لكل عمل جدوى.. ولكل جهد ثمرة.. ولكل قول فائدة.......

وأصبحنا في حيرة من جدوى عرض هذا المنهج الفضائي...!!! أكان بسبب شهرة الفضائية أم أضفاء اللون الفاتح على علاقة الدكتور أياد علاوي بحزب البعث الاشتراكي أيام سلطته.

ولكن المهم والمفيد في هذه السيرة هي ما ذكره من أحداث عاش بها الشعب العراقي وتتبع خطاها أولا بأول أذ كانت نتائج هذه الاحداث تنعكس على المجتمع.

أوضحت هذه السيرة كيف كان صدام يساير البكر ويتمسكن له لحين أستطاع أن يقفز عليه وينهي دوره السياسي ويتربع على الحكم بنفسه فقط.

كذلك ويجد المستمع طبيعة التعامل بين هذه الكوادر الحزبية المتقدمة وكيف أن السلاح هو الوسيلة الوحيدة لانهاء أي سوء تفاهم بينهم..

وكيف أستطاع الرئيس السابق أن يشكل نواة مخابرات أطلق عليها أسم العلاقات العامة وقد أنتمى اليها أفراد متمرسون في العنف الثوري وفي التصفيات الجسدية وخلالها أستطاعت قيادة البعث الجديدة القضاء على كل خصومها السياسيين سواء أكانوا بعثيين أو غيرهم.

وظل هذا الجهاز (جهاز العلاقات العامة ) ثم تطور الى المخابرات العامة ويعمل لصالح طموحات الرئيس صدام وقد نجح الرئيس في هذه التشكيلات المخابراتية ونجح أيضا في توظيف القناعات التي أستطاع أن يغلف بها أغراضه الخاصة وطموحاته الداخلية لاجل البقاء في السلطة لا كحزب فقط ولكن كفرد. ودعا أيحاءا الى أنتقال السلطة الى أحد أولاده...

ومن رقصات الموت التي أخرجها الرئيس السابق هو دعوته لاجتماع حزبي في قاعة الخلد في جانب الكرخ وبعد أن أغلق الابواب ووضع الحراسة عليها بدأت مسرحية محاكمة الحزبيين المتقدمين من أعلى المراتب مثل محمد عايش وغيرهم من الكوادر المتقدمة وأخذ يستند على تهم كان قد هيأها وانتهت هذه المسرحية.بأعدام 21 قيادي كما روى ذلك رئيس الوزراء وكان صاحب السيرة شاهد عيان على تلك الفترة العصيبة التي مرّ بها العراق وقد واكب هذه المرحلة فترة ثم وجد أن هناك تقاطع في الفكر والاسلوب وفهم نظرية البعث تمنعه من الاستمرار معهم. بعدها قرر علاوي السفر الى سوريا ومنها الى بريطانيا بهدف أكمال الدراسة.

أن دولة الرئيس ترك آثار أبهامه على الساحة السياسية للمعارضة العراقية وقد أسس حزب الوفاق الحزب الذي يضم أكثر الاحزاب من العسكريين ووجوه وعقول متميزة واستطاع دولة الرئيس أن يحافظ على مجموعة الوفاق وأبقى شعرة معاوية بينه وبين كل مآزر وعضو ومندفع لاسقاط نظام البعث في العراق باقية لا تقطع حتى مع الذين أختلف معهم وتركوا حزب الوفاق.

وبقى يحافظ عليهم ويساعدهم حتى قيل أن أحدهم كان له مشكلة في شمال العراق ولولا الاتصال بين الوفاق ومسعود البرزاني لانتهت حياة هذا العضو الوفاقي القديم.

دولة الرئيس في سيرته يملك جرأة تزيد عن أي سياسي آخر فقد تحدث بالتفصيل وبأسهاب كيف أتصل بالحكومة البريطانية..ومع من! وكيف أتصلت به الولايات المتحدة...... ورحب بهذا الاتصال!!! وكيف كانت علاقاته مع الانظمة العربية والتركية قائمة وبشكل واسع والكل يعمل لانهاء حكم البعث آنذاك.

وهذا ما جعله يعلن قبل بدء السيرة بأن له أتصالاته بالمخابرات الاجنبية وعددها 16.... نحن نعود الى جيل أسبق بفكرنا وتعاطينا للقضايا العامة وعلاقاتنا مع الغير الاجنبي يوم كان نوري السعيد يستبق أي أغتشاش أمني فيجمع الشباب ذوي الماضي المشاغب ويدعهم في مراكز الشرطة حجزا حتى تنتهي زيارة أحد رؤساء حلف بغداد.

وكان هؤلاء المشاغبين يستطيعون أن يحددوا موعد مجيء رجال الامن لاخذهم فكانت ( يطغاتهم وملابسهم حاضرة ومهيئة) ويذهبون بكل طواعية.. ولهذا جيلنا كان يتحسس كثيرا لتلبية دعوة السفارات في أحتفالات أستقلال بلدهم ولا ننكر أنه كانت بعض الاتصالات تحدث لكن بسرية كاملة لكن لم يكن بينهم من يملك جرأة دولة الرئيس في حديثه عن السيرة والوطن...

تتراقص أيضا في ذهني أسئلة لكنها محيرة وأنا أتابع هذا المنهج التلفزيوني؟ وأريد جوابا.....

_ لماذا أعد الآن بالذات هذا المنهج وما هو القصد منه...؟

_أهذا المنهج هو حكاية وداع ونهاية مرحلة..؟ أم أنه تجديد للرآسة المقبلة بدعم أمريكي من القوى طالبة الديمقراطية الامريكية... حتى يشرح دولة الرئيس خفايا نفسيته وعمق نضاله ومدى تضحياته التي كادت تذهب بحياته جراء محاولة الاغتيال الاأخلاقية من قبل المخابرات العراقية... أم أنه تحذيرا لمنافسيه كي لا يزاودوا عليه بالوصل والعلاقات الودية مع القوى الامريكية.

والسؤال الاخير الذي يراودني هل أن هذا المنهج هو جزء من الديمقراطية ومظاهرها أم أن هذه الديمقراطية وحرياتها ستعطى الى البعض ويحرم منها البعض الآخر وفي كل الاحوال لو أن دولة الرئيس أعاد تقييم ما واجهه أثناء قيامه بالسلطة وشخص كوامن الالم الذي سببه في النجف والفلوجة واقتنع بأن أحتواء المقاومة وشعار الحوار والتفاهم هو أجدى من القصف والتدمير لمدن كاملة لاستطاع أن يجمع فئات كبيرة من العراقيين ممن يؤمنون أن الوجود الامريكي في الوقت الحاضر ضرورة ملحة. كما يستطيع أن يضع حدا فاصلا بين الارهابيين والمتسللين وكل وطني غيور هو ضد الارهاب.

والايام الاتية والمستقبل القريب سيعطي لدولة الرئيس ما يستحقه من مكانة.

بقلم المحامي خالد عيسى طه

رئيس منظمة محامين بلا حدود

ونائب رئيس جمعية المحامين البريطانية/العراقية

E mail [email protected]