أن السلام ليس شعارا يرفع أو رمزا يلوح به أو قلادة تقلد. السلام غاية انسانية قصوى، ينشدها الخيرون من البشر. لذلك السلام لا يأتي جدليا أو ذاتيا، وانما يصنع بارادة حرة واعية، تعرف حقوقها وتصون حقوق الاخرين. لو تاملنا سريعا تاريخ القديم، لوجدنا ان معظم الامبراطوريات قد أنشأت عبر الزمن بالقوة والترهيب و اخضاع الغير من الامم والشعوب الضعيفة لسيطرتها، أمبراطوريات أنجبت وصنعت الكثير من القادة الطغاة والعتاة ولم تمنح الانسانية حضارة مشرقة الا ما ندر، لذلك حملت منذ نشأتها بذور سقوطها لانها بنيت على اساس الظلم الاجتماعي و مصادرة حقوق الاخرين. وظلت الرغبة الجشعة في جني الاموال و السيطرة و الشهرة تدغدغ عقل البشرية بين الحين والاخر، الا ان اغرق العالم وفي العصر الحديث بالدماء مرة أخرى، حيث احرقت اتون الحرب العالمية الاولى والثانية حضارة العالم المعاصر و ازهقت أرواح الملايين من البشر الابرياء. عنده تنبه المجتمع الدولي الا هول الكارثة الانسانية، لذلك بدأ يشرع قوانين تجعل العالم اكثر امنا عبر لوائح حقوق الانسان، حقوق المرأة، حقوق الطفل، حماية البيئة، الخ..

تحمل حضارة وادي الرافدين السفر الاكثر اشراقا بين حضارات العالم القديم،أذ رفدت الدنيا بالحرف والرقم والتشريع. هذه بابل سحرت الالباب والقلوب وهي حاضرة العالم القديم. وجنائنها المعلقة مازالت تحكي قصة المعمار و الابداع. وهاهو اليوم بلد الرافدين، العراق الحبيب، منذ سقوط الطاغية يتعرض لموجة عنف وترهيب تحاول اغراقه في دوامة الدم واليأس والقنوط، لكي تعيق ارادة شعبه الطيب المصر على بناء وطنه المدمر على اسس الديمقراطية وحرية الراي و حقوق الانسان. ولكن هؤلاء الظلاميون، يضربون الاخضر واليابس في ارضنا الطيبة، ولكنهم واهمون، واهمون في أن ينالو من ارادة الشعب العراقي بكافة اطيافه وقومياته، أرادة قد صقلت بروح كلكامش التواقة الى الخلود، وأصرار (دموز) على العطاء رغم رحلة الالم، أرادة تحمل كبرياء بابل و شجاعة نبوخذنصر. ماضون في درب البناء والاعمار، ماضون الى الديمقراطية عبر الانتخابات، ماضون الى السلام رغم الجراح ونار التفجيرات. لنقرع اليوم معا شعبا وقلبا نواقيس السلام بميلاد رسول السلام، هاتفين بان السلام الاتي الى أرض الحضارات و مهد الاديان.

روند بولص
العراق/عنكاوا
[email protected]