للمرة الاولى عبر التاريخ الكردي يفتح التاريخ ابوابه على مصراعيها ويقول انه قد حان الوقت لكي تخططون حاضركم ومستقبلكم وترسمونه بالشكل الذي تريدونه. وان الاوضاع المتمخضة عن الجدليات الحاصلة في الشرق الاوسط عامة والعراق خاصة اصبحت ارضية خصبة لنمو وازدهار حركة ونضال كردي يقع في خدمتهم ومصالح الشعب الكردي. وان الشعب الكردي يعيش الان حالة من الانتعاش النفسي والسيكولوجي من كافة النواحي نتيجة هذه التطورات ان تم الاستفادة منها والتي يمكن من عبرها دخول صفحات التاريخ المشرقة.

والامر الهام الذي على القيادات الكردية ان تتوخاه هو ان ترسم مشروع مشترك يحتوي ضمنه تطلعات الكرد في كل الاجزاء وعدم التفرد في جزء على حساب جزء آخر. وأن نستفيد من الماضي البعيد والقريب ونستخلص منه الدروس والعبر كي نعي كيف نرسم الحاضر بكل مكنوناته السياسية والثقافية والاجتماعية. إذ أن المشروع والحوار الكردي - الكردي بات ملحاً لأقصى درجة في راهننا أكثر من أي وقت مضى، وذلك لما يحاول به اعداء الكرد من عقد اجتماعات واتفاقيات للنيل من الحقوق الانسانية للكرد. وعلى ما أعتقد أن ذلك ليس خافياً على احد، وبات الطفل الذي لا يفقه أبجدية السياسة يعلم ما يضمره الاعداء في قرارة نفوسهم للكرد. وبالقاء نظرة سريعة على على تصريحات وتقربات الانظمة التي تستعمر الكرد ثقافياً واجتماعياً وسياسياً، ندرك تمام الادراك انهم يبيتون للكرد المساوىء والضغائن والكره لا لمجرد أي شيء سوى انهم كرد ويعيشون فوق ارضهم بسلام.

إذ أن التقربات التي يقوم بها النظام السوري العفلقي لا تختلف أبداً عما كان يقوم به النظام البعثي في العراق، وأن ما يقوم به النظام العلماني التركي ضد الشعب الكردي من كافة النواحي لا يختلف أبداً عما يقوم به النظام الاسلامي في ايران. وبالرغم من الاختلافات الايديولوجية والاهداف إلا أنهم يمتلكون قاسماً مشتركاً واحداً عندما يتعلق الامر بالقضية والمطالب الكردية. وهنا لا اعني ابداً ان ندخل انفسنا في قوقعة القومية الشوفينية المتعصبة وان نعلن الحرب عليهم، بل علينا ان نوحد صفوفنا قبل كل شيء وأن نبحث عن القاسم المشترك الذي يجمع كافة الحركات الكردية المشروعة في كافة الاجزاء وان نبتعد عن العقلية التناحرية و(الأنا) في لغة وابجدية السياسة ونفي الآخر على حساب المصلحة الشخصية والجزأوية والعشائرية المحلية. إذ أن الذي يجمع الكرد أكثر بكثير من الذي يفرقهم وأنهم يمتلكون أوراق ضاغطة بمقدورهم التأثير على أقوى الأنظمة ويجبرونها على الانصياع للمطالب الكردية في أي جزء كان.

وأننا نتطلع خيراً للزيارة التي سوف يقوم بها المسؤولون في كردستان العراق الى تركيا وبعض الدول الاوروبية، نتمنى أن تجرى اللقاءات في جو من ارتياح وعدم الرضوخ للتهديدات والامتيازات والتفكير بالمنافع الضيقة على حساب الشعب الكردي في الاجزاء الاخرى، أو عقد الاتفاقات للدخول ثانية في حرب أهلية كردية _ كردية ارضاءً للغير. وليكن معلوما أن الخاسر الوحيد من هكذا اتفاقات هم الكرد بدون استثناء وفي كل مكان والرابح سيكون الاعداء بذاتهم لا غير. حينها لا يعفو التاريخ عن أحد وان اسماءهم لن تسجل في صفحات التاريخ الكردي المشرقة.

التقربات الاقليمية والمحلية الجزأوية لا يمكن لها ان تخدم المصالح الكردية مهما قامت من أفعال، فإن افعالها تلك ستكون نقمة وخطوة أولى في مسيرة الانهيار والتشتت أكثر وأكثر. المرحلة التي نعيشها توجب علينا ان نكون حذرين ويقظين كثيراً وأن تكون سعة افقنا وتفكيرنا وحتى صبرنا اكبر مما يخطط له الاعداء. حينها فقط سوف يكون لكل حادث حديث.

صحفي عراقي