فرص نجاح السلام في الشرق الاوسط ضئيلة بدون تدخّل أميركي على أعلى المستويات

هل يريد بوش دخول عتبة التاريخ كصانع سلام أم يريد الالتحاق بنادي الفاشلون الذين سبقوه؟

لا يزال الرئيس بوش مترددا في الضغط على شارون لاستغلال المتغيرات على الارض للتقدم في العملية السلمية الى الامام. في ظن الادارة الاميركية ان الوقت غير ملائم. التأجيل والتأويل حتى تنتهي فترته الثانية هو الحل ألاسلم. بعبارة أخرى ليس لدى بوش الرغبة في مواجهة شارون واغضاب اليمين المسيحي والمحافظين الجدد في الادارة. يفضل التركيز على الامور الثانوية مثل انتخابات فلسطينية هنا وهناك، مساعدات لهذا المشروع او ذاك ولكن ازالة الاحتلال لا يحظى بالاهمية. ويضيع الوقت ويقوي شارون قبضته على الضفة الغربية والقدس ويلوموا الفلسطينيين لعدم تأسيس واحة من الهدؤ والخنوع الديمقراطي وقبول املاءات شارون.

ونقرأ في الصحف الاميركية أن الادارة الاميركية ستساعد في تعويض 8000 مستوطن للخروج من غزة. اين تعويض 100 الف فلسطيني دمرت اسرائيل منازلهم تحت ذرائع أمنية. الولايات المتحدة عاجزة عن اقناع اسرائيل في تفكيك بعض الحواجز العسكرية. وكيف نتوقع ان تستطيع الولايات المتحدة اقناع اسرائيل بالانسحاب من الاراضي المحتلة او اخلاء مستوطنات كبيرة. ويردد بوش كالدمية الناطقة اصرارات شارون انه يتعين على الفلسطينيون أن يخلقوا مؤسسات ديمقراطية مثل السويد والدنمارك وتأسيس واحة من الهدؤ والرخاء على غرار فلوريدا أو سويسرا اولا وبعد ذلك سيوافق على الدخول في مفاوضات السلام.

اي يرّدد بوش ما يقوله شارون ويضع شروط تعجيزية للهروب من عملية سلمية حقيقية. ولا أشارك المتفاؤلون ان عام 2005 سيجلب السلام للمنطقة بل العكس المذابح مستمرة واستهداف الاطفال بات تمرينا روتينيا للقوات الاسرائيلية.

في الوقت الذي تتحول فيه انظار العالم الى كوارث جنوب شرق أسيا الطبيعية التي أدّت الى مقتل عشرات الالوف ودمرت الاف المنازل، في هذا الوقت لا تزال الالة العسكرية الاسرائيلية بالمباركة الاميركية تقتل الابرياء وتهدم المنازل. أين المساعدات والاهتمام العالمي لانقاذ ضحايا شارون وايقاف الجرائم. ما فشلت الطبيعة القيام به في فلسطين، شارون وزمرته العسكرية مدعومين من دافع الضرائب الاميركي يقوموا بالمهمة التدميرية والعالم يبقى صامتا. الصامت على الجريمة هو شريك او على الاقل متأمر.

وانتخاب محمود عباس لن يساعد في حل سلمي حيث سيجدوا اعذارا انه عجز عن اشعال حرب اهلية للقضاء على "الارهاب" ولهذا اتوقع ان يفشل محمود عباس في تحقيق الاهداف السياسية الفلسطينية لان شارون وبوش سياساعدوا في افشاله.

الكثيرون يعلقوا آمال كبيرة على كونداليسارايس. هذه السيدة تعرف تماما انه لا مستقبل لها في المناصب العليا اذا تبنّت مشروع سلام يغضب شارون والمحافظون الجدد. هل مبادئها اقوى من مصلحتها الشخصية.
يتوقع البعض انها ستبدأ دورها كوزيرة خارجية بزيارة لعدد من دول الشرق الاوسط لتقييم الوضع. وعليها قبل ذلك ان تعيد النظر في مصير اكبر المساعدين في دائرة الامن القومي ومسؤول عن ملف الشرق الاوسط واكبر مؤيد لشارون ومنهج شارون وهو ايليوت ابرامز. هل سيبقى مكانه وهل سيلعب دورا هاما في العملية السلمية وهل سيتم نقله الى وزارة الخارجية.

بقاء هذا الشخص في الادارة الاميركية سيعيق اي محاولات جادة للسلام.

البعض يعتقد ان الرئيس بوش قد يعيّن مبعوث خاص للشرق الاوسط لدراسة الوضع واذا كان هذا المبعوث على مستوى متوسط او لم يسمع باسمه احد سوف يفشل كما فشل الجنرال زيني وتينيت وميتشل وبيرنز وغيرهم من تعساء الحظ الذي جرّبوا حظهم ولكن شارون استطاع ان يحلق لهم عالناشف.

وكتب وارن كريستوفر وزير الخارجية الاميركي السابق في الفترة 1993 الى 1997 وهو الان مديرا لمجلس المحيط الهاديء للسياسة الدولية الذي مقره في لوس انجيلوس مقالا في الوول ستريت جورنال يحث الادارة الاميركية على استغلال الفرصة المتاحة الان متشجعا باحتمال انتخاب محمود عباس وتدفئة العلاقات المصرية الاسرائيلية وموافقة الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بمد العون المادي للفلسطينيين، بالتحرّك بسرعة وجدية لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي.

ولكن اهتمام الولايات المتحدة في هذا الوقت هو مجرد بيانات كلامية. لا يوجد خطوات عملية على الارض. وربما تكتفي كونداليسارايس بديبلوماسية الهاتف التي اعتمد عليها كولن باول وفشل فشلا ذريعا. لا بديل للجلوس امام الاطراف والضغط الحقيقي ووضع خطط مقرونة بتواريخ للتنفيذ مع تواجد مراقبين محايدين على الارض ليتأكدوا ان الاطراف نفذّت الخطوات المطلوبة. أما ترك الموضوع والاجندة بيد شارون سوف لا يؤدي الى اي سلام وسنعود لحلقة القتل والانتقام وهكذا.

ويتعين على كونداليسارايس ان تخصص شخصية معروفة مثل جيمس بيكر او جون دانفورث او جوزيف ليبرمان ويعطى صلاحيات كاملة ويتحدث باسم الرئيس بوش. وارن كريستوفر يعتقد أن بيل كلينتون وجيمي كارتر يمتلكان الخبرة الكافية ومعرفة القضية واللاعبين في مسرح الشرق الاوسط معرفة جيدة ويقترح تعيين أحدهما للمهمة.

وعلى بوش أن يقرر هل يريد دخول عتبة التاريخ كرجل ستطاع تحقيق سلام عادل في منطقة الشرق الاوسط أم انه يريد الالتحاق بطوابير المخاصي الذين حلق لهم شارون عالناشف من أمثال كولن باول وطوني بلير.

نهاد اسماعيل - لندن