"إتحاد الشعب" و.. مسيلمة الكذاب!!


منذ اليوم الأول للحملة الإنتخابية، ومع كل يوم يقترب فيه التصويت لإنتخاب الجمعية الوطنية التأسيسية الإنتقالية، مقروناً بإصرار غالبية الشعب العراقي على المشاركة بالإنتخابات، متحدية كل المصاعب والمحاذير، إدراكاً منها لأهميتها في تقرير مصير العملية الديمقراطية ومستقبل العراق السياسي والإجتماعي.. راحت تتصاعد العمليات الإرهابية، وبخاصة جرائم القتل الجماعي العشوائي للعراقيين الأبرياء، الى جانب تهديد العوائل بالقتل لمنع المواطنين من المشاركة في الانتخابات، التي ستنبثق عنها جمعية وطنية منتخبة تختار رئيساً للجمهورية ونائبيه، وتشكل حكومة عراقية شرعية، وتصيغ الدستور الدائم للعراق الجديد،العراق الحر والمستقل والديمقراطي، الذي سيعرض على الشعب في إستفتاء عام لإقراره، ومن ثم التفاوض مع القوات متعددة الجنسية لجلائها عن الأراضي العراقية..
وضمن الأعمال التخريبية شرع أيتام النظام المقبور بحملة إعلامية مغرضة ضد القوى الوطنية المشاركة في الإنتخابات، بهدف الإساءة لها وتشويه برامجها ومواقفها وهويتها الوطنية والطبقية والفكرية والسياسية.. بهذا المعنى جاء مقال:" قائمة إتحاد الشعب..ما لها وما عليها"(أصداء"إيلاف"،21/1/2005)، الذي يوحي عنوانه، للوهلة الأولى، بأنه يناقش إيجابيات وسلبيات البرنامج، الذي طرحته "إتحاد الشعب".. لكنه سرعان ما يخيب ظن القارئ،الذي لن يجد، بالواقع، شيئاً من هذا، وإنما سيصاب بالقرف والغثيان لكثرة ما تضمنه من لغو ممل وتفاهات سخيفة، طالت كافة القوى الوطنية والاسلامية المشاركة في الإنتخابات..
ما ورد في هذا المقال يدفعنا للتساؤل: لماذا " حضيت" قائمة "إتحاد الشعب" لحد الآن بمثل هذه الحملة الإعلامية العدائية المسعورة؟!!..
ألأن "إتحاد الشعب" ليست قائمة حزبية ضيقة، وإنما هي إئتلافية، سعت لأن تعبر عن كل أطياف المجتمع العراقي وموزائيكه المتنوع، ضامة، الى جانب الشيوعيين، مستقلين، وديمقراطيين يساريين، وممثلي منظمات المجتمع المدني، من الشخصيات السياسية والنقابية والمهنية والأكاديمية، ووجوه إجتماعية وثقافية وتربوية وحقوقية وعلمية وأدبية وفنية معروفة، من كافة القوميات- عرباً وأكراداً وتركماناً وأشوريين وكلداناً ومندائيين وأرمناً ويزيديين وغيرهم، ومن مختلف الأديان، والطوائف، والمهن الرئيسة، من شغيلة وكادحي اليد والفكر، رجالاً ونساءاً، من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، الى جانب المهارة والمقدرة للعمل في البرلمان القادم؟!!..
أم لأنها تميزت بأكبر عدد للنساء (91 إمرأة،أي ثلث القائمة) من خيرة المرشحات،وذلك إعترافاً بحق المرأة ومساواتها بالرجل، وتقديراً لدورها في العملية السياسية الراهنة والمستقبلية، بمعنى أن الحزب الذي يقف خلف القائمة لم يعتبر المرأة يوماً "ناقصة عقل" أو أن موقعها في المجتمع هو " موقع ثانوي"، مما يجعل النساء، والرجال- من المناصرين لقضية المرأة، يثقون بهذا الحزب، أكثر من ثقتهم بأحزاب تتبنى مواقف، وتطلق وعوداً انتخابية لتطمين النساء قبل الانتخابات، سرعان ما تتبخر بمجرد وصولهم إلى البرلمان؟!!..
أو لأن القائمة، التي تميزت، أيضاً، بالرمز المعبر، الذي أختير لها: شمس الأمل الحاضنة لتحالف "إتحاد الشعب" والمشرقة على شعاره الرئيس " للسلام.. للديمقراطية.. للتآخي القومي..!"، الذي نحن وشعبنا اليوم بأمس الحاجة اليه، متطلعين الى المستقبل الأفضل بكل ثقة وعزم وإيمان، والأمل كبير بعودة البسمة للعراقيين قريباً، وأن تتعزز ثقة شعبنا بنفسه، ويأخذ زمام أموره بيده، كي يعيش حراً مستقلاً وينعم بخيراته، متخلصاً من الحروب، وبراثن الدكتاتورية وتراثها وتداعياته، ومن الإحتلال المقيت، وأن تسود بين أبنائه وقواه وأحزابه ومنظماته ومؤسساته علاقات إنسانية، وإحترام متبادل، ورابطة المواطنة، التي تعلو على كل شيء، وسمو هوية الوطن- العراق- الواحد الموحد.. وكل ذلك أثار عقيرة أعداء الشعب؟!!..
