سؤالٌ من المفترض أن كثيرين قد وجهوه لأنفسهم ولغيرهم وهو: لماذا يا ترى لم تستهدف إيران إسرائيل بـ "العمل العسكري" الذي "لوّحت" به أمس الأول، والذي قالت: "إنه سيشمل حيفا ومراكز عسكرية إسرائيلية"، قبل مقتل جنرالها قاسم سليماني وخلال أكثر من أربعين عاماً من إنتصار ثورتها "الخمينية" وحيث أنه من المعروف أنها قد كرست كل هذه الاعوام لإستهداف دول الجوار وللتمدد العسكري في هذه المنطقة وأنها باتت تسيطر ، سيطرة إحتلالية، على أربع دول عربية هي :العراق وسوريا ولبنان وأيضاً واليمن.

والمعروف أنَّ الجنرال قاسم سليماني نفسه قد بقي يذرع العديد من دول هذه المنطقة العربية ذهاباً وإياباً ويتآمر على قواها الوطنية والقومية وبالطول والعرض، كما يقال، وأنه لم يلتفت حتى ولو مجرد إلتفاتة عابرة إلى "دولة الكيان الصهيوني" وأنه كان، وهذا مجرد إحتمال وتقدير، يضع إثنين من أصابع يديه في عمق أذنيه حتى لا يسمع "هدير" الطائرات الإسرائيلية التي كانت تخترق مجالات الصوت في الأجواء السورية واللبنانية وحتى فوق دمشق "الفيحاء" نفسها.

لقد كان الجنرال سليماني منشغلاً، خلال سنوات ما بعد عام 2011 وقبلها، بـ "ترتيب" مؤامرات سيطرة إيران على العديد من الدول العربية، من بينها لا بل في مقدمتها، العراق ثم سوريا "القطر العربي السوري" الذي لا يزال يرفع فوق أبنيته الرسمية شعار:"أمة عربية واحدة..ذات رسالة خالدة" ثم لبنان، الذي باتت تتحكم فيه ضاحية بيروت الجنوبية، ثم اليمن الذي لم يعد سعيداً بعدما سيطر على جزء منه "الحوثيون" الذين تخلوا عن المذهب "الزيدي" الجميل وألتحقوا بمسيرة "الولي الفقيه" المدمرة والدامية.

إنه على هؤلاء الذين بادروا إلى "التلويح" بعمل عسكري "يشمل حيفا ومراكز عسكرية إسرائيلية"، إستدراجاً لعواطف العرب الذين ذاقوا الأمرين على أيدي أتباع وزمر قاسم سليماني، أنْ يدركوا أن هذه الأساليب التي لجأوا إليها لـ "تلميع" صور "جنرالهم" باتت بالية وإن إستهداف "العدو الصهيوني" لم يخطر على بال هذا الجنرال طالما أنه بقي "منشغلاً" خلال كل هذه السنوات الطويلة بإضفاء الرداء "الإيراني "المذهبي"، رداء الولي الفقيه، على هذه المنطقة كلها ..وإلاّ ما معنى أن يفعل الإسرائيليون كل ما فعلوه في سوريا وأيضاً في لبنان ويبادرون إلى "ضم" هضبة الجولان السورية إلى "كيانهم" الصهيوني بدون أن يحرك هذا الجنرال لا هو ولا حسن نصرالله وحتى ولا بشار الأسد وقبلهم الولي الفقيه "آية الله العظمى"!! علي خامنئي ساكناً.
كنا قد هرعنا إلى طهران، وإلى "قم"، خفافاً وثقالاً عندما أزاح "الخميني" بثورته، التي "صفقنا" لها حتى أدمينا أكفنا، الشاه محمد رضا بهلوي وظننا أن لحظة تحرير فلسطين والقدس أصبحت قريبة لكن ما لبثنا أن أصبنا بـ "صدمة" تاريخية جديدة عندما تأكدنا من أن هدف الثورة الخمينية ليس هو هذا الهدف وأنّ "الولي الفقيه" لم تكن عينه على القدس وإنما على النجف وكربلاء وبغداد وعلى مقام السيدة زينب ودمشق وبيروت وصنعاء.. وعلى المنطقة العربية كلها وأن هذه "الثورة" التي كنّا قد راهنا عليها لإجتراح التحرير والخلاص باتت مجسدة في كل هذا الذي فعله "قاسم سليماني" ومعه كل هذه المجموعات الطائفية والمذهبية التي إنتشرت إنتشاراً إحتلالياًّ في العراق وسوريا ولبنان ..وأيضاً في يمن "المذهب الزيدي" الجميل الذي إستبدله "الحوثيون" بعمامة الشيخ حسن نصر الله وبضاحية بيروت الجنوبية.