يمر وطننا وشعبنا هذه الأيام، بظروف لا يحسد عليها. وهي تُعد، في التقدير الوطني الأصيل، فرصة ذهبية و حاسمة، إن خسرناها سنبقى مرهونون لأيدٍ ــ وإن كانت عراقية ــ إلا أنها تدار من خارج الحدود، ولو لفترة ليست بالقصيرة على الأقل. كما عشنى العقود الماضية السوداء.
مرحلة اختلط فيها الأصيل مع الدخيل، والبرئ مع المتهم، والضحية مع جلادها، ولم تنجلي الحقيقة كلها للشعب بعد. الشعب الذي لايزال يعيش صدمة السقوط،الحلم.
وفي هذا الجو المفزع المعقد، لطبقات الشعب المعتّم أمامها الموقف، توجد قوى وطنية متعددت ارؤى والأفكار. منها ما صمدت وصبرت أمام كل عنجهيات النظام البربري المقبور، لم تستهويها مغرياته، ولم ترعبها تهديداته. ومنها من جربته بحسن ظن، أبدتها له وفق استراتيجية مرحلية استثنائية، ففشلت في ترويضه. ومنها من تغلف فكرها بالتوجه القومي، إثر ظلامات مرت على شعبه عبر عشرات السنين. مهاجراً ومطارداً ومحاصراً، معتقلا ومقتولا. فهي أطياف مختلفة الرؤى، لكنها تريد أن تعيش وفق ما تفكر، ولها اديولوجيتها التي لها الحق أن تختارها طريقة للعيش، بل وتنّظر للشعب وتدعوه للعمل بها، إن هو أقرها وآمن بها بمحض إرادته..
كل هذه الحركات والأحزاب، بأفكارها ونظرياتها التي تسيطر على عقلية الشارع العراقي، تدعوا الآن الى حكم ديمقراطي تداولي، بعد استرداد السلطة من المحتلين. ولكن في الوقت نفسه، هناك تخوف من بعضها البعض. فالعلماني يخشى الإسلامي، من أن يفرض عليه ما لايؤمن به إن هو استلم السلطة، فيسد عليه كل أبواب الحياة التي يؤمن بها. والإسلامي يخشى العلماني، إن هو استلم السلطة، سيفتح الباب على مصراعيه لنشر ممارسات يراها الأسلامي إخلالاً بمعتقداته، واستفزازاً لمشاعره، والهاباً للشارع المسلم الذي يجهل حقيقة اسلامه، الذي لم يعرف كنه الديمقراطية واصولها بعد. مما يدفع للتهور والتطرف والتصادم الدموي. والقومي يرى في الوضع القائم، فرصة لفرض سيطرته على مساحات غير عائدة له، لتوسيع مناطق فدراليته التي يعدّها لانفصال في المستقبل. وهذا ما يرفضه الآخرون مجتمعون.
إذن كيف العمل؟؟
وكيف نخطط لمستقبل ما بعد الإستقلال؟؟
وهل يجوز للعلماني أن يتحالف مع الأسلامي؟
وكيف؟
وهل يمتلك الإسلامي رؤية واضحة، وستراتيجية تمكنه من التحالف مع العلماني، في ما إذا لو حقق الأغلبية في الإنتخاب؟؟
وهل نستطيع العمل سوية من الآن، على تثقيف الشارع على الحياة الديمقراطية،التي تؤمّن الحق للجميع، في أن يفكر ما يراه مناسباًَ له، وكل في فضائه الإجتماعي؟ وتوعيته بأن سلطة الشعب ليس مزاجاً، بل هو ما يؤمن به الشعب من فكر، وسلوك لابدل أن يفضي الى خيره وسعادته. ويؤمن الألفة والتآخي بين شرائحه المختلفة.
فتعالوا أيها السادة ننضج لآلية التعايش، والتأقلم مع الآخر من الآن، ولنسمع آراء الجميع دون تحفظ، ضمن ضوابط الأحترام المتبادل، وبروح ترقى الى المسؤولية الوطنية التي تحترم الرأي والرأي الآخر. بدل التشاتم والتسفيه للآخر.
تعالوا نلقي شيئاً من الضوء على ما يختلج في صدر كل منا لعراق المستقبل الذي لايزال قراره في ايدي، المحرر المحتل.
إذن هي أسئلة تحتاج الى إجابات، من باقة من السياسيين العراقيين الذين يهمهم الشعب، كل الشعب. نرجوا أن نتعاون معاً لننضّج الجواب الشافي لها. فما هي قراراتنا، ورؤانا للعمل من أجل العراق؟؟. نريد برامج عمل واضحة، ورسائل حب متبادلة، ونسائم فكرية عذبه تجلي صدأ القلوب التي كانت محاصرة، اومهاجرة. والعقول التي أراد الفاشيون والطغاة لها المسخ ففشلوا وخابوا حتى لفظهم الشعب، واحتوتهم مزابل التأريخ.
زهير الزبيدي
التعليقات