هلسنكي (رويترز) - تعد قاعة فنلنديا اعظم انجازات المعماري الفنلندي الفار التو اذ يجتذب المبنى المقام بوسط العاصمة هلسنكي مئات الالاف سنويا يحرصون على مشاهدة التحفة الفنية لواحد من أعظم معماريي القرن العشرين. ولكن رغم قلة المباني التي تضارعه في شمال اوروبا يعاني المبنى من خلل.

فالمبنى مغطى بألواح من رخام كرارا الايطالي ناصع البياض وهو النوع نفسه الذي استخدمه مايكل انجلو في تماثيله. ولكن لا يمكن للرخام تحمل الطقس الشتوي قارس البرودة في فنلندا اذ يتقوس ويتشقق ويتفتت ويتطلب استبداله ملايين اليوروات. وسبق بالفعل تغيير الرخام الذي يغطي المبنى الذي عقد به مؤتمر الامن والتعاون في اوروبا التاريخي في عام 1975 والذي يرجع اليه الفضل في التعجيل بسقوط الستار الحديدي. لكن الرخام يتقوس مرة اخرى ويحتاج المبنى لاصلاحات جديدة. ويصر انصار مدرسة التو على احترام تصميمه الاصلي والابقاء على الرخام بينما يدعو منتقدون لاستخدم حجارة أكثر قدرة على التحمل مثل الجرانيت. ويثور الجدل بين فنلنديين فخورين بواحد من أكثر مواطنيهم تبجيلا والذي صمم ايضا اثاثا وانية زجاجية وبين من يقولون ان استخدام الرخام تبذير واسراف.

ويقول مارتي كاسينين مدير قاعة فنلنديا التي عمل بها منذ افتتاحها في عام 1971 "يقول المعماريون يجب ان تظل كما طلب التو .. بالرخام. ويقول مهندسون ان الحجر يمكن ان يصمد لمدة 80 عاما دون تغيير. لذا ينبغي استخدام الجرانيب الابيض." وأضاف "سيظل الرخام موجودا طالما يريد دافعو الضرائب ذلك".

وحين صمم المبني في الستينيات خير التو مجلس مدينة هلسنكي بين لونين الابيض ويتطلب استخدام الرخام والاسود ويحتاج لجرانيت مصقول. وبعد اتخاذ القرار توجه التو الى ايطاليا للعثور على الرخام الذي كان يأمل ان يربط بين ثقافة البحر المتوسط وفنلندا. وبعد عقد من وفاة الفرو في عام 1976 بدأ الرخام يتقوس بالفعل. وثار حينذاك جدل عنيف بشأن استخدام الرخام مرة اخرى او التحول لحجارة اخرى. وتغلب انصار الرخام. وبعد خلاف مثير للحرج استبعد المقاول ومورد الحجارة وأكمل اصلاح المبني في عام 1999. وقال بيكا ميسيماكي الاستشاري في مؤسسة ستونكون والذي أيد في السابق استخدام الجرانيت "كان يجب عدم استخدام الرخام عند اصلاح قاعة فنلنديا. لم يكن هناك اساس لاستخدام مادة لا يمكنها الصمود مع مرور الوقت."

وقال "تصرف التو كان سليما استنادا للمعلومات المتاحة له في ذلك الوقت. لكننا تعلمنا الكثير منذ ذلك الحين. ينبغي ان نستخدم مواد قادرة على التحمل تكريما له." ويقول ماركو لاهتي مدير مؤسسة الفار التو ان الوقت لم يحن بعد لاستبعاد الرخام. وعقب مشكلة الترميم الاولى بدأت مدينة هلسنكي برنامج أبحاث على الرخام بين 1999 و2001. وتستمر التجارب اليوم لتحديد مااذا كان يمكنه تحمل العوامل الجوية. لكن اللون لا يزال موضوعا رئيسيا. ويصر انصار التوا على ان يحتفظ المبنى بلونه الابيض وهو ما يستبعد استخدام الجرانيت اذ يتحول لونه الى الرمادي حين يصيبه البلل.

وقال لاهتي "لو كان التو على قيد الحياة حين ظهرت المشكلة لوجد الحل. ولكن لا يمكنا معرفة ما هو الحل. لست متأكدا من اننا درسنا جميع الحلول الممكنة." ويقول ميسيمكي ان قاعة فنلنديا ستحتاج لعملية ترميم جديدة خلال عشرة أعوام أو 15 عاما. لكن جولة على سطح المبني في ضوء الشمس كشفت وجود تقوسات في الواح الرخام ممن ينذر بتعرض الواح مجاورة لنفس المصير. ويحتمل ان تشهد الاشهر المقبلة اختبارا للابقاء على الرخام الذي يغطي المبني اذ ربما يجري ترميم مبنى اخر صممه التو يقاسي من الاحوال الجوية الصعبة في فنلندا.

وبدأت الواح الرخام التي تغطي مبني انسو-جوتزايت المطل على مرفأ هلسنكي تتقوس ايضا. واستكمل المبنى في عام 1962 ويضم حاليا مقر مؤسسة ستورا انسو العالمية لمنتجات الغابات. وعلى عكس الجدل المرير بشأن قاعة فنلنديا تبدو بوادر مرونة حين يتناول الحديث اعمالا سابقة لالتو. وقال لاهتي "نفكر في انسو-جوتزايت وهو ليس (مبنى) رمزيا (مثل قاعة فنلنديا) ربما يمكنا التوصل لحل هناك." وقالت مؤسسة ستورا اتسو انها لم تتخذ قرارا بعد بشأن المادة التي ستستخدمها عندما يحين وقت الترميم. لكن البعض قرر بالفعل ان الرخام لا يناسب فنلندا. ففي الجهة المقابلة لقاعة فنلنديا استبدل فندق الواجهة الرخامية بالجرانيت. وقال بيكا سالاكا صاحب فندق ديفيدوم اوي "الرخام لا يناسب فنلندا. الشتاء شديد البرودة."