لكي يعيش عراقنا الجديد في فلك التقدم العلمي والتكنولوجي الذي ينمو ويتطور في عالمنا اليوم لابد وأن تلبي الحكومة العراقية المؤقتة طموحات كافة طلبة العراق الجديد الذين تؤهلهم كفاءتهم وتفوقهم وإبداعهم الخوض في غمار البحوث الاكاديمية والعلمية، هذه الطموحات التي تتمثل في تهيئة كافة الظروف المناسبة لهم خاصة في مساعدتهم في الحصول على زمالات دراسية خارج العراق لكي يواصلوا ذلك الامل الذي طالما راودهم منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن في المجال الذي أبدعوا فيه ويتواصلوا مع الطلبة والباحثين الاخرين الذين يملؤون الدنيا بحثاً وتنقيباً عن كافة المستجدات والمعطيات التي تحفل بها الجامعات العريقة ومراكز البحوث العالمية المتطورة التي تحاول السباق مع الزمن في اكتشاف المفاجئات العظيمة التي تحصل كل يوم خدمة للبشرية جمعاء.

وكما نعلم فان الزمالات الدراسية في عهد النظام البائد كانت مقصورة على الطلبة البعثيين وكانت تمنح على أساس المحسوبيات أو الواسطة كما هو معروف عند العراقيين، أما الطلبة الآخرون المبدعون والمتفوقون والذين لايمتلكون تلك الامتيازات فقدكان مصيرهم الحرمان. ومما يحز في النفس أن العراق يمتلك الكثير من هؤلاء المبدعين والعلماء في كافة مجالات الحياة ولكن ومع الاسف عاش الكثير منهم الحرقة والالم بسبب عدم توفر المناخات العلمية الملائمة لهم طوال الحقبة الماضية مما حدا بالكثير منهم الاعتماد على انفسهم في مواصلة دراساتهم وبحوثهم، وخاصة الذين غادروا العراق وبقوا في الغربة للعمل بعيدين عن الوطن دون الرجوع اليه حفاظاً على أرواحهم وكرامتهم بسبب ممارسات النظام البائد اللانسانية بحقهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم المدنية كمنحهم جواز السفر أو تجديده وكذلك الحظر الذي فرضته السفارات العراقية في الخارج على تحويل أجورهم الدراسية التي كانت تبعثها عوائلهم من العراق آنذاك.

ولازال الكثير من ذوي الكفاءات العراقية الذين أبدعوا في مجالات اختصاصهم يفتقرون اليوم إلى كافة أشكال الدعم المعنوي والمادي مما اضطر العديد منهم إلى مزاولة أختصاصات وأعمال ليست لها علاقة أبداً بالمجالات التي أبدعوا فيها لامن قريب ولامن بعيد وهم يتطلعون إلى ذلك اليوم الذي يحلمون أن يحققوا فيه ذلك الأمل في الحصول على الفرصة المناسبة لمواصلة دراساتهم وبحوثهم في داخل العراق أو خارجه، وهذا يعتمد كلياً على السياسة التي ستتبعها كل من وزارتي التربية والتعليم العالي في استقطابهم ورعايتهم على حد سواء.

ولكي تكتسب الحكومة الانتقالية في عراقنا الجديد المصداقية الكاملة في توجهاتها واستراتيجيتها في خدمة وطننا العزيز العراق وأخص بالذكر المسؤولين في وزارتي التربية والتعليم العالي أكرر وأقول بأنه لابد من اتباع سياسة عادلة في منح الزمالات الدراسية التي خصصت لطلبة العراق في الآونة الاخيرة، خاصة تلك التي منحتها الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوروبية إلى طلبة العراق الجديد ويجب أن تكون الأولوية في منح تلك الزمالات الدراسية للطلبة المتفوقين والمبدعين، وهو ماحصل ويحصل فعلاً في الدول المتقدمة دون الاخذ بنظر الاعتبار تلك الامتيازات التي يتمتع بها بعض

الطلبة من قبيل المحسوبية اوالجهة السياسية التي ينتمون اليها، هذا بالاضافة الى السماح لاي طالب أو طالبة ممن لهم القدرة على تأمين المتطلبات المالية للدراسة خارج العراق بالسفر والدراسة وتقديم كافة اشكال التسهيلات والدعم والمساعدة والعون لهم. أما الطلبة الذين لم تسنح لهم الفرصة في الحصول على زمالة دراسية فلابد أن تتبنى وزارتا التربية والتعليم العالي توفير كافة المناخات العلمية والاكاديمية الملائمة كإعداد مراكز بحوث علمية يشرف عليها خبراء أكفاء ومختصون هدفها استيعاب وتأهيل وتوجيه هؤلاء الطلبة كل حسب اختصاصه والمجال الذي أبدعوا فيه ليكونوا متواصلين مع زملائهم الآخرين الذين تفوقوا عليهم علمياً والذين حالفهم الحظ في الحصول على زمالات دراسية خارج الوطن، والهدف من كل ذلك هو استثمار هذه الطاقات والكفاءات وإشعارها بأن هناك من يرعاهم ويلبي متطلباتهم لانهم عماد العراق الجديد وأساسه المتين في بناء مستقبل أفضل. وبهذه الآلية الشفافة والمعاملة العادلة التي ستنصف عموم طلبتنا الاعزاء سيتحقق ذلك الامل المنشود لهم وسينعم عراقنا الجديد بخبراتهم وكفاءاتهم، وسيكون هذا المنحى الجديد محفزاً لكل الطلبة الآخرين ليحذوا حذوهم على طريق الابداع والتفوق في كافة المجالات العلمية والاكاديمية ولكيى نبني عراقاً جديداً مبنياً على أسسٍ عادلة ومقبولة تحفظ حقوق الانسان العراقي وتحميه من كافة الاعتبارات التي كانت سائدة ابان العهود السابقة.