وضعت الانتخابات العراقية اوزارها وتكشف المستور وعرفت اوزان معظم العاملين على الساحة السياسية العراقية، ورغم ماتضمن تلك العملية من تزوير الاخوة الاكراد وما تعرض له بعض الناخبين من ضغوط في بعض الاماكن من قبل الاخوة الاسلاميين ممن دعموا قائمة الائتلاف التي دعمتها المرجعية، وقد تبين في النتيجة من هو الرابح ومن هو الخاسر في اول عملية انتخاب حر شابتها الكثير من التكهنات والعديد من محاولات التأجيل والالغاء، وكان لكل من اولئك المحاولين اسبابه ودواعيه، المعلنة منها وتلك الغير معلنة من التي افصحت عنها نتائج الانتخابات، وقد كان الخاسر الاكبر في رأيي هو الحزب الشيوعي العراقي، وكان مفاجأة للكثيرين ممن يعتمدون في رؤيتهم للحزب من خلال رؤيتهم لتاريخ ذلك الحزب فقط ويغضوا النظر عن حاضره، فمما لاشك فيه بأن هذا الحزب له تاريخ كبير، كان لرواده الاوائل دور كبير في ارسائه من خلال تضحياتهم ومواقفهم، ولكن النتائج التي افرزتها الانتخابات والتي جعلت على سبيل المثال ان يحصل حزب الوطن ( بقيادة ) السيد مشعان الجبوري على مقعد واحد، والذي كان يتألف حزبه من عضوين فقط هما ( القائد المؤسس ) مشعان الجبوري
وسكرتيره الخاص العامل معه في مكتبه في دمشق ! في حين حصل الحزب الشيوعي بقيادة السيد حميد مجيد موسى على مقعدين فقط ! وهو ذلك الحزب الذي سبق ان احتل تلك القاعدة العريضة من الساحة الجماهيرية ومناصريه الذين كان لهم الدور الكبير على الساحة السياسية العراقية
فلا اعرف هل هذه النتيجة ملهاة ام مأساة ! فقد حاولت قيادة الحزب الشيوعي جاهدة ان تتحالف قبل اجراء الانتخابات مع بعض فصائل التيار الديمقراطي وكذلك مع الفصائل والتي سبق وان تحالفت معها من خلال التنازلات العديدة التي قدمتها قيادة الحزب للقوى الكردية عرفانا منها ربما بالجميل لقاء احتضان تلك القوى للشيوعيين في ايام محنهم وهي كثيرة في ظل النظام الدكتاتوري السابق، وفي النتيجة لم تفلح قيادة الحزب من استقطاب تلك الاحزاب والحركات، وهذا الحال انما يعبر عن خلل كبير في الرؤى، خلل في طبيعة تفكير القيادة ذاتها والذي ينعكس بدوره على رؤى قواعد هذا الحزب، فالقصور الذاتي في ذلك التفكير ونمطيته ادت في غالب الاحيان الى هذه النتيجة التي تتناقض مع ذلك التريخ حتى بات الحزب وكأنه عملاقا يقف على اقدام قزم كسيح ! يضاف الى ذلك فأن الشيوعيون وعلى مايبدو لايفلسفون الامور التي تجري من حولهم الا على اساس تاريخهم ويغضون النظر عن الواقع وقواه السياسية المحركة والمؤثرة، بل ويبالغوا في نظرتهم الاستعلائية لتلك القوى
يضاف الى ماذكرته فأن تراكم المشاكل الداخلية بين اعضاء الحزب والذاتيات المقيتة التي تميز بها بعض اعضاء الحزب وركضهم وراء التسميات والالقاب حال دون شك الى انحسار دور الحزب وسط جماهيره وفوز الحزب بمقعدين انما يعني ذلك ان هذين المقعدين هن من نصيب مؤسس الحزب ( فهد ) الذي اعدم في العهد الملكي والمقعد الاخر هو من نصيب ( سلام عادل ) الذي اعدم على يد البعثيين عام 1963 والذي كان يشغل مركز سكرتير الحزب، بمعنى ان التصويت كان للتاريخ فقط، نعم كان للتاريخ الكبير وليس للحاضر الفقير .