من يشاهد المنظر الخارجي لأنصار الصدر من جيش المهدي وهم يقفزون بأسلحتهم في شوارع النجف والبصرة وغيرها، للوهلة الأولى ربما يخيل له أن هؤلاء مجانين لا ينقصهم سوى القمصان البيض، و كأن أبواب المستشفيات قد فتحت وأصبحوا يسيرون في الشوارع، والحقيقة أن هؤلاء عاقلون وأعقل مما نتخيل، ولكن المشكلة هي أنهم أناس وجدوا شخصا إتخذ من الدين ذريعة كي يصل إلى طموحاته ورغباته المجنونه فأعلن قيام جيش المهدي المنتظر.

أنا لا أعرف حقيقة معنى ذلك الإسم ومن هو المهدي المنتظر هذا الذي تحشد له الجيوش ويخرج البشر يرقصون بأسلحتهم من أجله في الشوارع، وبكل تأكيد كان ذلك الخروج من منطلق ديني أو ردة فعل طبيعية لسنوات الإضطهاد التي عاشوها خلال الحقبة الصدامية، وإن كان صدام حسين قد قتل نصف الشيعة وحولهم إلى مقابر جماعية، فالسيد مقتدى الصدر تخلص من النصف الآخر وحولهم إلى مجانين يسيرون في الشوارع ويقفزون بالأسلحه، في نفس اللحظة التي يحتاج فيها الشيعة إلى من يسترد ولو قليلا من حقوقهم التي سلبت طوال العقود الماضية.

إن أيديولوجيا حمل السلاح والخروج على القانون والنظام لم تكن لتوجد لولا وجود من يصدر الفتاوى و ينظر لتلك الأعمال، فالفتنه وخرق الوحدة والصف أمر في غاية السهولة بسبب التعنت بأعذار آنيه، ومن غير الممكن إدراك المخاطر المستقبلية المترتبة على ذلك، ولعلنا نلاحظ الكثير من الحنكة لدى السيد السيستاني فقد تنازل وغض الطرف عن أشياء كثيرة بسبب نظرته البعيدة للأمور، ولو أنني لا أجد إختلافا بين السيستاني والصدر سوى أن احدهم تسرع في تنفيذ أفكارة الرجعية،على حساب هؤلاء الغلابة وعلى حساب دمائهم التي إرتوت منها شوارع النجف، الصدر يتحجج بأنه سيحمي العتبات المقدسة ومرقد الإمام علي من الأميركان، وكأن الأميركان اتوا إلى العراق من أجل أن يعودوا بذلك المرقد إلى واشنطن.

إن أبشع مايقوم به الإنسان في هذه الحياة هو إستغلال الأبرياء وإستباحة دمائهم، وإتخاذها جسرا للعبور عليه من أجل الوصول إلى ما يريد، وهو الشيء الذي صنعه رأس الإرهاب في العالم بن لادن وقيادي حماس والصدر وآخرين من الجماعات الإسلامية المتشددة، كما أنه من الصعوبة الصمت على هؤلاء المجرمين وأفعالهم المشينة مهما كانت المبررات والظروف التي يتحدثون عنها، فلن تجد عند أحدهم أي اعتبار بحياة الإنسان وقيمتها أو النتائج المترتبه على المسلمين جراء أعمالهم هذه، والصحيح أنه لابد من القضاء على تلك الرؤوس والأفكار التي تحملها، فمعظم المجتمعات العربية على أتم الإستعداد ولا ينقصها سوى القمصان البيضاء.

[email protected]