أم لأن تحالف "إتحاد الشعب" صاغ، في هذا المنحى، برنامجاً إنتخابياً وطنياً ديمقراطياً، يخدم مصالح أوسع جماهير الشعب العراقي، هدفه الأساس بناء دولة ديمقراطية ومستقبل زاهر للعراق، مشدداً في هذه المرحلة على المطالب الاجتماعية، وعلى ما يواجه المجتمع العراقي من مهمات اَنية وملحة، كإحلال الأمن واستتبابه، وإشاعة الاستقرار والطمأنينة. توفير الخدمات العامة المجانية،الصحية والتعليمية والثقافية، وتحسينها، وتطويرها. ضمان العمل، ومكافحة البطالة، من خلال توفير فرص العمل الحر والنزيه للرجال و النساء، الى جانب الضمان الاجتماعي، والتقاعد، والتعويض، ورعاية الأمومة والطفولة وحمايتها، وضمان حقوق كافة المتضررين من النظام السابق، وفي مقدمتها: إعادة المفصولين السياسيين إلى وظائفهم وضمان كافة حقوقهم، تعويض عوائل الشهداء والمغيبين، استعادة حقوق المهجرين والمهاجرين. حماية أموال الدولة وممتلكاتها وثروات الشعب. مكافحة الرشوة والفساد. الإصلاح الاقتصادي الذي يخدم مصالح البلاد الأساسية،وصولاً لبناء اقتصاد عراقي مستقل. البدء فوراً وجدياً بعملية الأعمار وإعادة بناء البني التحتية. الشروع بمعالجة المشاكل البيئية ومكافحة التلوث، ونشر الوعي الصحي والثقافة العلمية؟!!..
أم لأن البرنامج الإنتخابي لتحالف "إتحاد الشعب" يشدد على موقفه الواضح والصريح من مستقبل العراق الديمقراطي، وإنهاء الاحتلال، وتعزيز الإستقلال والسيادة الوطنية التامة، ساعياً لبناء دولة قانون تحترم حقوق الإنسان والحريات المدنية الأساسية- دولة ديموقراطية، وحكومة وطنية قائمة على مؤسسات ديموقراطية، ودستور تحرري دائم للبلاد، وأنهاء الأحتلال، وتعزيز أستقلال العراق وسيادته- عراق جمهوري، تداولي، فدرالي، وتعددي موحد، يحترم ويصون حقوق المواطنين، وكافة حقوق القوميات العراقية؟!!..
أو لأن برنامج "إتحاد الشعب" يدعو، من هذا المنطلق، الى نبذ العنف، والإستبداد، والتسلط، والهيمنة، والطائفية، والشوفينية، وكل أشكال التعصب والتمييز القومي والطائفي والسياسي. ويناضل في سبيل السلام والأمان والديمقراطية والتآخي القومي، من اجل عراق يحتضن جميع أبنائه وبناته، ويضمن العدل والمساواة بين كافة مواطنيه، رجالاً ونساءاً، وعلى إختلاف قومياتهم وطوائفهم واديانهم ومذاهبهم، في ظل الإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي؟!!..
أم لأن تحالف "إتحاد الشعب"، أعلن، من هذا المنظور، بأنه لا يرغب الإنفراد بالسلطة، معتبراً هذا الأمر غير واقعي في الوقت الحاضر، وبدلاً من ذلك ينشد التحالف الوطني على أساس برنامج ديمقراطي يطمئن مصالح جميع اصحاب المصلحة الحقيقية بالتغيير.وهو صادق في ذلك، ولا يروم الألتفاف ولا المراوغة أو المناورة، ساعياً بكل إخلاص ونكران ذات الى تحقيق برنامجه الوطني اليمقراطي، معتمداً الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة كأساس في بناء المجتمع العراقي الجديد، ضمن دستور دائم، ومؤسسات دستورية تحفظ لجميع العراقيين حقوقهم، وتحترم هذه الحقوق وتصونها، متمسكاً بعراق ديموقراطي تداولي تعددي موحد، يتصدي لقيام أي دكتاتورية في العراق مهما كان لونها..عراق اَمن ومستقر.. عراق مستقل وكامل السيادة.. عراق ديمقراطي ومتحرر من كل أشكال الهيمنة؟!!..
