نشرت إحدى الصحف القاهرية تحقيقا حول فتاه منقبة إعتنقت المسيحية والفتاه كانت تعيش أجواء سلفية فهى طالبة بكلية الأداب جامعة حلوان وتساعد والدها بالعمل كمصورة فيديو لافراح المحجبات والمنقبات . البنت دخلت فى حوار عقائدى على شبكةالمعلومات الدولية لتقوم بالدعوة لدينها فتم اقناعها بالمسيحية وتركت المنزل تاركة رسالة لوالدها بمضمون ما أقدمت عليه... انتهت القصة.

القصة كما وردت تدعو للعجب ولا تدعونى للأسىفيما وصل اليه حال الوطن على يد أباء ومنظرى الصحوة الإسلامية المزعومة فلم يفلح طغيان المشروع السلفى فى منع فتاة تنتمى اليه، إعتناق المسيحية من خلال حوارات على الإنترنت وأنطبق المثل الشعبى ( تيجى تصيده يصيدك )، طبعاً إغتم العديد من المسلمين لما حدث وقرأوه بينما كانوا فرحين قبل يومين فقط لترك زوجة مسيحية
دينها ودخولها الإسلام!!!!، يبدو الموقف وكأننا امام مشجعى الأهلى والزمالك

( كبرى فرق كرة القدم المصرية).

لن اناقش هنا المشكلة الطائفية فى مصر والتى سبق وأن كتبت عنها فى مقال سابق ولكنى سأورد بعض الملاحظات والرصد لما حدث وأذكر عسى ان تنفع الذكرى:

إن ما يحدث يدخل فى دائرة الفعل ورد الفعل فكما يمارس السلفيون المسلمون عملهم الدعوى يمارسه ايضاً المتشددون المسيحيون ( دائرة دعوية سخيفة لا معنى لها تنتقص من مفهوم المواطنة وقيمته ) ويتحمل وزر معظمه تيار السلفية التى إجتاحت مصر إبان حكم الرئيس المؤمن محمد أنور السادات –

لاحظ معى المؤمن و الباقى منغير المؤمنين - سامحه الله وإنتشرت وإزدادت مع الوقت واستمرت وإتخذت عدة أشكال بدأ من جماعات التكفير والهجرة الى الجماعة الإسلامية مروراً بالإخوان الى الدعاة الجدد والسوبر فضائى فأصبح المناخ العام سلفياً مشبعاً بالتطرف وكره الآخر يميزه إذدراء العقل ورفض التسامح وشيوع التشدد والتصلب فى الاراء والمواقف ورفض قيم الحضارة الإنسانية وفى النهاية إفرازات من نوع منظمة القاعدة والدولة الإسلامية فى السودان.

إن ما حدث للفتاة المحجبة هى هزيمة لمنظرى الصحوة كى يستفيقوا من أ وهامهم التى لطالما أغرقونا بها حتى الرؤوس بدءاً من أحاديث أحد كبار منظرى الصحوة و التى ملآت الدنيا بالرجعية والتخلف و البعد عن العقل وإعمال الفكر الغيبى الأ سطورى إلى أقصى حد فهو الذى تفاخر بأنه لم يقراء كتاباً بشرياً منذ أربعين عاما وسجد لهزيمة وطنه عام 67 وهو المفتى الأعظم لأكبر عصابة نهب عام والمسماه حينها شركات توظيف الأموال وهى
هزيمة لداعية الفنانات الذى دعا الى عدم القاء السلام على الجار المسيحي وإذ دراؤه وكان من المفترض محاكمة الرجل على فتواه تلك والتى تهدد كيان ووحدة وطن بأسره و كذلك الشيخ الذى أفتى للارهابيين وأباح لهم ولم يجرم قتلهم للمفكر فرج فوده الذى تصدى للسلفيين بقلمه فأمطروه هم بالرصاص، وأدلى الشيخ بشهادته بالمحكمة قائلا أن هؤلاء الشباب نفذوا شرع الله حينما تقاعست عنه الدولة!!! أى تحريض على الإرهاب أكثر من هذا لماذا لم يتصدى له الشيخ بحوار أو بكتاب، لقد فضل سامحه الله أن يتصدى له بفتوى وشهادة تبراْ قاتليه.

