قتل 12 نيباليا و خطف عمال أتراك و هنود و مصريين و أردنيين و خطف صحفيين فرنسيين و مساومة قتلهم و يافطات و خلفيات تستخدم شعارات إسلامية و دينية مثل "أنصار السنة " و " جماعة التوحيد و الجهاد " و العبارة المشتركة لجميع جماعات الخطف و القتل هي عبارة " لا إله ألا الله محمد رسول الله " و قنوات فضائية تروج لهذه العمليات الإرهابية و كأنه إصرار و تعمد علنيين على تشويه مبادئ الدين الإسلامي الذي يحرم خطف و قتل الأبرياء، ألتبس على المسلم العادي الدفاع المشروع عن الوطن و الحقوق بأدوات مشروعة تخدم قضيته و بين العمليات الإرهابية التي تسيء إلى دين بنى حضارة عريقة امتدت مئات السنيين و انتشرت في أرجاء المعمورة - و سؤال يطرح - ما الذي أوصل بعض المسلمين و الجماعات إلى قناعة لا يدخلها الشك بأن قتل الأبرياء و الذين لا ذنب لهم حق مشروع و أنه سبيل صحيح للمطالبة بالحقوق المشروعة و الدفاع عن الممتلكات.

جماعات تدعي الإسلام و تقتل باسم الدفاع عن الدين عمال مسلمين و غير مسلمين و من جنسيات مختلفة باعوا كل ما يملكون في بلادهم من أجل التغرب و العمل في العراق و البحث عن لقمة العيش، أي تشويه و ضرب الدين أكثر من هذا الذي يظهر على الفضائيات على مسمع و مرأى من الناس، و أكثر ما يدمي القلب هو وجود المسوغ الشرعي و الديني الذي يٌستند إليه في الجرائم الإرهابية التي لم تقف عند غير المسلمين بل طالت مسلمين و مواطنين تحت عنوان التعاون مع العدو و الكفار، ألم تكن هناك مقدمات بتوظيف نصوص دينية و قراءة شخصية و نفعية قادت إلى السبيل الشرعي الذي توهمه البعض أنه من صميم الدين حتى وصف بعضهم " المتدينين " بأن بريطانيا مرحاض و أن سكانه كفار وهو يعيش على أرضها و من ضرائب شعبها.

الخطف و القتل يتزامن مع تشديد قبضة الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية التي وجدت فرصتها في القتل و ممارسة أقصى أنواع العنف ضد الفلسطينيين ما دامت دول العالم مشغولة بخطف و قتل مواطنيها على الأراضي العراقية، حتى أصبح المتعاطف مع القضايا العربية و الإسلامية محايدا بل نافرا من الهموم العربية و الإسلامية نتيجة ما يفعله الذين يسعون وراء مصالح فكر متطرف و حتى أخذها البعض لأمور مادية و شخصية، فتحت شعارات دينية يساوم و يطالب بعض الخاطفين الدول و المؤسسات و الشركات و الأسر بدفع الفدية لإطلاق سراح المختطفين.

و بدل أن تنشغل الأمة بقضايا التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الإصلاح السياسي شغلت بإصلاح هذا الاعوجاج الفكري الذي ينخر في عقول بعض التيارات الدينية التي قرأت و حفظت و حددت مصالح الأمة بمحاربة ما تسميه الكافر بعدم العيش معه و التفاعل مع حضارته، و عرفت الكافر بذلك الفرد الذي لا ينتهج العقيدة الدينية الصحيحة التي يقرها نهجهم، حتى لو شهد بـ " لا إله إلا الله محمد رسول الله "، و ألا ماذا يٌفسر خطف عمال باكستانيين و لبنانين و هنود و أتراك و قتلهم بحجة العمل مع شركات كويتية و سعودية و تركية و أمريكية.

الاختلاف مع فرنسا بسن قانون حظر الحجاب في مدارسها، لا يبرر إطلاقا عملية الاختطاف و الحجز و مساومة الحكومة بإلغاء القانون و ألا سيقتل الصحفيين و ليس من الدين أن يعاقب مواطن بريء مقابل إلغاء قانون حتى لو كان لا يقبله الدين الإسلامي. و يبقى التساؤل المشروع لماذا هذا التوقيت في عملية خطف الصحفيين الفرنسيين مع قرب افتتاح المدارس و تطبيق قانون حظر الحجاب، و الذي يعلم الجميع أن فرنسا لن تلغي القانون، و أيضا من المستفيد في تغيير مواقف فرنسا المؤيدة للعرب التي عارضت الحرب على العراق؟.