لماذا الحقد والكره للحزب الشيوعي العراقي ولقائمته "إتحاد الشعب"؟!!..
ألأن الحزب الشيوعي هو الذي أطلقها وتبناها،معطياً إياها صدقية لجهة طابعها العراقي العام،والوطني الديمقراطي، لكون هذا الحزب، ومنذ تأسيسه، حاضنة طبيعية لكل تنوعات المجتمع العراقي القومية والدينية والإثنية.. وهو الحزب الوحيد الذي يقدس الهوية الوطنية العراقية، ويجد فيه المسلم الشيعي نفسه جنباً إلى جنب المسلم السني، وإلى جنب المسيحي، والأيزيدي، والصابئي، فضلاً عن العربي، والكردي، والتركماني، والكلدواَشوري، بأخوة ورفقة وإحترام متبادل، لا مكان فيها للفوارق،إلا بالإخلاص لجهة الأهداف التي يناضلون من أجل تحقيقها للبلد كله وليس لطائفة أو مذهب أو قومية محددة؟!!..
أم لتميز الحزب الشيوعي العراقي بموقفه الواضح والصريح، على مر تاريخه المديد، من القضية القومية في العراق، متبنياً، منذ تأسيسه، حق تقرير المصير للشعب الكردي، والحقوق الثقافية لباقي القوميات العراقية، ولم يكن موقفه هذا في أي يوم من الأيام عرضة للمساومة أو للف والدوران والمناورة؟!!.. أم لأنه الحزب العراقي الوحيد الذي لا يجرأ أحد إتهامه بالطائفية والتعصب القومي والحزبية الضيقة؟!!..
أوألأنه الحزب العلماني الذي يحترم الدين والمعتقدات الدينية، وتحديداً الدين الإسلامي، والأديان الأخرى احتراما كاملا، ويحرص على التعامل مع المشاعر الدينية لملايين المؤمنين بكل اجلال وتقدير، وضمان حرية المؤمنين في ممارسة شعائرهم وطقوسهم،والجميع يعرف بان الحزب الشيوعي العراقي ضمّ على مدى تاريخه المديد، ويضمُّ الان، الالاف من المؤمنين الذين يؤدون فرائضهم الدينية بكل حرية،فلا وجود لأي تعارض بين إيمانهم الديني، وبين نضالهم في صفوف الحزب الشيوعي العراقي من اجل حرية الوطن وسعادة الشعب، ومن ناحية اخرى يمتلك الحزب علاقات طيبة ومتينه مع العديد من الاحزاب والقوى الاسلامية، ويسعى الى تطويرها باستمرار، لما فيه خدمة ابناء شعبنا العراقي. وتوفير العيش الكريم لهم، وبناء عراق ديمقراطي يضمن للعراقيين جميعا التمتع بحرياتهم وخيرات بلدهم، ويحقق لهم العزة والكرامة والسلام؟..أم لأنه يعتبر قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية من أنضج وأفضل القوانين التي حصل عليها العراقي على مر تاريخ العراق، حريصاً على تضمين التوجهات العامة لهذا القانون المؤقت في الدستور الدائم؟!!
لكل ذلك فأن تحالف " طريق الشعب" يمثل قاسماً مشتركاً للمكونات الأساسية للشعب العراقي، وعاملاً مهماً لتعزيز الترابط المصيري بينها. وإن إيصاله الى البرلمان المقبل، من خلال التصويت لقائمته، يعد صمام امان لانتصار الديمقراطية ولانهاء الاحتلال وتعزيز السيادة الوطنية التامة.وإن أصحاب المصلحة الحقيقية في وصول مرشحي قائمة "إتحاد الشعب" الى البرلمان القادم هم ملايين العراقيين، من مختلف القوميات والطوائف والأديان والمذاهب، ولاشك أن وجوده في البرلمان وفي لجنة صياغة الدستور الدائم هو ضمانة أكيدة لينص على حقوقها ووضع حد للتهميش والتمييز والهيمنة..
والخلاصة: إن "إتحاد الشعب" قائمة كل العراقيين الخيرين الذين يتفقون مع برنامجها الوطني الديمقراطي ويطمحون الى تحقيقه، بإعتباره برنامجهم وأصحاب المصلحة لتحقيقه!