وهى هزيمة ايضا للرجل صاحب دار الإفتاء الأوربية ومقرها بلاد الفرنجة ومفتى ذبح المدنيين والآمنيين الشهير إبن مصر سابقاً، ماذا فعلت أحاديثك وفتاويك، لقد حمدت الله فى أحد برامجك التفصيل على الفضائية الإخبارية بأن الله مُن على مصر بالصحوة فى السبعينيات بعد فترة الستينيات الغابرة على حد قولك. أذكر القارىء العزيز بأن فترة الستينيات التى لعنها الرجل كنت لا تميز فيها المسيحى من المسلم وليس أدل على ذلك من اسماء المواليد حينها ستجد... إيهاب أشرف رامى عادل سامح سامى والإناث منى ناهد ليلى...، تحول الأمر فى السبعينيات على يد فعل الصحوة الإسلامية وجر الوطن الى منزلق الطائفية فتجد عبد الرحمن ومينا مايكل والشيماء ( على إسم أخت الرسول فى الرضاع والتى بالمناسبة عملوا لها فيلم هو معبر جيد عن المرحلة وهو من الناحية التاريخية مزيف فلم يعرف الرسول الشيماء الإ بعد غزوة حنين وفتح مكة وأسلمت على يديه فلم تكن قد اسلمت بعد ولم يتعرف عليها إلا بعد أن عرفته هى بنفسها وعفا عنها واطلقها وأكرمها ثم صرفها ولم تكن لها شأن يذكر لا قبل ولا بعد ذلك ) الى جانب سيلفيا كريستين... الخ من الأسماء التى تعكس الواقع الطائفى. وهى هزيمة ايضا على رؤوس الدعاة الجدد والسوبر فضا ئيون الذين أحاطونا من كل جانب وملأوا اسماعنا بكل غث وبالمغالطات والأحاديث الضعيفة والاكاذيب فى بعض الاحيان مستغلين حالة الأمية الدينية للشباب والنساء الذين يصطفون أمام أحدهم يبكون كما يبكون أمام مطربهم كاظم الساهر ولا أعرف لماذا يرتبط عندى الداعية السوبر فضائى بالمطرب كاظم الساهر؟.وظهر الزى الإسلامى وتطور حتى أننى سمعت مؤخراً ما يسمى بالحجاب ال spanish. هذا الى جانب الزفاف الإسلامى التى كانت تصوره بالفيديو فتاتنا المتنصرة والهاتف الإسلامى والمخدماتى الإسلامى ( يعلن عن نفسه دائما بأشهر الجرائد الإعلانية بمصر) والشوبنج الإسلامى وحلقات الغسل الشرعى (رأيت احداها
مؤخرا وإنزعج أطفالى بشدة حيث كانت تجرى عملية الغسل سيدة تستخدم دمية للاطفال كنموذج تشرح عليها عملية الغسل الشرعى وظننا فى البداية أنه برنامج أطفال وغيرت المحطة سريعا لهول ما رأيت)هذا الى جانب المايوه الشرعى وطوفان من حلقات الإفتاء ومعظمها تافه فى محتواه والأسئلة فى معظمها خير معبر عن حال سائليها، ثم المدارس الدينية التى تمدنا بمشاريع إرهابيين أو أشخاص تافهيين فارغيين من عينة الأخت زينب التى التى إنكسرت عند أول مواجهة مع فكر وطرح مخالف لما تجرعته فى السابق.

فى النهاية ومحصلة القول أن ما حدث للفتاة دال ومعبر عن البلونات الفارغة وحقن الكره والسطحية والضحالة الفكرية التى حقنوا بها شبابنا والعامة مستغلين مناخ فشل الانظمة الحاكمة وهزيمتنا حضاريا فأصبح الترهات والخرافة والأسطورة هى التى تسكن الوعى العام فلم يشفع كل ما يفعلونه وما ينفقونه من تحول الفتاة عن دينها برغم الصخب والضجيج وإستعراض العضلات والصحوة التى لا عزاء لها، فالمحتوى الفكرى منعدم والثقافة فى الحضيض وإعمال العقل بدعة وسؤال عن أشياء إن تبد لنا تسؤنا وهى فى النهاية ضلالة.

سؤال: كان هناك إختراع إنسانى إسمه الدولة المدنية...أين ذهب؟

أسامة البرهامى

[email protected]