نابلس اسم لمدينة فلسطينية عريقة جدا، وللمدينة أيضا ألقابها العديدة سأختار منها لقبها الذي أحب جبل النار.. فنابلس هي الجبل وهي النار التي تتفجر من بركان العطاء فتعطي فلسطين كل ما تريده فلسطين..

للمدينة جبل عالي القمة وهمم لرجال من فكر يغلي على نار الأمة، وفدائيون يمتطون اللهب الفلسطيني ويسافرون مع الفكرة شهداء أحياء لا تردهم ميركافا ولا تردعهم أباتشي ولا توقفهم مستوطنات العجول الذهبية ولا العلوج الأميركية.

الحرف الأول من نابلس هو النون، و نون نابلس ترمز لأبناء المدينة من خلال ملاحم البطولة والصمود، حيث جعلوا الغزاة يصغرون أمام ما يسطرون بالدماء الحارة. والنون هي نون الشهداء في ساحات المعارك،نون نموت واقفين ولن نركع، ونابلس تموت واقفة ولن تركع، ونابلس لا تخشع أعداء الحياة وما يقومون به من أعمال وحشية مخالفة لقوانين الحياة.

الحرف الثاني من نابلس هو الألف ونابلس المجربة لا تستسلم ولا تنحني حتى لو استمر الحصار آلاف الأيام الإضافية، فهي مهد آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، مدينة العطاء في زمن لا عرب فيه ولا عاربة،حيث تركت في الميدان وحدها مع أخواتها، تركت يوم تُرك الميدان للفلسطيني وحده يقاتل الصهاينة والمستعربون منهم بينما امة الضاد تتفرج... ونابلس التي تعود جذورها الفلسطينية العربية الكنعانية لآلاف السنين لن تكون سوى مدينة الحب والتمرد والصمود والمثابرة، تماما كما عرفناها على مر العصور.

الحرف الثالث هو الباء،وفي نابلس لا وقت للبكاء ولا وقت للغناء ولا وقت لوداع الأحبة أو امتطاء غيمة مسافرة نحو السماء، فالوقت للعمل وللتمسك بثوابت البقاء، للصمود في ظل حصار طويل ومميت، حصار لا يرحم المرضى و العجزة او حتى الرُضع، حصار يريد كسر إرادة المدينة وتركيع شعبها الذي لا يركع. والباء هنا مثل البقاء باقية في نابلس بقاء فلسطين فيها، والباء النابلسية حرف علة سوف يعلّ الدولة الصهيونية.

الحرف الرابع هو اللام، لامنا التي لا تلوم أحدا ولا تساوم أحدا ولا تعرف سوى المقاومة لغة لرفع راية الحق ورفعة بيرق الثورة المستمرة، فاللام لام نابلس الناهية ولامها الرافضة والجازمة والمقاومة.. لامها التي تقول لا للغزاة وصنائع الاحتلال، ولا للمحتلين ولمستوطنيهم المتشبهين بالوحوش، ولا للفساد والمفسدين وقادة المصادفة من أشباه الوحوش الداخلية، هؤلاء الذين صنعتهم سياسة السلام العجيبة في زمن اوسلو وأخواتها من عواصم الوحام السلمي، سياسة شطب الممثل الشرعي والوحيد من خلال وضعه في مكتب القائد الوحيد.

نابلس بلامها تؤكد رفضها لسياسة اللصوص ومتسلقي سلم سلام الشجعان من صنائع الذين سالموا الاحتلال وأسياده وساهموا في تكوين شخصيات مثل مهرجي الإصلاح على طريقة أولاد الأمن الوقائي في غزة، حيث تقاد حملة تصفية حسابات شخصية وشللية وحركية بين عصابات محلية تحاول السيطرة على حركة فتح وتركة السلطة الفلسطينية.

الإصلاح يبدأ من الرأس وينتهي بالقدمين والاهم من ذلك كله انه لا يأتي عن طريق فاسدين ومشبوهين وأناس مشكوك في ولائهم الوطني. نحن نعلم أن المشكلة هي في رأس السلطة حيث تمت صناعة بضاعة اوسلو التالفة والمزيفة وما سبقها وما تلاها من بضائع فتحاوية وفصائلية فلسطينية ساهمت بقوة في تخريب الساحة الفلسطينية وتحويل المنظمة إلى وكر للفاسدين والساقطين والمتسلقين واللصوص وقادة المصادفة وقتلة الشرفاء والقادة الحقيقيين إلى أن وصلت القضية الفلسطينية لفخ سلام الشجعان العتيد. لكن في معركة الساعة وفي هذه الأيام هناك فرق كبير بين الصانع والصنائع والمصنع الذي دمر،فالصانع محاصر أمريكيا وصهيونيا وإقليميا ومطلوب منه ان يدفع فاتورة كبيرة لكنه يأبى ذلك،لذلك تقف فلسطين معه في حصاره ويدافع عنه شعبه لأنه بذلك يدافع عن قضيته الوطنية وحقوقه العادلة. وسوف يكون شعب فلسطين من نابلس حتى خان يونس بالمرصاد للصنائع التي أصبحت تتحدث بلسان الأعداء علانية مستغلة حالة الفوضى والإرباك والإقصاء التي حصلت وتحصل في مؤسسات وأجهزة السلطة المتهالكة.

من واجب كل فلسطيني ان يكشف عن هؤلاء الذين يريدون تحويل قطاع غزة لمحمية وقائية بقيادة رموز الفساد والمتاجرة من الأمن الوقائي المعروف بارتباطاته المشبوهة وخدماته المكشوفة.

الحرف الخامس من نابلس هو السين و رمزيته في تمسكها بكامل فلسطين من التراب الى التراب ومن الرمل الى الرمل ومن الصابونة الى الجاعونة، ومن بلاطة إلى أصول أهل مخيم بلاطة المهجرين واللاجئين في أرضهم ووطنهم. فالسين سينهم الناصعة البياض، التي حملوها سنينا كما فلسطينهم المحمولة في القلوب وبين الضلوع، وساروا بها من حارة إلى حارة ومن ملجأ إلى مأوى ومن موقع إلى موقع ومن بلد إلى بلد حتى عادوا إلى البلد التي لا يوجد غيرها بلادا في قناعتهم وإيمانهم، حملوها ونطقوها مع كل كلمة تلتزم بالمقاومة وبالثورة على أعداء الحياة والحضارة. هي سين نابلس السلمية الحقيقية وسين الثورة الفلسطينية المتمسكة بالينبوع وليس ثورة قادة المصادفة من عابري سبيل المراحل السلطوية الآيلة الى السقوط والانقراض.

فلتحفظ نابلس سر حروفها الواضحة ولتمض كما هي مدينة أحلام الفلسطينيين القابلة للتحقيق وأمانيهم التي لا تشطبها اتفاقيات بعض الأوباش من عقلانيي مرحلة الاستسلام الرسمي الفلسطيني، فنابلس مثل المخيمات والبلدات والمدن والقرى الأخرى لازالت ومازالت تقول وتردد : لا بديل عن الحرية والتحرير والاستقلال والدولة والسيادة وعودة اللاجئين وإقامة نظام ديمقراطي حقيقي يحكم بالعدل والقانون والمساواة البلاد والعباد.

وقبل أن ينام القمر وتنام الشمس نقول لنابلس أحلى السلام وأغلى التحية: