ا

رغم العقبات التي تضعها الالة العسكرية الاسرائيلية لعرقلة العملية الديمقراطية في فلسطين سيثبت الشعب الفلسطيني انه يؤمن بالحرية والديمقراطية. اسرائيل احتكرت صفة الديمقراطية لأكثر من نصف قرن واقنعت العالم انها الديمقراطية الوحيدة شرق البحر الابيض المتوسط ولا تريد منافسا. والعقبات الاخرى لاعاقة الديمقراطية تأتي من الداخل وبالتحديد من حماس والجهاد الاسلامي. يقولوا انهم يقاطعوا الانتخابات لان القضية ليست قضية فلسطينية فقط بل قضية مليار ونصف المليار مسلم. هذه كلمات ناطق باسم الجهاد الاسلامي تحدث مع احد الفضائيات العربية يوم الاحد التاسع من يناير (كانون الثاني) 2005.

قال بصراحة على الفلسطينيون ان لا يشاركوا بالانتخابات لان القضية ليست قضية فلسطينية بل قضية اسلامية ويتعين على المرشحين أن لا يتحدثوا باسم فلسطين لانها قضية اسلامية. هل يريد الاخ المتحدث ان يرتب انتخابات تشمل مليار ونصف المليار مسلم في العالم لكي يوافق ويشترك.

أنا لا أقول ان الاحزاب الرافضة للمشاركة في الانتخابات قامت بالتنسيق مع شارون لعرقلة الانتخابات، بل ان تصرفاتهم الغير مسؤولة وضعتهم في دور الحليف الشيطاني لاسرائيل، بهدف احباط اعطاء الشعب الفلسطيني الفرصة ليثبت للعالم انه قادر على ادارة دولته وان يمارس الديمقراطية حتى تحت اصعب الظروف.

شارون لا يريد النجاح للفلسطينيين حتى لو استطاعوا تأسيس موديل سويسرى من الشفافية والديمقراطية والمسؤولية وسيسعى الى خلق الذرائع لتدمير ما تبقى في فلسطين. واستشهد بما قاله صعب عريقات في لقاء في لندن الصيف الماضي أمام مجموعة من نشطاء السلام من عرب وبريطانين ويهود.( قال: والله لو انتخب الفلسطينون الأم تيريزا سيجد شارون سبب لاحباط الفلسطينيين. )

ونسمع لآن من ممثلي الجهاد الاسلامي ان القضية الفلسطينية هي قضية اسلامية. فأين الوجود المسيحي. اين النضّال المسيحي. الذين تقتلهم اسرائيل وتدمر منازلهم وتحاصرهم اسرائيل وتقتلع اشجارهم ليسوا من الباكستان وبنغلاديش او اندونيسيا. انهم فلسطينيون مسلمين ومسيحين والرصاص الاسرائيلي لا يميّز بينهما. اسرائيل تعامل الجميع بوحشية بالغة.

وأود أن اسأل هذا المتكلم الرافض للمشاركة في الانتخابات لان قضية فلسطين قضية اسلامية:

ماذا فعل البليون ونصف بليون مسلم للقدس. هل استطاعوا مع فرسان الفضائيات الناطقة باسمهم ان يحرروا شبرا مربعا واحدا من فلسطين. ماذا فعلوا عندما دنس شارون باحة المسجد الاقصى والحرم الشريف بعد انهيار محادثات كامب ديفيد عام 2000. أين التحرك الاسلامي لحماية المسجد الاقصى وتحرير القدس؟
الدول العربية مقيدة بما تستطيع أن تفعله ولكنها تقدم على الاقل دعما معنويا وسياسيا ولا يمكننا ان نتجاهل الادوار البناءة التي تلعبها 3 دول عربية بالتحديد وهي مصر والاردن والمملكة العربية السعودية وهي تعمل جاهدة لتساعد الفلسطينيين في تأسيس دولتهم والتخلص من الاحتلال. لذا القضية عربية الطابع تاريخيا وجغرافيا وسياسيا وليست قضية دينية. ومن يعرف فلسطين يجد أن 90% منها لا يحتوي معالم دينية هامة وهل يعني ذلك انه يمكن التخلي عنها. لا يوجد مقدّسات تاريخية في قطاع غزة وشمال فلسطين وخارج القدس وبيت لحم والخليل.
وضع صبغة دينية بحتة على الموضوع تشوّه الصراع من اجل الارض.

قضية فلسطين في الاساس هي قضية فلسطينية بمسلميها ومسيحييها وقضية عربية. العالم الاسلامي لا يكترث لفلسطين وليس لديه الوقت والرغبة والمقدرة على فعل شيء. ألدول الاسلامية عاجزة عن القيام بأي عمل فعلي لانهاء الاحتلال. وعلى الفلسطينيين عدم التعويل على هذا الطرف او ذاك بل الاعتماد على انفسهم لحل مشاكلهم.


نهاد اسماعيل - لندن