فمن يقف ضد هذا التحالف وبرنامجه؟
إن المدعو طارق إسماعيل (وهو ليس الدكتور طارق إسماعيل- أستاذ العلوم السياسية في جامعة كالغاري بكندا، وإنما هو إسم منتحل- على الأرجح) أحد أعداء البرنامج المذكور، مدللاً بما لا يقبل الشك بأنه ليس فقط حاقداً لحد النخاع،نابشاً في الماضي السحيق الذي أكل عليه الدهر والشرب منذ عشرات السنين، مزوراً إياه بصفاقة.. نشير هنا الى زعمه بأنه " يعرف الشيوعيين جيداً"، وإعلانه بأنه" سيكشف أوراق الشيوعيين العراقيين أمام الشعب العراقي"، بينما هو لا يلم بحقيقة ما طرحه.. فلنأخذ مثالين من "إكتشافاته الفذة":
*الأول- زعمه بأن شاعر العرب الكبير محمد مهدي الجواهري هو " شيخ الشعراء الشيوعيين".. فهل هناك جاهل بمعرفة تاريخ الجواهري وهويته أكثر من هذا الكويتب الغبي؟
* الثاني- زعمه،سعياً منه للطعن بثوابت الشيوعيين العراقيين، بأنهم " دخلوا العراق في ظل الدبابات الأمريكية"،متساءلاً: " ألستم أول حزب يتخذ له مقراً في أم قصر حتى قبل أن تكتمل عملية تحريرها؟".. وهو يكذب بشكل مخجل، لأن الحزب الشيوعي العراقي- كما يعرف القاصي والداني- موجود، منذ سبعبن عاماً،على أرض العراق، ولم يتركه يوماً واحداً. والشيوعيون العراقيون كانوا حتى يوم سقوط النظام البعثي الفاشي يقارعون، مع مناضلي أحزاب أخرى، أجهزنه القمعية في عقر داره، ويقضون مضاجعها.وهوالحزب الوحيد، الذي كانت جريدته السرية" طريق الشعب" تطبع وتوزع في الداخل. وكانت له إذاعته السرية التي تبث من أرض العراق. ونتحدى مسيلمة الكذاب هذا، أن يذكر ولو إسم شيوعي واحد دخل مع الدبابات الأمريكية،وهو الجاهل، أو المتجاهل عن قصد، مواقف الحزب الشيوعي العراقي الواضحة والمعروفة للجميع، بإعتباره أول من وقف ضد الحرب وضد الغزو والإحتلال،لا أسفاً على نظام صدام حسين، بل لإدراكه بان للحرب والغزو والإحتلال مستحقاتها وتداعياتها الخطيرة.وقد نبه إليها مراراً وتكراراً، وها نحن نحصد وشعبنا، منذ عشرين شهراً، نتائجها..
أما ردنا على الشق الثاني من الكذبة، فنقول، وبإختصار، أن الحزب الشيوعي العراقي ليس له مقر في أم قصر لحتى يومنا هذا، وليذهب الى البصرة ويتأكد من كذبته هذه!
إن طارق إسماعيل، يثبت في مقاله الطويل والممل هذا بأنه ليس أكثر من مهرج تافه، لا يورد شيئاً جديداً ضد مواقف وسياسة الحزب الشيوعي العراقي، واضعاً قائمة "إتحاد الشعب" عنواناً لمقاله، ليروج لإفتراءات معروفة منذ نحو نصف قرن، وهي مجتزئة من أطنان المجلدات الصفراء المفبركة،إبتداء من عهد سيء الصيت بهجت العطية و تحقيقاته "الجنائية" ودوائر "الأمن العامة" الأخرى، والمخابرات البريطانية والأمريكية( ومنها تقاريرها وقوائمها، التي سهلت لإنقلاب 8 شباط 1963 الفاشي الإستيلاء على السلطة، وإقتراف قطعان " الحرس القومي" للمجازر بحق الشيوعيين وأنصار ثورة 14 تموز 1958) وإنتهاء بأجهزة المخابرات البعثية و" القومجية" وإفتراءاتها الخائبة للنيل من سمعة الشيوعيين العراقيين وتشويه مواقفهم ونضالاتهم الوطنية.. معتقداً وهو الجاهل بأنها "ستعبر" على القراء..
إن ما أحتواه مقال مسيلمة طارق إسماعيل الكذاب من براثن وسموم نتنة مغرضة، ونشره في هذه الأيام، ما هو إلا عملية مقصودة، حيث سيخوض شعبنا العراقي لأول مرة في تأريخه الإنتخابات العامة، التي نأمل أن تكون نزيهة وذات مصداقية،الغرض منها الإساءة للقوى الوطنية، المشاركة فيها، وبخاصة الحزب الشيوعي العراقي، الذي تحرز قائمته "إتحاد الشعب" المركز الثاني في إستطلاعات الرأي المختلفة.ويبدو ان هذا الكويتب وأمثاله يدركون بأن نتائج الإنتخابات ستشطب الى الأبد على اَخر حلم لأيتام صدام وأزلامه بعودة نظامهم المقبور.
-------------
* كاتب عراقي مقيم في السويد