عندما نتحدث عن انعدام المساواة بين البشر في عالم يعيش بزمن ألا سلم والإرهاب على الهوية، حيث يختطف الأبرياء وغير الأبرياء ثم يذبحون أو تقطع رؤوسهم كما في الأفلام الدموية. عندها و حيث الأيادي الخفية تمتد فتختطف الأبرياء وتقتلهم بقطع رؤوسهم،يجب أن نتحدث أيضاً عن إرهاب آخر تمارسه طائرات أمريكا في العراق و طائرات إسرائيل الأمريكية في فلسطين المحتلة، حيث يقصف الأبرياء وتقطع أوصالهم، بحيث يصعب على المسعفين لملمتهم، مما يضطروا لدفنهم جماعات. إذن الإرهاب ليس حكرا على الأفراد والجماعات الصغيرة بل هناك إرهاب دول قوية يمارس بحق دول وشعوب وأمم ضعيفة.

عندما يختطف مدني أجنبي في العراق ويتم قطع رأسه لا بد من الإشارة
الى انه عمل إرهابي ولا علاقة للدين به لا من قريب
او بعيد، لأن الدين لا يسمح بإرهاب الناس، بل هو دين محبة وتآخي وسلام، على الأقل هكذا تعلمناه في مدارسنا ومجالسنا. وبنفس الوقت يجب القول أن الغارات الأمريكية على الفلوجة وتل عفر وسامراء والرمادي وبعقوبة والنجف والكوفة وأحياء بغداد، حيث قتل مؤخرا مراسل العربية مازن الطميزي،فأصبح المراسل رقم ثلاثة للعربية الذي يقتله الأمريكان بدماء باردة، هذه أيضا أعمال إرهابية، والخسائر نتيجتها كبيرة و تفوق عشرات المرات خسائر عمليات الخطف التي ينتج عنها ضحايا بشكل فردي.

نحن يا سادة في زمن حروب تقودها دولة عظمى،فالحروب تشن من كل صوب وحدب، تشنها الدولة الأقوى في عالم اليوم، ولا تكتفي بذلك بل تهاجم كل من تتسول له نفسه توجيه النقد لسياساتها المتهورة. حتى أن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الذي وقع قبل أيام قليلة في زلة لسان أثناء مقابلة صحافية حيث قال
ان الحرب في العراق غير قانونية. هذا الأخير هوجم
يوم أمس من قبل الإدارة الأمريكية. مع العلم أنها المرة الأولى التي يقول فيها عنان أن تلك الحرب غير قانونية،إذ كان دائما يكتفي بالقول أن الحرب غير متوافقة مع ميثاق الأمم المتحدة، وذلك لتجنب غضب أمريكا. وقد ذهب عنان بعيدا حين قال أن دولة القانون باتت مهددة في ظل سيادة ظاهرة مكافحة الإرهاب.

عندما يستخدم أمين عام الأمم المتحدة أي مصطلح سوف يتم استخدامه وترديده من قبل الناس لأنه لا يمثل نفسه بل يمثل الإرادة الدولية ممثلة بالأمم المتحدة. وهذا سوف يحرج إدارة بوش ويزيد من مأزقها.بدوره أيد الاتحاد الأوروبي علنا على لسان رئيسه وزير خارجية هولندا برنارد
بوت تصريحات الأمين العام
للأمم المتحدة. خاصة التي
تتعلق بعدم استخدام الإرهاب ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان. وكانت تلك الرسالة موجهة بشكل خاص للإدارة الأمريكية، خاصة أن الرئيس بوش انتهز خطابه أمام الدورة التاسعة والخمسين للجمعية العامة ليجدد دفاعه عن الحرب التي قادتها بلاده على العراق وضد ما سماه بالإرهاب، مؤكدا عزم بلاده القضاء على الإرهاب وإنهاء الدول الراعية له. كما اعتبر بوش ان العراق وأفغانستان أصبحتا على طريق الحرية. كان يجب عليه ان يقول أنهما على طريق الحرية الحمراء حيث الدماء تسيل يوميا بلا توقف خاصة في العراق، فهذا البلد خرج من تعب
الى تعب،كما في المثل العربي القائل من تحت الدلفة لتحت
المزراب.

قال الرئيس بوش
ان الزرقاوي قَطاع الرؤوس موجود مع جماعته في بغداد.. لما لم يسأل الرئيس بوش نفسه عن سر وجود وتجمع الإرهاب في تلك المنطقة، فوجود الزرقاوي ترافق مع وجود الغزو ومن ثم الاحتلال. حيث انه لم يكن هناك وجود لجماعات إسلامية أصولية في العراق زمن نظام البعث والرئيس المخلوع صدام حسين. كان يجب على الإدارة الأمريكية ان تأخذ بالحسبان أنها جاءت لمنطقة لا تزال غير مهيأة لتكون تحت إبطها. لذا فمنذ مجيء القوات الأمريكية الى البلاد العربية والإرهاب في تصاعد، حيث تتعرض بعض البلدان العربية لعمليات تخريبية لم تكن موجودة قبل ذلك. ألا يدل هذا على وجود صلة قوية بين الاحتلال
والإرهاب؟

يصعب على الإنسان تصديق كلام الرئيس بوش لأنه أكد أكثر من مرة جهله ببعض القضايا وخلطه بين الأسماء والأشخاص، مثلما حصل يوم أول أمس عندما خلط بين اسمي
ابو نضال وابو العباس(توفيا في العراق) وقال ان ابا نضال (بدلا من أبي العباس) كان قاتلا حيث قتل الأمريكي ليون
كلينجهوفر في عملية السفينة الإيطالية
اكيلي لاورو، مع العلم
ان المجموعة التي اختطفت السفينة كانت تتبع لجماعة
ابو العباس المنشقة عن جبهة التحرير الفلسطينية بقيادة طلعت يعقوب(1944-1988)، وقد حدث ذلك في السابع من تشرين الأول 1985.

فلسطينياً حرص بوش على ترديد كلامه المعهود وانحيازه للطرف الإسرائيلي، فبدلا من الدعوة لتطبيق خريطة الطريق، دعا إلى تجميد بناء المستوطنات، لكنه عاد وكرر انتقاده للقيادة الفلسطينية التي اتهمها بالتساهل مع الفساد والإرهاب.
وهاجم الرئيس عرفات دون ذكر اسمه عندما قال أن على قادة العالم أن يتوقفوا عن تأييد أي حاكم فلسطيني يخذل شعبه ويخون قضيته... حين يسمع المرء هكذا كلام يعتقد ان الرئيس عرفات أمريكي والرئيس بوش فلسطيني، إذ يظهر من كلام بوش أنه أحرص على الشعب الفلسطيني وقيادته وقضيته من أي فلسطيني. فعلا هذا منطق غريب عجيب، إذا كان بوش حريص على الفلسطينيين لماذا يقدم لإسرائيل كل ما تريده من المال إلى الفيتو حتى السلاح وآخره مكافأة ب 5000 قنبلة ذكية،على الشعب الفلسطيني
التجهز لتقديم ضحاياها من مواطنيه الأبرياء. بتلك الهدية سوف تزداد ترسانة اسرائيل العسكرية وتزيد قوتها وتتفوق على الجميع في الشرق الأوسط بما فيهم سوريا وايران
الموضوعتن على قائمة بوش للتدمير باسم الحرية والسلام ومكافحة الإرهاب والفوز بالانتخابات الرئاسية.