لا شك بان فشل الدبلوماسية العربية امام استحقاقات قضاياها المصيرية والملحة للراي العام الغربي والامريكي على وجه الخصوص يعود الى الخلل الذي يعتري الهيكليات السائدة في بلدان حوض المتوسط القائمة على احتكار السياسات وعدم الرغبة في التغيير.

ان الخوض في شرح عناصر نجاح الدبلوماسية ليس صعبا في ظل انكشاف العورة العربية التي باتت تتلقى الضربات من كل اتجاه لبعدها اولا عن ارادة جماهيرها ولاتجاهها نحو التحرر من نافذة الاباحية كاحد عناوين التغيير والبعد عن التشدد ومنح الحريات من جانب اخر كاحد اشكال الطمانة لاستحقاقات التغيير ولدرء الضغوط الدولية على هذا الصعيد.

كي لا نبتعد عن محور الموضوع الذي خصص له هذا المقال نقف عند الحالة الفلسطينية التي عايشت اربع سنوات من الانتفاضة والاحداث العاصفة داخليا على المستوى الامني وهي نفسها السنوات التي شهدت تجردا سياسيا واعلاميا في ظل الحصار الذي فرضته القوة على الدبلوماسية الفلسطينية في نفس الوقت الذي شهدت به اسرائيل اعلى مستويات النجاح الدبلوماسي خلال السنوات التي شهدت عقرا فلسطينيا

لا يمكن تبرئة الجانب الفلسطيني من الفشل الذي لحق بدبلوماسيتها الخارجية وهذا مرده عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب اولا وعدم الاخذ بالعلاقات الدولية الخارجية كحزام امان ومشد لضعف الجبهة الداخلية في ظل فشل المفاوضات وانعدام الافاق السياسية لتسوية الصراع اضافة الى عدم تقنين المشهد السياسي في الموقع الحقيقي والمناسب الا وهو وزارة الخارجية

ندرك ويدرك جميع المتتبعين لحيثيات الصراع استثنائية الحالة الفلسطينية في الدبلوماسية العربية نتيجة للهجمة الاسرائيلية المبرمجة والممنهجة وما واكبها من دعم وقوة دفع امريكية غربية ويدرك الجميع ان حالة الحصار شملت معها كافة الجوانب الحياتية للشعب الفلسطيني وندرك ان قتل الرئيس الراحل سياسيا مثل راس اولويات حكومة شارون وحاشية مستشاريه السياسيين والعسكريين لكن ما لا ندركه ان يعمد المسؤولون الفلسطينيون الى الهرولة نحو اطلاق التصريحات من كل حدب وصوب تاركين للخارجية الفلسطينية مهمة ارشفة البيانات والتصريحات

فرانك لونتس الخبير الامريكي في العلاقات العامة قال قي عدة مؤتمرات صحفية عقدها في الدولة العبرية ان خطة العلاقات العامة الاسرائيلية في العالم جيدة وان اداء وزارة الخارجية الاسرائيلية جيد جدا وخطتها في العلاقات العامة الدولية ممتازة وان وضع اسرائيل الاعلامي خلال السنوات الثلاثة الماضية جيد جدا

ان تقييم الخبير الامريكي الذي عمل مع العديد من الشخصيات الامريكية البارزة لضمان انتخابها لمراكز رفيعة انطلق في تقييمه للدبلوماسية الاسرائيلية من العلاقات العامة الخارجية وقدرتها على تغيير الصورة امام الراي العام العالمي رغم انها اي الدولة العبرية مارست ابشع اشكال الضطهاد ضد الفلسطينيين وعلى راس ذلك هدم المنازل الذي ترفضه كافة القرارات والشرائع الدولية.

هنا يظهر عقم الدبلوماسية العربية والفلسطينية منها في تغيير النظرة العالمية للصراع العربي الاسرائيلي كما يظهر استسلام هذه الدبلوماسية امام البلدوزر الاسرائيلي الذي وظف كافة امكانياته على مستوى العالم لتغيير مجرى الاحداث وهذا ما اوصل الدبلوماسية الفلسطينية الى حالة الشلل التام في ظل المقاطعة الشارونية لاية شحصيات عالمية تخترق الحظر المفروض على الدبلوماسية الفلسطينية

وهنا يجب ان تتعلم الدبلوماسية العربية الدرس وان تعيد هيكلة سياساتها الخارجية بحيث لا تقع ضحية او فريسة للغراب الاسرائيلي الذي ينقب في كافة ارجاء منطقتنا عن مواقع الخلل.. وهنا يجب ان يدرك اصحاب القرار والسلطة ان الرجل المناسب في المكان المناسب خير وسيلة لتحديث السياسات بما يتلائم وساحة الفعل على الارض" اي ارض كانت" فلا مجال لتوزيع الابتسامات في العلاقات العامة الخارجية.

هذه النتائج التي حصدتها الدبلوماسية الاسرائيلية على حساب الدبلوماسية العربية والفلسطينية منها تستدعي من الرئيس الجديد للسلطة الوطنية الفلسطينية اعادة ترتيب وبناء الهرم الدبلوماسي بما يتماشى والقدرة على تجيير الوقائع على الارض للمصلحة الفلسطينية وهذا بدوره سيمنح المجتمع الدولي الامكانية للتدخل بنزاهة ولو مكرها لفرض الحلول وعدم الكيل بمكيالين.

لقد باتت الدبلوماسية العربية ومن خلالها الاعلام ينتظرون صحوة رئيس امريكي سابق او مدير عام في الخارجية الاسرائيلية او موظفة في وزارة العدل تترك منصبها في الدولة العبرية لتعلن ان هدم المنازل سياسة خاطئة وان الجدار الحق الاذى باسرائيل وهذا يعتبر اشد حالات الفشل التي تعانيه السياسات العربية ومن ضمنها الاعلام الذي اعلن عجزه في تقييم القضايا المحورية وصناعة الحدث بما يتلائم وقدسية قضاياه.