نطالع من حين الى آخر الدعوات التي تطلقها منظمات حقوق الإنسان والصحفيين والكتاب عن توطين اللاجئين الفلسطينيين فتارة نقرأ عن التوطين في الأردن ومرة أخرى عن التوطين في صحراء سيناء ومرة في شمال العراق ومرة في لبنان ومرة في دول الخليج وهناك دعوات الى توطين جزء منهم في كندا ومرة في أمريكا ومرة في دول الأوروبية ويتم الإستشهاد بأقوال بعض المسؤولين من هذه الدولة أو تلك أو هذا الخبير أو ذاك ولكن ماحقيقة الأمر وهل هي أضغاث أحلام أم مخططات جاهزة لتوطينهم أعدها خبراء وسياسيون دوليون. وتعود هذه القضية الى الساحة كالبركان يثور أحياناً ويهدأ أحياناً أخرى ولكن إتفاق شرم الشيخ كان البداية وهو الذي مهد لمفاوضات الوضع النهائي ومن خلال عدة أطراف بما فيها الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. وأستطيع أن أشخص الوضع كالمبادرات التي كثرت في الآونة الأخيرة دون جدوى لتنفيذها على أرض الواقع.
ومن أطرف ما قرأت في هذا الشأن دعوة كاتب إسرائيلي الولايات المتحدة إلى ممارسة ضغوط على مصر لاقتطاع جزء من أراضي سيناء وإلحاقه بقطاع غزة ليكون وطنًا جديدًا للفلسطينيين، مقابل منح الرئيس المصري حسني مبارك جائزة نوبل للسلام وتحسين الأوضاع الاقتصادية لمصر على سبيل المقايضة! ويضيف الكاتب قائلا ولكن المشكلة تكمن في السيادة المصرية على سيناء وأن الأرض لأصحابها ولكن يمكن نقل السيادة الى الفلسطينيين أو لأي منظمة إقليمية أو أمنية للتعاون الإقليمي.
وتناولت صحف كثيرة نقلا عن صحافة إسرائيل الحديث عن خطة جديدة لتوطين الفلسطينيين على أراضي الأردن، مقابل منح الأردن جزءًا من عقود إعادة إعمار العراق، مستغلا الاحتلال الأمريكي لهذا البلد، وسيطرته الحالية على مقدراته.
كما تناولت صحف أخرى قولا على لسان مسؤول لبناني كبير القول إن لبنان رفض عرضاً تقدمت به جهات دولية لمنحها 20 مليار دولار مقابل توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلاد وهذا الرقم يوازي الدين العام على لبنان.. وهذا الدين هو أحد العوامل المهمة في الضغوط التي تمارس على لبنان، مضيفا أن "هناك بعض السياسيين اللبنانيين المستعدين للمضي في مشروع التوطين، وإن كانوا يعلنون عكس ذلك".
ورغم أن كندا نفت على لسان رئيس وزرائها جان كرتيات أي شكل من أشكال التوطين على أراضيها إلا أن بعض المصادر أكدت أن الحكومة الكندية عرضت توطين 25 الف فلسطيني في أراضيها كما أعلنت عن استعدادها لاستقبال لاجئين فلسطينيين في إطار اتفاق سلام في الشرق الأوسط.
ومما يذكر في هذا السياق عن مخططات إسرائيلية ترمي الى توطين مليوني مواطن فلسطيني في منطقة الخليج بتأييد من الولايات المتحدة الامريكية ومساندة الدول الغربية. والهدف هو دعم إسرائيل في توجهها لإختراق دول الخليج وتهيئة الأجواء لتوطين من ترفض عودتهم الى فلسطين ومن المحتمل أن يصل الرقم الى قرابة المليونين بإعتبار أن دول الخليج تعاني من ندرة في السكان وزيادة في الأراضي. وهذا هو السر في المحاولات الإسرائيلية المستمرة للتطبيع مع دول الخليج ومحاولاتها لإستمرار وجود مكاتب إسرائيلية في المنطقة ومحاولة إفتتاح مكاتب جديدة في دول أخرى لتسهيل عملية توطين الفلسطينيين والانفتاح الاقتصادي لتضرب عصفورين بحجر واحد.
ومن ضمن المشاريع والخطط الداعمة لسياسات التوطين المزمع تنفيذها وفقا للمشاريع الأمريكية لحل مشكلة اللاجئين وهي التي تقضي بحل قضايا هؤلاء اللاجئين في مناطق تواجدهم ومنحهم حقوق المواطنة في دول الشتات وقد أشار إليه الرئيس كلينتون في أكثر من مناسبة عندما إقترح عرضاً لتشكيل صندوق دولي لتوطين اللاجئين الفلسطينيين الذي رفضه الرئيس عرفات في ذلك الوقت وطالب بتطبيق قرار الأمم المتحدة رقم (194). وقبل الآن بيهودية دولة إسرائيل وبمبادرة جنيف الذي فيها تلميح بالتنازل عن حق العودة أملا في فك الحصار عنه وهو مادعى الملك عبدالله الى إطلاق تصريحاته الأخيرة بشأن التنازلات الفلسطينية المتكررة وشمل الرفض ايضاً مقترحاً أمريكيا إذ أعربت عن إستعدادها لتوطين أعداد من اللاجئين الفلسطينيين في أراضيها في نطاق خطة شاملة يتم في إطارها استيعاب وتوطين قسم من اللاجئين في الدول الأوروبية، والعربية وجزء في مناطق الدولة الفلسطينية المزمع إقامتها في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وآخر مشاريع التوطين كان من نصيب العراق حيث سيتم توطين مليوني فلسطيني في جنوب العراق وتحديدًا في المنطقة الواقعة بين العمارة والبصرة ويقترح هذا المخطط بتوطين مجموعات أيضاً في الشريط الحدودي الممتد من كركوك الى الحدود مع إيران وبموجبه سيتم منح الفلسطينيين الجنسية العراقية ومنزل وسلفة مالية من إيرادات النفط ومن ثم تزويد الفلسطينيين بالسلاح للدفاع عن أنفسهم في حالة حدوث مواجهة مع إيران أو مع سكان المناطق الكردية. ويهدف المخطط أيضاً الى التوزيع الطائفي على أساس سنة وشيعة وأكراد وتركمان وآشوريين لإشعال فتيل الحرب الأهلية التي نرى بوادرها الآن وهي مخططات يقول عنها أحد الزعماء العرب سايس بيكو جديد. وطالما هذه هي المخططات والسيناريوهات التي ستفرض من الغرب سواء بالقوة أو بالمفاوضات فما هي الخطط أو الجهود العربية التي تبذل من أجل إنهاء وضع هؤلاء اللاجئين أليس من الأفضل حل وضعهم قبل أن يفرض بالقوة ويثور البركان الهاديء من زمان.


– الرياض