حقيقة إن المرء ليشعر بالأسى و الحسرة على العراق الجديد ، الذي طالما انتظره الشرفاء و الطيبون من العراقيين و طالما خافه الأنذال و الساقطون من العراقيين ، كيف لا و هناك من البعثييين و السلفيين الوهابية الوحشية من يُريد هدم الحرية و الديمقراطية باسمها و من خلال المجال و التسامح الموجود فيها ، بل إن بعضا من البعثيين استطاع التسلل إلى داخل الحكومة و البرلمان العراقيين و تحت شعار لا يُخفي أهدافه المُنحطـّة و الخطيرة التي تكرّس لعودة الدكتاتورية و إن تحت شعارات أُخرى ، فشعار ‘‘ التحرير و المـُصالحة ،، يُراد به تحقيق نقطتين ستراتيجيّتين بعثيّتين ، الأولى: إخراج القوات الأمريكية و التحالف الذي حرّر العراق من ‘‘ الإحتلال البعثي و الناصبي الطائفي ،، ليتسنّى للمقاومة المزعومة ـ و هي بقيادة البعثيين ـ استخدام أساليبها المعهودة في القتل و قطع الرؤوس و تخريب الموارد و المُمتلكات العامة و تهيئة الأجواء لعودة البعث الحاقد الفاسق الشاذ جنسيا و ذهنيا ، و المُصالحة هي القسم ب من الخُـطـّة البعثية و هي محاولة إعادة الجزار و المُغتصب و الناهب و مصّاص الدماء إلى الشعب و كأنه ‘‘ يوسف المفقود ،، ثم إدخاله إلى السلطة بعد غسله في الغسّـالة ‘‘ مزعومة إعادة التأهيل ،، و التالي يُصبح جلاد و شاذّ الأمس ، ضحية اليوم و المشفوق عليه ، إن المشكلة الأساسية لنجاح هؤلاء الشاذين في محاولاتهم للعودة إلى الحكم أو حتّى للحصول على شيء من النفوذ و السلطة يأتي من خلال تعاون بعض الأحزاب ذات النمط القومي ‘‘ البعثي ،، و الطائفي ‘‘ السُـنّي ،، خلال وجودها في مجلس الحكم ‘‘ المقبور ،، و خلقها العقبات أمام سُلطة التحالف و السيد بريمر ، فأنا أرفض إيقاع اللّوم على الأمريكيين و التحالف و أصبُّ اللّوم كلّيا على الأحزاب و الهيئات العراقية ، التي و إن لم تساعد البعثيين مباشرة لكنها قصّرت و أهملت حصان طروادة البعثي المتواجد في الحكومة ، الأمر الآخر أنه كان على الحكومة العراقية إعداد قوائم و لوائح بأســـماء مُدراء الأمن و المخابرات و أجهزة القمع الأُخرى و نشرها عبر الإذاعة و التلفزيون و الصحف الرسمية و إعطاء المذكورة أسمائهم (( مُهلة )) لتسليم أنفـُسهم و إيقاع أقصى العقوبات على من يُقبض عليه بعد انتهاء المُهلة ، لكن هذا لم يحصل و لا أعتقد أنه سيحصل ما دامت السلطة في يدين اليد الأولى خائنة و الثانية مشلولة خائرة ، و إلا بماذا نفـسّر أن يُعلّل سياسي عراقي عريق كالسيد محمد بحر العلوم وجود هؤلاء الإرهابيين البعثيين بأنّهُم: عملاء إسرائيل.." و ما دامت المعالجات لكل هذا الدفع و الجهد الإرهابي التخريبي تتمّ عبر التعليلات و التحليلات الخيالية اللا واقعية ـ و بشكل استعراضي ـ فأنا كعراقي أشعر أن الوضع خطير و أن الحكومة و البرلمان المنتخبين إذا سار على نفس النسق و على الوتيرة ذاتها!! فإن الوضع سيتطور إلى الأسوأ و يكون للبعثيين القدرة الكاملة على ارتكاب مجازر يومية ، إن المدرسة ‘‘ السنّية ،، و جيوشها المعمّمة توفر اليوم ملجأ و حماية للبعثيين و أذنابهم ، كما أنها تقوم بدور تحريضي خطير يجب أن يواجه بالنار و الحديد قبل المعالجات السلمية و دون الخوف ممّا يخوّفنا البعض به من خطر نشوب حرب ‘‘ طائفية ،، و لأن التهاون في ردع هؤلاء الملالي و المشايخ الإرهابيين سيوقع حربا أكثر فظاعة و هي ‘‘ حرب طائفية من جانب واحد ،، فيكون الشيعة مثلا هم الضحايا و المقتولون ، كما في عهد صدام ، و الجانب الآخر من المشكلة أن العراقيين لا يتركون قوّات التحالف تعمل بالحرية الكاملة و إذا ما قامت هذه القوات بأي عمل عسكري في ‘‘ المُثلّث الإرهابي ،، قام هؤلاء بالتظاهر و الرفض و على أساس أن قوات التحالف هي ‘‘ قوّات كافرة ،، تفتش النساء العراقيات ـ مع ملاحظة أن هناك بين المجندات في الجيش الأمريكي من يضارع جمالهنّ كلّ النساء العراقيات مع الإحترام طبعا للمرأة العراقية ـ و إذا ما حلّ ‘‘ الحرس الوطني العراقي ،، محل قوات التحالف ، تحرك البعثيون داخل و خارج الحكومة محذرين من نشوب ‘‘ حرب طائفيّة ،، و كأن هذا الحرس الوطني هو ‘‘ الحرس الشيعي ،، بينما حرس الطاغية صدّام الذي ذبح الشيعة ذبحا كان ـ حسب المفهوم البعثي ـ حرسا وطنيا عراقيا ، و رأينا مرّة أُخرى كيف أن جميع الدول الإقليمية ساخطة من مشاركة العراقيين الشيعة في السلطة ، و آخرها تعليقات الملك عبـــــد الله الثاني ، أيها العراقيون يا شيعة العراق استيقظوا و لا تتخلوا عن حقوقكم و اضربوا على أيدي جلاّديكم بيد من حديد و إلا جاء ما لا ينفع بعده لوم أو حسرة.