وجدت هيئة العلماء المسلمين نفسها في موقف حرج لا تحسد عليه، عندما طالبها ما يسمى بالجيش الإسلامي السري ( جماعة الرايات السود ) بإصدار فتوى صريحة وواضحة لا لبس فيها، تؤكد على شرعية وجواز اختطاف الأجانب العاملين في العراق، بل وكل من يتعاون مع " الاحتلال " حتى وإن كانوا من العراقيين.
وهنا تلوح في الأفق عدة تساؤلات مهمة ومنها على سبيل المثال لا الحصر: ماهو السبب الذي يدفع " جماعة الرايات السود " التابع للجيش الإسلامي السري الناشط في العراق للحصول على فتوى من هيئة العلماء المسلمين وليس من غيرها؟!، وما هو الرابط الذي يربط بين الهيئة وهؤلاء الخاطفون الذين جاؤوا من وراء الحدود ليضعوا العصي في دواليب الحكومة العراقية الساعية لأعادة أعمار العراق وجعله يقف على قدميه من جديد؟!، ولماذا لم يصدر علماء المسلمين فتوى توقف العنف في المناطق المضطربة التي تسمى بـ "المثلث السني" والتي ينتمي إليها أغلب أولئك العلماء؟!، والسؤال الأكثر أحراجا" لعلماء الهيئة هو: لماذا لا يفتي أولئك العلماء بحرمة التعرض لثروات البلاد وفي مقدمتها النفط؟!.
في البدء لا بد ان يعرف القارئ الكريم ان هيئة العلماء المسلمين قد تشكلت في ظروف غامضة ومريبة إلى أبعد الحدود!، ونقصد بالغموض هنا ان رجال الهيئة وتحت جنح الظلام شكلوا هيئتهم، كما ان أغلب اعضاءها مشكوك في ولاءاتهم السابقة والحالية!،وهم أول من فتح الباب لتكريس الطائفية في البلد حتى قبل أن يقوم " المحتل" بذلك، حيث جاء تشكيل الهيئة بعد سقوط النظام بفترة قصيرة، وكان كل أعضاءها من الطائفة السنية فقط، وهو ما يدعو الشك والريبة والقلق ايضا"؛ وكما قلنا فقد قسم البلد إلى نصفين، وربما أكثر، و فتح الباب أمام تشكيل بيت شيعي وفي الغد سيتشكل بيت مسيحي و هلم جرا...
ثمة الكثير من الأسباب التي دفعت هيئة علماء المسلمين بان تلتزم موقفا محايدا، بل في أحيان كثيرة كانت تلتزم موقفا" متشددا" من الكثير من القضايا المطروحة اليوم على الساحة العراقية، ولن نذهب بعيدا" حيث مازال الموقف المتخاذل لهذه الهيئة وعدم مساندتها للحكومة العراقية الفتية والمساهمة معها في أعادة اعمار العراق، والنهوض بالمشروع الحضاري الجديد والمتمثل في أعادة الحياة لهذا البلد الذي دمرته الحروب وترسيخ الديمقراطية والحرية والتعددية وبناء مؤسسات المجتمع المدني ودولة القانون فيه؛ قد يكون كل ذلك الكلام لا يعجب رجال الهيئة الذين استقوا مبادئهم وأفكارهم و رؤاهم من ذلك المنبع الذي تغوص فيه فيروسات الكره والحقد على كل ما هو جديد ومتطور، وتحوم حوله وتسمم فضاءه أيدلوجيا البعث الصدامي؛وعند هذا الحد تجد ان البعض من اعضاء الهيئة يحاول وباي وسيلة كانت ان يعيد الى اذهاننا تلك الصورة القبيحة لعلماء الدين ورجال المعاهد الدينية وهم يلجمون انفسهم في حضرة الأمام القائد ولا ينبسون ببنت شفة، هاهم اليوم يتزلفون الى المجموعات الأرهابية الخارجة على القانون، ويخطبون ودهم هذا من جهة، أما من جهة اخرى فانهم بحجة معارضة كل ما تقوم به الحكومة الجديدة، يحاولون أن يستغلوا صمتهم ذاك في فتح الطريق امام تلك المجموعات الأرهابية لكي تنفذ اجندتها وما جاءت من أجله لكي تأد الحلم العراقي الجميل، هكذا هم يظنون، ولكن هيهات وانى لهم ذلك!..
ولكي تثبت الهيئة عدم أرتباطها بتلك الجماعات الأرهابية، أو حتى دعمها لها عليها أن تصدر تلك الفتوى؛ أنني لا اعتقد ان هنالك نص قراني يحلل قتل المدنيين الأبرياء لا لشيء سوى أنهم جاؤوا لمساعدة العراقيين ومعاونتهم على اعادة اعمار بلدهم وتزويدهم بالخبرات الضرورية التي يحتاجون اليها؛ على الهيئة أن تثبت انها بعيدة عن اولئك المجرمين بان تكشف عن مخابئهم وتجند اهالي المنطقة السنية بالبحث عنهم أو اخراجهم من جحورهم وتسليمهم الى الحكومة العراقية، وبذلك يكون علماء الهيئة الموقرون قد أبعدوا الشبهات التي تحوم حولهم واسكتوا تلك الألسنة التي تنطق زورا"و بهتانا وتتهمهم اتهامات لا اساس لها من الصحة؛ وحتى ذلك الحين ننادي باعلى اصواتنا: يا أيها العلماء ارونا عباءاتكم البيضاء الشفافة فقد غرقنا في ظلام ما بعده ظلام ولله المشتكى.
التعليقات