تقول سيدة المانيا الملهمة وصانعة نموها الأقتصادي انجيلا ميركل في وصفها للوباء أنه اكبر تحد نواجهه بعد الحرب العالمية الثانية كما نصح رئيس حكومة الأمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس المستر بوريس جونسون شعبه بتوديع الأحبة والمقربين قبل حلول الأجل وبدت اليابان أم التقنيات مذهولة فيما صرح وزير صحة احدى الدول الصناعية السبع وريث امبراطورية روما بأن حلول الأرض قد استنفذت ولم يتبق أمامنا غير حلول السماء أما الصين بلاد السور العظيم منطلق الفايروس الشرير فهي بحال لا تحسد عليها.

تنهار بورصات العالم في ايام معدودات وتتبخر ترليونات من الدولارات وسط حالة من الهلع والفزع عابرة للقارات غير مسبوقة وشركات طيران كبرى تقفل مكاتبها وجيوش لا تذهب الى ميادين الحرب انما تهبط للشوارع والساحات صورة لم نرى لها مثيلا منذ الحرب العالميتين الأولى والثانية كل ذلك يجري امام شاشات التلفزة ومحطات الفضاء التي تنقل لنا أقوال محللين اغلبهم لا يشتغلون في نطاق الطب والصحة ينصحوننا بغسل ايادينا بالماء والصابون وعدم فرك الوجه والأنف وكأننا كنا نغتسل بالرمال ونقضي جل وقتنا في فرك الوجه؟

حقا انها جائحة من اجتياح وباء عالمي مدمر مثلما يظهر علينا كل مساء السيد مدير منظمة الصحة العالمية يخبرنا بأرقام الذين قضوا نحبهم والذين ما زالو ينتظرون .. انها حقا معركة العالم الأخيرة او كما بالغ كاتب افريقي في تصويرها تباشير يوم القيامة الأرضي.

ليس جديدا ان يواجه العالم عبر التاريخ كارثة بشرية او طبيعية لكن الجديد في هذه المصيبة انها تطرح علينا اسئلة بلا أجوبة وبعيدا عن المبالغة والدهشة وتبريراتنا الأعتذارية المعلبة فنحن أمة العرب وورثة ابو بكر الرازي الذي لقب بأمام الطب في عصره وابن سينا وغيره الكثير من العلماء الفطاحل اللذين لم توضع تحت ايديهم ميزانيات مليارية بقدر ما امتلكوا من الايمان والذكاء والمثابرة والمنهج .. اليس من حقنا ان نسأل اين موضع أطباؤنا وعلماءنا العرب امام هذا التحدي؟

واين موقع مراكز ابحاثنا وجامعاتنا فاذا كانت دول عظمى تصرف مليارات على مختبراتها لم تفعل شيئا فهذا لا يعفينا ابداً من التقصير فلو تصفحت جرائدنا لوجدت ان من يضعون قبل حرف الدال لقب مفكر لعرفت العجب بماذا نحن منشغلون؟

لقد انشئت الحكومات العربية لشعوبها افضل المنشآت الصحية وجعلت الدواء في متناول اليد لكن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه اين هي اسهامات رجال الأعمال العرب في حقل تشجيع الأبحاث الطبية والدوائية ؟ وكم رجل اعمال وظف جزء كبير من استثماراته لميدان الطب وانشاء كليات طبية لان عائدها هو اكبر من مردود الأسهم في الوقت الذي يوصي رجال اعمال غربيون بوقف كل ميراثهم للجامعات وتطوير مراكز الابحاث والمختبرات فان اغلب مواريثنا تتنازعها محاكم الاحوال الشخصية في توزيع الأنصبة على الورثة.

ان الحديث عن هذا الامر ذو شجون وربما لا يعجب البعض ويزعجهم لكن كورونا عرتنا كما عرت العالم على الحقيقة المغيبة اين نحن من العالم وما هي مسؤولية اطباؤنا الذين نجحوا في تحويل منشأتهم الطبية العائلية من شركات خاصة الى شركات مساهمة تدر عليهم المليارات من العملات المتنوعة.

المسؤولية الأجتماعية والأخلاقية والإنسانية تفرض على القادرين اعادة النظر في طريقة تفكيرنا اولاً فليس نقصاً ان نعترف بمواضع الخلل وقصورنا فالعالم اصبح متداخلا وكورونا الغت الحدود وعبرت الجغرافية بلا عوائق او تأشيرات شنغن واخواتها مثلما فرضت هذه الجائحة علينا اعادة النظر في تقييم مدى كفاءة النظم الفرعية سواء اكانت صحية ام ادارية ام اقتصادية بل حتى نظم الهجرة والمنافذ الحدودية فنحن امام السؤال الكبير والمنطقي اين نحن العرب من العالم هل نبق فقط متلقين وفي خانة رد الفعل ومستسلمين لقدرنا والله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وكرمه بالعقل من اجل عمران الارض وكما يقول اهل الصين نحن جميعا اوراق في شجرة واحدة.