حسن رأفت أحمد بشندى منفذ حادث الأزهر الخميس الماضى – حسب رواية الأمن المصرى وأعتقد انها صحيحة- طالب إعدادى هندسة لم يتجاوز عمره 18 سنة فهو من مواليد 1987 يعيش بأحد عشوائيات" المقهورة" أقصد القاهرة وأكثرها فقرا، تحديدا عزبة عثمان بشبرا الخيمة.

لم ترتسم على وجهه عند عرض صورته على التلفاز أية ملامح إجرامية بل على العكس ظهرت ملامحه هادئة ذكرتنى بصور متفوقى الثانوية العامة المصرية – ربما كان منهم –.

كان من المفترض و طبقا لما هو معتاد وطبيعى أن يستمر الطالب بتفوقه فهو ينتمى لأحدى كليات القمة (الهندسة ) ليخرج لنا معماريا نابها أو مهندسا للاتصالات أو عالم كمبيوتر أو مخترع، وبدلا من هذا كله قلب المنضدة على رؤوس الجميع وتخرج قاتلا ومقتولا!!!!.

والحقيقة أنه ليس هو القاتل بل هوالضحية.. ضحية قهر المجتمع، ضحية الفقر، إصطدم بالواقع عند خروجه من الحى العشوائى الى حرم الجامعة الذى يعج بنماذج متمايزة طبقيا فكانت الدهشة والصدمة الأولى.

زاد إحساسه بالقهر بإصطدامه بأحذية جحافل الأمن المركزى بدروعهم الفولازية وقنابل الدخان وبطشهم الأعمى بدعوى حماية الوطن.

إصطدم بلوائح وقوائم منع العمل السياسى داخل الجامعة فتلقفته أوكار السلفية المتشددة.

إصطدم بالطبقة المتوسطة المصرية والتى كانت قديما رمزا للتحرر والتقدم وأصبحت الآن رمزا للتخازل و الرجعية واللصوصية، إختفت الطبقة القديمة وحل محلها طبقة مستغلة معظمها عائد من الخارج الجار بقناعات وأفكار متطرفة وإنتهازية وممارسات ومفاهيم دينية مغلوطة تبيح لهم السرقة والمتاجرة بالعملة والنفوس و الأبدان وحتى الأوطان وتحمى نفسها بقشرة دينية هشة ما تلبث أن تنكسر عند أقل مواجهة حضارية مع الآخر.

لم يصطدم بالقهر الإجتماعى وحده بل تعرض لطوفان متطرف وممارسات يومية شديدة التطرف جذبته، بدءاً من فتاوى الشيخ القرضاوى مروراً بكتابات الأستاذ هويدى وكتابات الدكتور زغلول النجار ناهيك عن خطب التحريض الإسبوعية لخطباء الجمعة ولقاءات مع الدعاة الجدد السوبر فضائيين وشرائط الكاسيت بأصوات تحريضية وأخرى مخنثة حتى داخل وسائل المواصلات العامة ومع سائقى الميكروباص والسيارات الخاصة إن أردت،
والكتب الدينية المجهولة
المنتشرة على الأرصفة بدون رقيب ولا حسيب تكتظ بأحاديث نبوية ومرويات غير صحيحة ساذجه وضعيفة فى معظمها (وللتذكرة لمن يعلم وللعلم لمن لا يعلم فإن جمع الأحاديث النبوية الشريفة لم يتم الإ فى العصر العباسى الثانى أى بعد مرور أكثر من مائتى عام على وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم كما أن أكثر من روى عنهم الحديث إثنان أبو هريرة مكث مع الرسول 18 شهراً فقط قبل وفاته وروى أكثر من 5000 حديث بينما لم يرو كبار الصحابة والسابقون الأولون كالصديق رضى الله عنه أكثر من خمسة أحاديث فقط بل أن الفاروق كان يوصى عند توليته عمالاً على الأمصار بأن يقلوا الرواية عن رسول الله والتركيز على القرآن فقط - راجع تاريخ الطبرى الجزء الثانى ولاية عمر -، والآخر هو إبن عباس وكان عمره عند وفاة الرسول لا يتجاوز 13 عاما فكيف يروى كل هذه الأحاديث).

لم يكن الشاب المنفذ للعملية هو الفاعل الحقيقى بل كان قفازاً لآخرين ينعمون بحياة رغدة ويمتطون نساء فى أعمار أحفادهم ويحضرون مؤتمرات ويؤسسون مراكز إفتاء ويملئون علينا
الفضائيات ضجيجاً وصراخاً وتحريماً ويقبضون أموالاً يشترون بها قصوراً بالمنتجعات السياحية ويؤسسون شركات للحج السوبر ويحضرون حفلات زفاف إسلامية بفنادق خمس نجوم.

ماحدث يدعو للآسى ويدعونى أيضا للحزن فالقضية لم تنته بعد فداخل كل بيت من بيوتنا مشروع ضحية قاتلا كان أو مقتولاً والسبيلليس المعالجات الأمنية بل إزاحة كابوس القهر السياسى والإجتماعى بالحرية التى لا نعيش أزهى عصورها ومحاربة التشدد والسلفية المتطرفة بالفكر المستنير وإتاحة صفحات الجرائد وبرامج الفضائيات للمستنيريين أمثال شحرور والبنا والعشماوى وآخرون.

أسامه البرهامى

[email protected]