يعيش العالم دول وحكومات، افراد ومجتمعات، أزمة كورونا التي غيرت شكل العالم وطريقة الحياة والمعيشة في اقل مساحة ومجال، واصبح المكوث بالبيت اجباريا للجميع دون تمييز، كما اتحد العالم وربما لأول مرة في طريقة التعامل مع هذا الطارئ الذي هز التفكير والعواطف والاقتصاد والسياسة والقوانين، ولا نبالغ اذا قلنا انه زلزل كل ماهو كائن ومعروف الى نموذج ونمط يكاك يكون واحدا وهو وجوب البقاء حيثما كنت، ومنع السفر وتقييد الحركة والانتقال.

ان القرارات التي اتخذتها العديد من دول العالم تفاوتت حسب الاحساس بالخطر القادم، وحسب المتوفر والممكن من الاجراءات فييها، لكن الاكتساح السريع لهذا الوباء او الجائحة، اطاح بحسابات وتقديرات الكثير منها.

ما بين التهوين (اي الاستخفاف او التقليل بمخاطر هذا الوباء) تراخت بعض الدول مثل ايطاليا واسبانيا ودفعت ثمنا باهظاً من الاصابات والوفيات، والتهويل (اي المبالغة في اجراءات الحذر والخوف المبالغ به الى ما يشبه الوصول الى المرض النفسي) والذي اصاب بعض الناس واوصل بعضهم الى الانتحار في بعض دول العالم.

ويمثل اقليم كوردستان العراق نموذجا رائعا للتعامل مع هذا الوباء، حيث تعاملت معه حكومة الاقليم بكل مسؤولية وامانة وادراك للمخاطر والآثار التي ترتبت على انتشار هذا الفايروس المميت، فالحدود البرية التي تزيد على 625 كيلوميتر مع ايران وهي اكبر مركز انتشار للوباء يمثل خطرا حقيقيا، الى جانب الحدود مع بقية انحاء العراق الاتحادي الذي لم يتعامل بداية بالاهتمام والشعور الجدي بالخطر، دفع حكومة الاقليم الى اتخاذ قرارات واجراءات سريعة وحاسمة، فيما يخص بتعطيل الدوام في المدارس والمعاهد والجامعات والدوائر الرسمية وشبه الرسمية ومنع التجمعات ومراسيم الافراح والتعزية والانتقال بين المدن، وصولا الى الحظر ومنع التجول منعا لتفشي وانتقال الفايروس، كما اتخذت العديد من القرارات التي تخص القطاع الصحي وفتح مراكز خاصة للحجر الصحي والسيطرة على الادوية والمستلزمات الطبية وكل ما من شأنه حماية حياة الناس.

ان تشديد حظر التجوال للحد من تفشي كورونا ومنع حركة المشاة حتى لقوى الأمن الداخلي والبيشمركة والجيش الاتحادي من استخدام المركبات إلا اذا كانوا في واجباتهم ومواجهتهم بالمساءلة القانونية، تأتي بعد تزايد عدد المصابين بالفيروس بسبب الملامسة و(التهوين) الذي قابله البعض بخطر هذا الفايروس.
الاجراءات المتخذة وان تؤثر على الكثير من شؤون الحياة وأهمها معيشة واعمال الناس اليومية خصوصا اصحاب الدخل المحدود والفقراء بشكل عام، لكن الاهم من كل ذلك هو حفظ حياة الناس وهو واجب الحكومة والافراد في آن واحد.

لكن من واجب الحكومة ايضا ان تقوم وبشكل سريع باجراءات واصدار قرارات خاصة بهذه الازمة مثل توزيع مواد وارزاق البطاقة التموينية، وصرف رواتب الرعاية الاجتماعية والمتقاعدين ومنح الكسبة وعمال القطاع الخاص والاكشاك وذوي الاحتياجات الخاصة والعاطلين عن العمل مساعدات عاجلة،وضبط السوق بقرارات صارمة ومعاقبة الجرائم المرتكبة باعتبارها جرائم اقتصادية باقصى العقوبات، واعفاء المواطنين من اجور الكهرباء والماء وايجارات البيوت والمحلات التجارية والاقساط المستحقة، ودفع رواتب مضاعفة للقطاع الصحي والشرطة والمرور والبيشمركة وعمال البلدية والتنظيفات، ودراسة مشروع قانون للعفو عن السجناء والموقوفين.