "ربعي بن الأفكل" وكان أول حاكم لها بعد الفتح الأسلامي هو عتبة بن فرقد السلمي وكانت تعرف حينها بالحصنين، فهي كانت مركزا حضاريا وطريقا تجاريا مهما ومركزا مهما لتصدير الحرير عبر أيران وآسيا نظرا لموقعها المتميز مما حدا بالمؤرخين والشعراء لأطلاق أسماء عديدة تغزلا بجمالها وجمال طبيعتها فسميت الموصل لانها تصل بين طرق التجارة، والحدباء لأنحداب والتفاف مجرى نهر دجلة فيها، وأم الربيعين والفيحاء لكثرة أزاهيرها حيث تنفرد من بين محافظات العراق بطول فصليها الربيع والخريف حتى سميت بأم الربعين، والخضراء لأخضرار سطح تربتها، والبيضاء لأن مساكنها كانت تبنى بالرخام والجص الأبيض قديما وغيرها الكثير من الأسماء، ويمر بها نهر دجلة بشكل متموج من الشمال الى الجنوب ويقسمها الى قسمين، وفي الموصل يقع الجامع الأموي والذي يسمى الجامع العتيق ويعود لبدايات الفتح الأسلامي والجامع الكبير"النوري" والذي لم يبق منه سوى منارته الحدباء وبني عام 568 هجرية ومرقد النبي يونس وجرجس وجامع الخضر والكثير من مراقد الأئمة، وفيها كنائس وأديرة قديمة تعود لقرون مضت وكذك وجود آثار آشور ونينوى ونمرود والحضر وهذه كلها مجتمعة تشكل عنصرا هاما للسياحة والذي تشتهر به الموصل التي ظلت قائمة وحتى غزاها التتار الجدد منذ عامين وهدموا أغلب معالمها التاريخية والأثرية. وقتلوا وسبوا وشردوا الآلاف من سكانها الآمنين.

عرفت الموصل كأحد مراكز أنتاج وتصدير النفط ومنذ النصف الأول من القرن الماضي حيث أكتشف حقلي نفط عين زالة وبطمة وبعد غزو العراق تم أستغلال حقول نفطية أخرى في سهل الموصل، وازدهرت وتوسعت الزراعة فيها بعد تطور مشاريع الري الحديثة وبناء "سد صدام" شمالي المدينة عام 1984 وتعتبر أكبر منتج ومصدر للحبوب والبقوليات والخضر، وطالما اشتهرت الموصل بنظافتها ورقيها وتنظيمها ويتميز سكانها بالحس الوطني العالي فكان أغلب شبابها يتطوعون في الجيش وكانوا معروفين بالأنظباط والتفاني في خدمة البلاد والعلم وكان لجنودهم وضباطهم وقادتهم الدور البارز والوطني المؤثر في الحرب العراقية الأيرانية. كانت الموصل ولا تزال مجتمعا محافظا فسكانها يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم العربية الأصيلة والأخلاق والصفات الحميدة في الدين الأسلامي السمح.&

وتغيرت الحال في الموصل بعد الغزو عام 2003 وعانى أهلها من التهميش والأضطهاد حالهم حال كل المحافظات السنية في العراق ومن قبل الساسة الجدد وجيشهم وشرطتهم ممن كانوا لاينتسبون للمدينة وانما جلبوا اليها من المحافظات الجنوبية وممن يواليهم ليزيدوا من عذاب وهوان سكانها الآمنين ومليشياتهم، وعانوا الأمرين من خلال تقييد الحريات والفساد ونهب الثروات وعمليات القتل والتعذيب والأختطاف، وأحتسب الناس وصبروا على ضيمهم لتمر السنين ولتدور دائرة الزمن لتصير المدينة الى غزو جديد حين أحتلت مدينتهم وبلدهم الآمن من قبل مليشيات داعش بعد أن هرب الجيش العراقي "الجديد" وقوات الشرطة والمليشيات التي "تحكمهم" كالجرذان بعد ان تركوا كل أسلحتهم الثقيلة والخفيفة ومعداتهم وحتى لباسهم العسكري غنيمة باردة جاهزة للغزاة الجدد وتناقلت ذلك كل وسائل الأعلام ليكونوا مسخرة وأضحوكة للعالم والذين لم يبالوا من فعلهم الجبان أو يخجلوا منه لأنهم جميعهم ومعهم قادتهم وساستهم مرتزقة بلا كرامة ولاشرف، وعادت المدينة لتذوق المر والهوان وتعاني التدمير والخراب على يد مليشيات داعش وليصبح أهلها كالمستجير من الرمضاء بالنار وليعاني مئات الآلاف من سكان الموصل والقرى المجاورة والتابعة لها مجددا من القتل والتشريد والسبي والتنكيل وحرق المنازل والجوامع والكنائس ونهبت أموالهم وأملاكهم ولم يسلم من بطشهم حجر أو نبات أو حيوان وليعودوا ليحتسبوا ويصبروا على الضيم والقهر من جديد مرة أخرى. وتشكلت في الموصل ومنذ غزو العراق تشكيلات وطنية لمقاومة الأحتلال من الأهالي والعشائر ولكنها لم تلق الدعم الكافي من الحكومة المركزية المرتهنة لصالح أيران أو الدعم من الأقليم أو العالم لتصبح فاعلة على الأرض وبقيت ضعيفة شأنها شأن مثيلاتها في مدن العراق الأخرى.

هذه قصة الموصل الحدباء في سطور وهي تنتظر الفرج والخلاص وهاهم قادة العالم اليوم وبقيادة أمريكا يجتمعون لأقرار خطة تحرير الموصل والقضاء على الأرهاب، والملايين من المشردين وآخرين ممن هم تحت الأحتلال يتطلعون شاخصين بأبصارهم نحو الخلاص ولايعلمون أي مستقبل مجهول بأنتظارهم وما ستحمله لهم في بطونها الأيام من بعد هذا الغوث المرتجى وحين يتحقق الخلاص الموعود.

&