أعلن الحشد الشعبي العراقي أنّ نائب رئيسه أبو مهدي المهندس والجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قتلا فجر الجمعة في بغداد في "غارة أميركية" استهدفت موكبًا تابعًا للحشد، وهو تحالف فصائل مسلّحة موالية بغالبيتها لطهران ومنضوٍ رسميًا في القوات الحكومية العراقية.
نعم قتل قاسم سليماني قائد الجريمة الايرانية- الاوباميةبحق الشعبين في سورية والعراق. دون النظر للموضوع في هذا السياق، يعتبر تضليلا. لا يمكن فصل حضور قاسم سليماني كممثل للولي الفقيه في قتل السوريين والعراقيين، الا انطلاقا من الضوء الاخضر الاوبامي. لم يكن احد في العالم يسمع عن قاسم سليماني، قبل ان يفوضه خامنئي بقتل السوريين، باتفاق ليس ضمني بل صريح مع الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما. تماما كالاتفاق مع بوتين الذي بقي ضمنيا، من اجل نفس الهدف وأد ثورة السوريين من اجل حريتهم. هذه الملاحظة يجب الا تغيب عن الذهن، والتي تتلخص ايضا ان بوتين نفسه، يزبد ويرعد نتيجة لهذا التفويض الاوبامي.
قاسم سليماني قتله الامريكان مع مهدي المهندس نائب قائد الحشد الشعبي. ليس فقط من اجل هذا الهجوم على السفارة الامريكية، وان كان هذا سببا مباشرا، لكن لايمكننا عزله عن سياقين آخرين: الاول وضع الرئيس ترامبالداخلي، ومحاولته الخروج من مأزق الهجوم الديمقراطي عليه، كي لا يستطيع النجاح في الانتخابات القادمة. والثاني هو محاولة ترامب تقويض بعض ما بناه اوباما في المنطقة. كرد غير مباشر من قبل ترامب والجمهوريين. الدليل هو الهجوم الذي تعرضت له ادارة ترامب من الديمقراطيين على العملية الامريكية في العراق، ومقتل سليماني.
الديمقراطيون لا يريدون أي تحرك ترامبي يقوض ما بنوه بالكامل مع اتفاق اوباما خامنئي. هم يريدوا استمرار نفس اللعبة بقواعدها القديمة وشخوصها ايضا. لا اظن ان ترامبوادارته في وارد تغيير جذري لقواعد اللعبة في المنطقة. بل محاولة ترسيخ دور للجمهوريين فيها. ترسيخ دور مستدام. بعدما كنس اوباما رموز الاعتراض على سياسته في العراق والمنطقة، باتفاقه الحقير مع خامنئي. خدمة لانجاز رؤيته للمنطقة وحقده على شعوبها. هل سليماني فعلا يشكل عامودا في النظام الايراني؟
خارج قتله للسوريين والعراقيين واليمنيين، لا دور له في هيكلية النظام الايراني. بل لا يتعدى كونه صبيا من زعران الولي الفقيه، كحسن نصر الله وقادة الحشد الشعبي. يختلف عنهم انه ممثل الولي الفقيه في التعامل معهم. اما داخليا فهو لا قيمة له. تماما كبوتين لو جردناه من الملف السوري، الذي قدمه له اوباما. ماذا يتبقى لروسيا من دور عالميا. خاصة بعد انهاء النزاع مع اوكرانيا؟
لو كان الامريكان بقيادة ترامب جادون في تغيير قواعد اللعبة لكانوا ضربوا في ايران، كرد على مقتل مواطنهم في العراق- رجل الاعمال- ورد على الهجوم على السفارة في بغداد.
ترامب يتميز ايضا انه يحتاج دوما للتذكير بانه رئيس قوي. وصورة امريكا بالخارج تعنيه.
ما قامت به ايران في العراق يعتبره ترامب تطاول، ويجب ان يتم الرد عليه بقوة. لكن بالمقابل لا ارى اننا امام قواعد اشتباك جديدة مع نظام الملالي. فلدى الولي الفقيه مئات من قاسم سليماني، ومئات من المهندس. مع ذلك لا بد من انتظار الرد الايراني الذي بناء عليه يمكن للحدث ان يتطور. وهذا ما استبعده في ان يكون ردا يغير الرهان الايراني على تجديد اللعبة الاوبامية في المنطقة ككل. اننا امام بداية قديمة لنفس اللعبة. حدث ما يوازيها في السابق بين ايران وامريكا.
فرحة السوريين بمقتل سليماني، لا تجعلهم ينسوا ان امريكا هي الحامي حتى اللحظة للمقتلة الاسدية الايرانية الروسية، ولكافة الاحتلالات الاخرى.